فاقم النزاع العسكري الدائر في السودان منذ عام ونصف وضع المواطنين وزاد من وطأة التغيرات المناخية عليهم، وهو ما تسبب في معاناة إنسانية غير مسبوقة؛ من موجات الحر الشديدة المتتابعة إلى تدمير في البنى التحية.
كل ذلك جر على سكان البلاد أزمات متتالية تعصف بأيامهم، من بينها صعوبة توفير المياه وندرة مياه الشرب النقية.
وفي إقليم دارفور، الذي يضم مراكز إيواء لما يقارب من عشرة ملايين شخص، يصطف النازحون معظهم من الأطفال والنساء في طوابير، ينتظرون دورهم للحصول على ما يطفئ عطشهم أو يسيّرون أطفالهم مسافة طويلة لتأمين مياه الشرب.
أمّا في ولاية الجزيرة في منتصف السودان، فقد فقدت غالبية القرى والبلدات إمكانية الحصول على المياه النظيفة بسبب تعطيل قوات الدعم السريع لمحطات المياه، وذلك عن طريق نزع خلايا الطاقة الشمسية وسرقتها.
ويقول أحد الدبلوماسيين الغربيين إنه ما لم تسمح قوات الدعم السريع بإيصال كميات الوقود، فستتوقف محطات المياه عن العمل وسيتم قطع المياه عن جزء كبير من السكان.
حرب على المياه
وكانت منظمة اليونسيف قد حذرت من أن الاشتباكات المسلحة في غرب الفاشر من أجل السيطرة على خزان مياه "غولو" يهدد بقطع المياه الآمنة والكافية لنحو 270 ألف شخص.
وفي أحياء تسيطر عليها قوات الدعم السريع، حرمت مناطق بأكملها من مياه الشرب. ومنذ اندلاع الحرب في منصف أبريل 2023، غادرت المنظمات الإنسانية والعاملين فيها البلاد، وهو ما أدى إلى تراجع كبير في مستوى المساعدات المحدودة أصلًا.
وكان آخر المغادرين منظمة إيطالية مسؤولة عن محطات مياه الشرب في مخيم في دارفور التحقت بإخوتها هربًا من ويلات الحرب.
وأجبر نقص المياه وشحّها الكثير من السودانيين على شرب مياه غير صالحة. وسجلت وزارة الصحة السودانية على مدى عام 11 ألف إصابة بالكوليرا في مناطق عدة في البلاد.
هكذا فعلت الحرب في بلد يتدفق فيه النيل عبر 11 ولاية سودانية من الشمال إلى الجنوب، وتصل فيه عمق المياه الجوفية إلى 60 مترًا.