مع نهاية كلّ عام، يحلو لكثيرين الاستماع إلى من يوصَفون بـ"العرّافين"، ولو من باب "الفضول" ليس إلا، في ظاهرة تبدو مثيرة للجدل، لا تزال تتصدّرها "توقعات نوستراداموس" التي يعود عمرها لمئات السنين.
ولعلّ ما شهده العالم من أحداث "زلزالية" في الآونة الأخيرة، عزّز هذا "الفضول" لدى كثيرين لمحاولة استكشاف ما قد يحمله المستقبل، من خلال العودة إلى الكتابات الأسطورية للمنجم الفرنسي نوستراداموس.
ويُعَدّ نوستراداموس أشهر عراف في التاريخ حيث يزعم أن توقعاته قد تحققت في الكثير من الأحيان، بدءًا من صعود هتلر مرورًا بهجمات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة وصولًا إلى الحرب في أوكرانيا.
ولا يزال الملايين من حول العالم يقرأون كتابته، في محاولة لإلقاء نظرة ولو غير مؤكدة على المستقبل.
ووفق موقع "هيستوري"، نُشرت تنبؤات نوستراداموس في كتابه عام 1555 Les Propheties، وقد كُتبت على شكل أبيات شعرية تُعرف باسم الرباعيات. وهي لا تشير إلى سنوات معينة ويصعب تفسيرها بلا شك وقد يسهل تأويلها في الكثير من الأحيان.
توقعات نوستراداموس 2023.. "حرب عظيمة"
يدّعي البعض، أن نوستراداموس تنبأ خلال القرن السادس عشر بصعود أدولف هتلر بعد سنوات بعيدة، لكنه توقع أيضًا أن حربًا كبيرة ستحدث عام 2023.
فبالانتقال إلى رباعيات نوستراداموس، يبرز سطر واحد بشكل خاص جاء فيه: "حرب عظيمة لمدة سبعة أشهر، يموت الناس بسبب الشر"، وفق ما نقل موقع "هيستوري".
وإذا كانت هذه النبوءة مرتبطة بالفعل بعصرنا الحالي، يرى مفسروها، أن المنجم الفرنسي يرجح احتمال نشوب حرب عالمية ثالثة العام المقبل، لا سيما وأن البعض زعم أنه تحدث عن أن "الصراع الحالي في أوروبا الشرقية يمكن أن يشعل حربًا كبرى"، وهو ما يمكن تفسيره على أنه الهجوم العسكري الروسي حاليًا على أوكرانيا.
نهاية حلم المريخ
بدوره، لم يكن الملياردير الأميركي إيلون ماسك الذي يملك شركة "سبيس إكس" بعيدًا عن عالم التوقعات، بحيث سبق وأن قال قطب التكنولوجيا الذي تحول إلى رائد أعمال بالفضاء، عام 2022، إن الإنسان ستطأ قدمه كوكب المريخ أخيرًا بحلول عام 2029.
إلا أن نوستراداموس قد يخالف هذا التوقع قليلًا لا من حيث المضمون، بل من حيث التوقيت فقط، فبمواجهة تطلعات ماسك الجريئة، كتب المنجم الفرنسي بخطه الغامض: "نور المريخ سوف ينطفئ".
هذه الجملة هي جزء من نفس الرباعية التي تحتوي على نبوءة "الحرب الكبرى" التي ستدوم لسبعة أشهر، مما يعني بحسب أتباع ومصدقي هذه التوقعات أن كلا من الحرب العالمية وتوجه أنظار البشر نحو المريخ سيحدثان في نفس السنة التقويمية.
فإما كان نوستراداموس يقصد أن أمثال ماسك سيتقدمون على أنفسهم ويصلون إلى المريخ قبل 2029، أو أن كارثة فلكية أكثر تعقيدًا ستقع، وما علينا سوى الانتظار لمعرفة حقيقة التوقعين.
كارثة اقتصادية
في أعقاب جائحة عالمية كارثية، وعمليات إغلاق لم يكن من الممكن تصورها في السابق، والحرب في أوكرانيا، ليس من المستغرب أن تبحر الاقتصادات بجميع أنحاء العالم في مياه مضطربة.
فلا حاجة لمنجمين للتوقع أن التضخم المرتفع وتكاليف الوقود والاضطرابات الاقتصادية العامة ستستمر في التفاقم قبل أن تتحسن خلال العام المقبل، لكن يبدو أن نوستراداموس وافق خبراء اقتصاد في ذلك منذ أكثر من 460 سنة، إذ كتب: "سيرتفع مكيال القمح عاليًا جدًا.. هذا الرجل سوف يأكل رفيقه الرجل".
ورغم أنه من الواضح أن تكاليف المعيشة المتصاعدة ستؤدي إلى مزيد من الفقر والصراعات، ما علينا سوى الأمل في أن تكون الإشارة إلى "أكل لحوم البشر" مجرد صورة شعرية لنوستراداموس وليس تنبؤًا مباشرًا لما سيحصل عام 2023.
تفاقم أزمة المناخ
رغم أن نوستراداموس لم يشارك في مؤتمر المناخ المنعقد حاليًا في شرم شيخ بمصر، لكن يبدو أنه يوافق التقارير الأممية بأن استمرار ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون ودرجات الحرارة العالمية، سيفاقمان أزمة المناخ أكثر فأكثر عام 2023.
فوفق من يدعمون هذه النظريات، كتب نوستراداموس رباعية حذر فيها من "المزيد من الأوقات المظلمة القادمة"، قائلًا: لأربعين عامًا لن يُرى قوس قزح. لمدة أربعين عامًا سيظهر كل يوم. سوف تنمو الأرض الجافة أكثر، وستكون هناك فيضانات عظيمة عندما تُرى".
وفي حين أن هذه السطور يمكن أن تشير إلى مجموعة من الكوارث المروعة، إلا أن الإشارات إلى المناظر الطبيعية "العطشى" و "الفيضانات العظيمة" قد تدل بالفعل إلى تأثيرات الاحتباس الحراري. ومع ذلك، يبقى جزء "الأربعين عامًا" لغزًا لم يفهم بعد.