يتنقل التصعيد والتوتر في السودان وعاصمته الخرطوم التي بدأ نهارها باشتباك مفتوح بالأسلحة الثقيلة بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني.
يأتي ذلك تزامنًا مع تواصل المعارك في إقليم شمال دارفور وسط مطالبات أممية بضرورة فتح معابر آمنة لخروج المدنيين المحاصرين في الفاشر.
أما في ولاية جنوب دارفور، يقول حاكم الإقليم إنه تم ارتكابُ جريمة بأساس عرقي من قبل قوات الدعم السريع.
ويشير تقرير لخبراء في مجلس الأمن إلى أن الدعم السريع يستخدم معبر أم دافوق البري مع جمهورية إفريقيا الوسطى لتجنيد المقاتلين باعتباره خط إمداد بفضل شبكة تم إنشاؤها للدعم اللوجستي.
في غضون ذلك، يقول قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) إن الدولة لم تقدِّم شيئًا في السودان سوى العنف واللجوء والقتل.
من جهتهم، يلفت أعضاء في المجلس السيادي إلى أن المجلس لا يسعى إلى إقامة هدنات أو تفاوض مع الدعم السريع بل إلى حسم المعركة، وأن البلاد تتعرض لغزو خارجي بمشاركة العديد من الدول والوكلاء من الداخل والخارج.
الاشتباك بالتصريحات يقابله اشتباك بأسلحة جديدة على الأرض، فقد قالت شبكة "إن بي سي" الأميركية إنه تم وبشكل واسع النطاق استخدام الحرائق كسلاح حرب في النزاع الدائر بالسودان.
وفي هذا الإطار واستنادًا إلى صور أقمار اصطناعية فإنه تم توثيق أكثر من 235 حريقًا في مدن وقرى بجميع أنحاء السودان منذ بدء المواجهات بين العسكر، بعضها أُحْرِقَ بشكل كامل في إقليم دارفور.
الدور المصري
وفي هذا الإطار، يرى الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية صلاح خليل أن لدى مصر مقومات كبيرة للمساهمة في حل الأزمة السودانية، مؤكدًا أن الجيش لم يرفض المبادرة المصرية التي دعت إلى مؤتمر سوداني دولي.
وذكّر في حديث إلى "العربي" من القاهرة بأن مصر من أكثر الدول تأثرًا بموجة اللجوء مع استقبالها عددًا كبيرًا من السودانيين، لافتًا إلى أن الدولة المصرية تعاملت مع هؤلاء بشكل جيد وفتحت لهم العديد من المدارس كما قدمت مساعدات كبيرة.
خليل قال إن "قوات الدعم السريع ستُحاسب على استقدام ميليشيات من إفريقيا لإذلال الشعب السوداني" على حد تعبيره.
وإذ رأى أن ما تقوم به قوات الدعم السريع لم يحصل في السابق، اعتبر أن "الأزمة في طريقها إلى الانتهاء".
سيناريوهات الحرب
من جهته، يشير عضو في الهيئة القيادية في تقدم وعضو المجلس المركزي للحركة والتغيير علاء الدين عوض إلى أن انتقال الصراع في السودان إلى قبلي وعرقي هو سيناريو من سيناريوهات الحرب التي أراد مشعلوها لها أن تذهب في هذا الطريق.
وقال في حديث إلى "العربي" من أديس أبابا إن "من أشعل هذه الحرب هم فلول النظام السابق والمؤتمر الوطني داخل القوات المسلحة الذين يستولون على القرار داخل القوات المسلحة، والذين يصرحون بأن لا مجال للتفاوض".
وأضاف أن "امتداد الصراع إلى عرقي وقبلي وتمزيق السودان هو السيناريو الرابع الذي أراده الإسلاميون لهذه الحرب".
وتابع: "الإسلاميون عندما اشعلوا هذه الحرب حاولوا تحقيق الانتصار السريع، ثم ذهبوا إلى تدمير البنية التحتية، وبعدها تقسيم السودان، والآن يذهبون بالبلاد إلى حرب أهلية من خلال نشر خطاب الكراهية والعنف والقبلية".
"جرائم ضد الإنسانية"
مستشار قائد قوات الدعم السريع الباشا محمد طبيق يلفت إلى أن الاتهامات للدعم السريع بارتكاب جرائم حرب غير واقعية وتجافي الحقيقة، وتتجاهل الارتكابات التي يقوم بها الجيش على حد تعبيره.
ومن كامبالا، اتهم طبيق في حديث إلى "العربي" الجيش وحركات منضوية بصفوفه بارتكاب جرائم آخرها "ذبح أكثر من 10 أفراد من أسرة واحدة في مدينة الفاشر على أساس عرقي".
وقال إن ما "يقوم به الجيش والحركات المرتزقة جرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية موثقة".
وأضاف: "من يقاتل بصفوف الدعم السريع هم من السودان، ولم نأت بقوات من الخارج كما يُشاع".