الجمعة 22 نوفمبر / November 2024

"حرب الغاز" تشتعل بين روسيا والغرب.. ما هي خيارات الاتحاد الأوروبي؟

"حرب الغاز" تشتعل بين روسيا والغرب.. ما هي خيارات الاتحاد الأوروبي؟

شارك القصة

جانب من حلقة "قضايا" حول خط "نورد ستريم 2" في سياق مناقشة خفايا حرب الطاقة بين روسيا والغرب (الصورة: غيتي)
يعتمد الاتحاد الأوروبي على روسيا في الحصول على أكثر من ثلث احتياجاته من الغاز، وسيؤدّي أيّ انقطاع إلى تفاقم أزمة الطاقة الحالية الناجمة عن نقص الإمدادات.

على الحدود الروسية الأوكرانية، تُحشَد الجيوش ويرتفع معدل التوتر بين البلدين، وعلى طاولة المفاوضات، يستمرّ الشد والجذب بين المعسكرين الغربي والشرقي، من دون أن يفضي إلى حلّ في الأفق.

ولعلّ ما يعزّز هذه الصورة المشحونة بالتصعيد هو "حرب الغاز"، واستخدام الطاقة بوصفها سلاحًا روسيًا يلوح في وجه الاتحاد الأوروبي، في مشهد يتشابك فيه الاقتصاد مع السياسة والجغرافيا.

فقد ارتفعت أسعار الغاز في أوروبا بأكثر من 600% منذ يناير/ كانون الثاني من العام الماضي، وما زالت تواصل ارتفاعها القياسيّ إلى حدود اللحظة، حيث اقترب سعر الغاز من 200 دولار للميغاوات في الساعة، مقارنة مع 20 دولارًا خلال يناير 2020.

وتدفع أوروبا ثمن اعتمادها شبه الكامل على حاجياتها من الغاز من الخارج وخصوصًا من روسيا، وتوجَّه أصابع الاتهام الأوروبية في ارتفاع الأسعار إلى روسيا لكونها تتعمّد تقليص إمدادات الغاز الموجَّه نحو أوروبا رغم التطمينات التي قدّمها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالحفاظ على المستوى الطبيعي لهذه الإمدادات.

سببان خلف تراجع ضخّ الغاز الروسي

وفي هذا السياق، اتهم الأمين العام لحلف شمال الأطلسي روسيا بالتلاعب في سوق الطاقة الأوروبي، مشدّدًا على أنّ من الضروري أن تنوّع أوروبا إمداداتها من الطاقة، في وقت حذّرت دول عدّة ومنها الولايات المتحدة وبريطانيا، من احتمال كبير لأن تكون روسيا، وهي مورّد رئيس للغاز الطبيعي، تتطلّع لغزو أوكرانيا.

وسبق للرئيس الأوكراني أن حذّر من أنّ مشروع نورد ستريم يمثّل سلاحًا جيوسياسيًا خطيرًا، وهو ما رفضته المستشارة السابقة لألمانيا أنغيلا ميركل، معتبرة هذه المخاوف من الابتزاز "هستيرية"، وأصرّت على أنّ نورد ستريم "مشروع تجاري بحت".

لكنّ الموقف الألماني الحَذِر والرافض للخيارات العسكرية في أوكرانيا، إذ أشار المستشار الألماني إلى أنّ كل شيء سيكون "قيد المناقشة"، إذا حصل تدخّل عسكري ضدّ أوكرانيا، وأنّ الحلفاء الغربيين يعملون على "حزمة قوية من العقوبات".

على الطرف الآخر، تقول روسيا إنّ تراجع ضخّ الغاز يرجع لسببين، الأول هو زيادة الطلب الداخلي لديها، وأيضًا زيادة الطلب الآسيوي على الغاز، وأنها لا تستخدم الغاز بوصفه سلاحًا سياسيًا، فيما تقول أوروبا إنّ هدف روسيا هو الضغط عليها من أجل الموافقة على خط "نورد ستريم 2" المثير للجدل.

ما هو خط "نورد ستريم 2"؟

ويعتمد الاتحاد الأوروبي على روسيا في الحصول على أكثر من ثلث احتياجاته من الغاز، وسيؤدّي أيّ انقطاع إلى تفاقم أزمة الطاقة الحالية الناجمة عن نقص الإمدادات. وانخفض حجم الغاز الروسي المنقول إلى أوروبا عبر أوكرانيا بنسبة 25% العام الماضي، الأمر الذي تسبّب في الحدّ من تدفّق مورد رئيس لاقتصاد أوكرانيا المتعثّر، في وقت يتصاعد التوتر مع موسكو.

ولعلّ اعتماد الاتحاد الأوروبي بشكل كبير على الغاز الروسي هو ما يعمّق الأزمة، إذ إنّ 55% من واردات الغاز الألمانية مصدرها روسيا، مقارنة بـ40% عام 2012.

ويتجسّد التعاون في مجال الطاقة بين روسيا وألمانيا في خط أنابيب نورد ستريم 2 الذي يمتدّ على مسافة 1230 كيلومترًا وبتكلفة تقدَّر بـ12 مليار دولار أميركي، وهو يصل بين البلدين قاطعًا خمس دول هي روسيا والدنمارك وفنلندا والسويد عبر خليج فنلندا ليمتدّ إلى بحر البلطيق ويصل إلى شمال شرق ألمانيا، ليُنقَل الغاز من هناك إلى باقي دول غرب أوروبا عبر شركة الغاز الطبيعي.

ومن المخطط أن ينقل خط الغاز الروسي ما مجموعه 55 مليار متر مكعب من الغاز إلى ألمانيا، لتتضاعف الكميات وصولًا إلى 110 مليارات متر مكعب سنويًا. وكان الخط الأول نورد ستريم 1 بدأ في العمل عام 2011، لتتجاوز كمية الغاز الروسي المصدَّرة من خلاله ما يقارب 40% من احتياجات أوروبا للطاقة. ومع بدء تشغيل الخط الثاني نوردستريم2، ستتضاعف هذه الكمية، لتصبح روسيا المتحكّم الأول بإمدادات الطاقة لأوروبا.

يُذكر أنّ نوردستريم تديره حصرًا شركة "غازبروم" الروسية العملاقة المملوكة للدولة الروسية".

مصير البشرية والارتهان للغاز

ويعتبر أستاذ دراسات التنمية والعلاقات الدولية في جامعة لندن جلبير أشقر أنّ القول إنّ أوروبا اعتمدت على الغاز الروسي في تلبية معظم احتياجاتها من الطاقة مُبالَغ به.

ويوضح في حديث إلى "العربي"، من لندن، ضمن برنامج "قضايا"، أنّ الغاز الروسي يلعب دورًا أساسيًا في تلبية الحاجات الغازية، لكن هناك مصادر طاقة أخرى تستخدم في أوروبا، ولا سيما في بلد كفرنسا حيث للطاقة النووية دور رئيس.

ويضيف: "صحيح أنّ الارتهان للغاز الروسي هو الأقوى في أوروبا لكن هناك مصادر أخرى منها النرويج والجزائر، إلا أنّ أوروبا تبحث عن مصادر الطاقة الأقرب، ومن الطبيعي والمنطقي أن تستهلك أوروبا الغربية الغاز الروسي".

ويشرح أنّ لدى روسيا موارد غازية ضخمة، لكنّ المشكلة الأساسية هي في التعامل السياسي مع كلّ هذه الأمور، لافتًا إلى موضوع خط الأنابيب "نورد ستريم 2" الذي تمّ بناؤه بين روسيا وألمانيا، معتبرًا أنّه يشكّل "مشكلة إستراتيجية" بذاته.

ويخلص إلى أنّ مصير البشرية اليوم هو باتجاه التخلص من كل هذه الموارد الملوّثة للبيئة، علما أن الغاز أفضل من النفط والفحم بالتأكيد، لكنّ الحلّ الأساسي يبقى في التوجه نحو مصادر الطاقة المتجددة.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close