مع كل إعلان عن مقتل جندي إسرائيلي من البدو يظهر جدل عن طبيعة علاقتهم مع إسرائيل، ويغيب خلف هذا الجدل الطابع المعقد لنضالهم في وجه الأسرلة، حيث تعد التجمعات البدوية في أماكن انتشارها في فلسطين عنوانًا لهذا النضال.
فما الذي تشكله التجمعات البدوية في الحالة الوطنية الفلسطينية، وما الذي تتعرض له هذه التجمعات في الخفاء والعلن من إسرائيل وميليشيات المستوطنين؟
ترهيب التجمعات البدوية
يتركز وجود التجمعات البدوية في الضفة الغربية المحتلة في مناطق شرق رام الله والقدس وفي الأغوار وجنوب الخليل وهي المناطق المصنفة "ج"، حسب اتفاق أوسلو، والخاضعة لسيطرة إسرائيلية كاملة مكنت الاحتلال من استخدام كل أنواع الترهيب في حق هؤلاء البدو.
وقد تعرضت تلك المناطق على مدار سنوات إلى شتى أنواع الترهيب أبرزها الاعتداءات الجسدية المباشرة وهدم المساكن وتجريف الأراضي، إضافة إلى الاستيلاء على ممتلكات وإقامة بؤر استيطانية جديدة. كما تم نصب الكمائن ليلًا من قبل المستوطنين لإرهاب الناس العُزّل.
يُضاف إلى ما تقدم منع الرعاة من دخول المراعي المجاورة لهم والحرمان من أساسيات الحياة كالماء والكهرباء، وفق منظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو.
وقد تصاعدت محاولات التطهير العرقي هذه عقب السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إذ تم تهجير ما يقارب 28 تجمعًا بدويًا يتكون من 276 عائلة في الضفة الغربية عام 2023.
مصادرة أراض لصالح الاستيطان
وانتشار البدو على امتداد فلسطين جعلهم بمثابة حراس للأرض يسعى الاحتلال إلى تهجيرهم منها بوسائل غير قانونية وعنصرية، وإعادة توزيعهم في مناطق محددة جغرافيًا لا تناسب نمط وثقافة الحياة البدوية.
ويتعرض هؤلاء لعمليات ترهيب من المستوطنين آخرها عمليات حفر قبور وضعت عليها زهور في رسالة تهديد واضحة لأهالي التجمع البدوي عرب المليحات في مدينة أريحا في 21 يناير/ كانون الثاني 2024.
وقبلها علقوا دمى ملطخة بالدماء على مدرسة للبدو غربي أريحا في 28 أكتوبر 2023.
ويوجد في صحراء النقب 38 قرية بدوية ترفض سلطات الاحتلال الاعتراف بها يسكنها أكثر من 90 ألفًا من بدو النقب، وتحرمهم إسرائيل من أبسط مستلزمات الحياة الأساسية من ماء وكهرباء وبنى تحتية، وفق ما ذكرت صحيفة "العربي الجديد".
كما يسعى الاحتلال لطردهم ومصادرة الأراضي العربية لصالح الاستيطان ضمن مخطط يعرف باسم برافر، الذي أفشله الشباب البدوي بالجنوب.
حالة النضال الوطني هذه دفعت إسرائيل لمحاولة تنفيذ مخطط يسعى لتجنيد الشبان البدو وإغرائهم بامتيازات، بعد الانخفاض المطرد في معدلات الالتحاق بجيش الاحتلال وارتفاع حالات التهرب من الخدمة.
وقال بيان للجيش الإسرائيلي إن أسباب انخفاض التحاق البدو بالجيش سياسية، وإن الأعوام بين 2014 و2021 شهدت انخفاضًا لافتًا بأعداد المنتسبين للخدمة في صفوف الجيش، وفق موقع "واللا" الإسرائيلي.