هدّدت واشنطن بعرقلة العمل في خط أنابيب "نورد ستريم 2" المثير للجدل، والذي يربط بين روسيا وألمانيا، في حال غزت موسكو أوكرانيا، داعية الروس، في الوقت نفسه، للعودة إلى طاولة المفاوضات.
كما طلبت واشنطن عقد جلسة علنيّة لمجلس الأمن الدولي الإثنين حول الأزمة في أوكرانيا، بسبب التهديد الذي تُشكّله روسيا على الأمن والسلم الدوليّين.
جبهة غربية موحدة
وكانت واشنطن لمّحت في منتصف يناير/ كانون الثاني الجاري إلى أنّها لا تنوي اللجوء إلى مجلس الأمن إلّا بعد حصول تدخّل عسكريّ محتمل في أوكرانيا، مثلما حصل في حالة شبه جزيرة القرم.
لكنّ السفيرة الأميركيّة في الأمم المتّحدة ليندا توماس غرينفيلد قالت في بيان: "الآن ليس وقت الانتظار والترقّب. الاهتمام الكامل من جانب المجلس أمر مطلوب الآن".
وتقود إدارة الرئيس الأميركي محاولات لبناء جبهة غربية موحّدة في وجه ضغوط عسكرية روسية على أوكرانيا، خصوصًا في ظل انتقادات أوروبية لما اعتبروه "تهويلًا" للوضع من جانب الولايات المتحدة.
بدوره، أكد الكرملين، أمس الخميس، أن هناك مجالًا لمواصلة الحوار مع البيت الأبيض، "لكن يبدو أن واشنطن لم تأخذ مطالب روسيا الأمنية الرئيسية في الحسبان".
ورفضت الولايات المتحدة، الأربعاء، مطلب روسيا بعدم ضم أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، لكنها عرضت عليها في المقابل مسارًا "جادًا" للخروج من الأزمة التي توشك أن تتحول إلى حرب مفتوحة.
واعتبر المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن من مصلحة موسكو وواشنطن مواصلة الحوار، على الرغم من قوله إن تصريحات الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي بخصوص المطالب الرئيسية لروسيا غير مقبولة ولا تترك مجالًا كبيرًا للتفاؤل.
بايدن يطمئن زيلنسكي
إلى ذلك، كرّر الرئيس الأميركي جو بايدن التأكيد لنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أمس الخميس، أنّ الولايات المتّحدة وحلفاءها سيردّون "بحزم" في حال حدوث غزو روسي لأوكرانيا، متحدّثًا أيضًا عن مساعدة اقتصاديّة إضافيّة.
وقال البيت الأبيض، في بيان عقب اتصال هاتفي بين بايدن وزيلنسكي: إن الرئيس الأميركي طمأن إلى أنّ السفارة الأميركيّة في أوكرانيا ستبقى "مفتوحة وتعمل بكامل طاقتها"، رغم قرار واشنطن الأخير إعادة عائلات موظّفيها الدبلوماسيّين، وهو قرار انتقدته كييف، معتبرةً إيّاه غير متناسب.
وهذا الاتّصال هو الثالث بين الرجُلين منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
كما جدّد الزعيمان التشديد على أنّه في هذه الأزمة لن يكون هناك "قرار في شأن أوكرانيا من دون أوكرانيا".
كما أعرب بايدن عن دعمه المحادثات التي تجري في إطار صيغة "النورماندي" بين روسيا وأوكرانيا، بوساطة فرنسا وألمانيا. ومن المقرّر عقد الجولة المقبلة من هذه المحادثات في الأسبوع الثاني من فبراير/ شباط في برلين.
وأكّدت الولايات المتحدة في وقت سابق استعدادها لفرض عقوبات اقتصادية شديدة في حال حصول غزو روسي لأوكرانيا، كما أنها سلّمت كييف معدّات عسكرية.
وقالت واشنطن أيضًا إنّها مستعدة لتعزيز وجودها العسكري في أوروبا الشرقية إذا لزم الأمر. لكنّ التدخل العسكري الأميركي في أوكرانيا التي ليست عضوًا في حلف شمال الأطلسي، يبقى أمرًا مستبعدًا.
جلسة لمجلس الأمن
وفي إطار التحرّك الدبلوماسي، كانت الولايات المتحدة تأمل في أن تتمكّن من عقد اجتماع لمجلس الأمن اليوم الجمعة؛ لكنّها وافقت، وفق دبلوماسيين، على تأجيله إلى يوم الإثنين حتّى لا يتزامن مع اجتماع هاتفي مقرّر اليوم بين الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون والروسي فلاديمير بوتين.
وفي هذا الإطار، قالت السفيرة الأميركيّة في الأمم المتّحدة ليندا توماس غرينفيلد، في بيان، إنّ "أكثر من مئة ألف عسكري روسي منتشرون على الحدود الأوكرانية، وروسيا تُمارس أنشطة أخرى مزعزعة للاستقرار تستهدف أوكرانيا، ما يُشكّل تهديدًا واضحًا للأمن والسلم الدوليين ولميثاق الأمم المتحدة".
وأضافت: "في وقت نواصل سعينا الدبلوماسي الحثيث لنزع فتيل التوترات في مواجهة هذا التهديد الخطر للسلم والأمن الأوروبي والعالمي... يجب على أعضاء مجلس الأمن أن ينظروا في الوقائع بلا مواربة".
وسيكون الإثنين آخر أيام رئاسة النرويج للمجلس، على أن تُسلم الثلاثاء المهمة إلى روسيا لشهر فبراير. وأشار دبلوماسي، لوكالة "فرانس برس"، إلى أنّ طلب عقد اجتماع الشهر المقبل، في ظل الرئاسة الروسية للمجلس، كان سيشكل أمرًا أكثر تعقيدًا بالنسبة إلى الولايات المتحدة.
عرقلة "نورد ستريم 2"
وبالتوازي مع العمل على الدبلوماسي، تهدّد واشنطن بسلاح الطاقة حيث قالت نائبة مساعد وزير الخارجيّة الأميركي فيكتوريا نولاند للصحافيين: "نحن نواصل نقاشاتنا القوية جدًا والواضحة جدًا مع حلفائنا الألمان، وأود اليوم أن أكون واضحة معكم: إذا غزت روسيا أوكرانيا، فبطريقة أو بأخرى لن يمضي نورد ستريم 2 قدمًا".
وأضافت: "أعتقد أن التصريحات التي تخرج من برلين حتى اليوم، قوية جدًا".
وردًا على سؤال عن سبب ثقة الولايات المتحدة تلك، قالت نولاند إن خط الأنابيب لم تتم تجربته بعد ولا حصل على المصادقات اللازمة من الهيئات الناظمة الألمانية.
وأضافت: "سنتعاون مع ألمانيا لضمان ألا يمضي خط الأنابيب قدمًا".
وسيحضر ملف خط الأنابيب خلال محادثات المستشار الألماني أولاف شولتس في البيت الأبيض في 7 فبراير.
وأمس الخميس، قالت وزيرة الخارجيّة الألمانية أنالينا بيربوك أمام البرلمان، إن حكومتها "تعمل على حزمة عقوبات قوية" مع حلفاء غربيين "من بينها نورد ستريم 2 في حال هاجمت روسيا أوكرانيا".