اعتبرت وزارة شؤون القدس اليوم الثلاثاء، أن استيلاء المستوطنين بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي على منزل عائلة "صب لبن" بالبلدة القديمة في المدينة المحتلة هو "لصوصية"، و"تطهير عرقي".
وأضافت الوزارة في بيان، أن إخلاء قوات الاحتلال لمنزل "صب لبن" الذي تقيم فيه العائلة منذ عام 1953 والاستيلاء عليه هو تهجير عرقي، يرقى إلى جريمة حرب.
وأشارت إلى أن هذه الجريمة شارك فيها النظام القضائي الإسرائيلي الذي أعطى الضوء الأخضر لعملية الإخلاء، وشرطة الاحتلال التي نفذت الإخلاء، والجماعات الاستيطانية التي استولت على المنزل.
"#فلسطين عمرها ما بتصير إسرائيلية، وآخر عربي عنده نفَس بيرجعها".. الاحتلال يُخلي منزل سيدة فلسطينية بالقوة ويسلمه للمستوطنين، هذا ما قالته للتلفزيون العربي 👇 pic.twitter.com/Dp1MkV2pKG
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) July 11, 2023
واعتبرت أن حكومة الاحتلال ضربت عرض الحائط بكل الدعوات الدولية، بما في ذلك من الاتحاد الأوروبي، لوقف هذه الجريمة التي طالت منزلًا قريبًا من المسجد الأقصى.
وأكدت أن حكومة الاحتلال تطبق نظام الفصل العنصري بأبشع أشكاله في المدينة المحتلة.
وحذرت الوزارة من أن يكون الإخلاء بمثابة مقدمة للاستيلاء على المزيد من المنازل الفلسطينية، خصوصًا في البلدة القديمة وسلوان والشيخ جراح، وغيرها من الأحياء بالمدينة المحتلة.
وأوضحت أن الاستيلاء على المنزل يتزامن مع تصاعد استيطاني محموم تشهده كل أرجاء المدينة، ويشمل قرارات ببناء آلاف الوحدات الاستيطانية.
ودعت وزارة شؤون القدس المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري والحاسم لوقف جميع قرارات الإخلاء القسري وهدم المنازل والنشاط الاستيطاني، ومحاولات تقسيم المسجد الأقصى والاعتداءات على المقدسات.
"حرب على الهوية العربية للقدس"
من جانبها، اعتبرت حركة "حماس" اليوم الثلاثاء إن إخلاء سلطات الاحتلال لمنزل عائلة "صب لبن"، تصعيد لجريمة التطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني في مدينة القدس.
وأكد المتحدث باسم الحركة حازم قاسم أن هذه الجريمة جزء من الحرب الصهيونية على الهوية العربية للقدس، "وامتداد للحرب الدينية على مقدساتنا، وانتهاك لكل القوانين الدولية والأعراف الإنسانية".
وشدد على أنّ "المطلوب موقف واضح وعملي من المجتمع والمؤسسات الدولية من جريمة التهجير التي ترتكبها سلطات الاحتلال ضد أهلنا في القدس، وعدم الاكتفاء بالإدانة الإعلامية".
تضييق على مدى سنوات
وفجر اليوم الثلاثاء، أخلت السلطات الإسرائيلية، عائلة صب لبن من منزلها في عقبة الخالدية بالبلدة القديمة من مدينة القدس، قبل أن يستولي عليه مستوطنون.
وقال أحمد صب لبن نجل أصحاب المنزل للصحافيين: "اقتحمت الشرطة الإسرائيلية المنزل أثناء نوم العائلة والمتضامنين وأخلته من الموجودين فيه".
وأضاف: "تم إخلاء المنزل من جميع الأفراد والتحفظ على أثاثه وتسليمه للعائلة لاحقًا".
وفورًا، سمحت الشرطة الإسرائيلية لمستوطنين بالدخول إلى المنزل، بحسب شهود عيان.
###مستوطنون يعتدون على عائلة صب لبن بعد الاستيلاء على منزلها في البلدة القديمة ب #القدس المحتلة pic.twitter.com/E2vojrmUEW
— athabat network (@AthabatNetwork) July 11, 2023
وفي هذا الإطار، أفاد مراسل "العربي" من القدس، أن عائلة صب لبن كانت قد تعرضت منذ عدة سنوات لتضييقات ومحاولات لإخراج أفرادها من منزلهم، على الرغم من أن هذه العائلة تسكن هذا المنزل منذ 1953، أي قبل احتلال إسرائيل للشطر الشرقي من مدينة القدس، وعندما كان الأردن هو المسؤول عن المدينة المقدسة والضفة الغربية المحتلة، حيث تم توقيع عقد إيجار محمي لهذه العائلة في ذلك الوقت.
وأضاف أن إسرائيل غيرت كل شيء في المدينة عام 1967، وبدأت بالتضييق والادعاء بأن منزل صب لبن مملوك لليهود قبل النكبة، مشيرًا إلى ازدواجية في التعامل مع هذه القوانين الإسرائيلية، بحيث يُسمح للمستوطنين بالمطالبة بأملاك يدعون بأنها مملوكة لهم قبل النكبة، ولكن يتم منع الفلسطينيين من المطالب ذاتها، ومنعهم كذلك من العودة إلى قراهم ومدنهم، التي هُجروا منها عام 1948، أو حتى التي استولى عليها الاحتلال الإسرائيلي خلال هذه العقود.
ماذا تقول مالكة المنزل لـ"العربي"؟
وبحرقة وهي تحبس دموعها، قالت نورا صب لبن مالكة المنزل لـ"العربي"، إن المنزل هو كل حياتها، حيث ولدت فيه، وكل ذكرياتها موجودة فيه، مشددة على أن فلسطين لن تصبح دولة إسرائيلية، وستبقى بلدًا عربيًا.
وأضافت أن إسرائيل تسرق كل شيء، حتى أنهم يسرقون الماضي والمستقبل والأحلام والذكريات.
وحول الخطوة المقبلة، أشارت نور إلى أنها ستبحث عن أي منفذ قانوني، وسترفع قضايا ضد الاحتلال، مشيرة إلى أن نفسها أطول من نفس الاحتلال وصبرها أكثر من صبرهم بعد قضائها 47 سنة في المحاكم.
وكانت المحكمة العليا الإسرائيلية (أعلى هيئة قضائية) أعطت مطلع العام الجاري الضوء الأخضر لإخلاء نورة غيث صب لبن (68 عامًا) وزوجها مصطفى (72 عامًا) من المنزل لصالح مستوطنين.
وسبق للمستوطنين أن استولوا قبل عدة سنوات على جزء علوي من المبنى وجزء آخر منه، وبقي بيت عائلة "صب لبن" يتوسط المبنى الذي يحيطه الاستيطان من كل جهة.
وكانت العائلة استأجرت المنزل عام 1953 من المملكة الأردنية، وتم منحها حقوق إيجار محمية، لكن بعد احتلال القدس جرى وضعه تحت إدارة ما يسمى "حارس أملاك الغائبين"، بادعاء أن ملكيته تعود لليهود، وهذا ما نفته العائلة بشكل قاطع.
وسبق لمحاكم الاحتلال أن منعت عام 2016، أبناء العائلة المقدسية "صب لبن" رأفت وأحمد وزوجته وأولاده، وشقيقتهما من العيش داخل المنزل، ما أدى إلى تشتت العائلة.