مع استمرار العدوان على غزة، تكابد المرأة الفلسطينية بمرور اليوم العالمي للمرأة ظروف الحرمان والقهر والعنف الممنهج من جانب الاحتلال وآلته العسكرية، بالإضافة إلى تسجيل أكثر من تسعة آلاف شهيدة.
فكل يوم تستشهد 63 امرأة، وترمل نحو ثلاثة آلاف أخريات مع فقدن المعيل. علاوة على نزوح أكثر من مليون أم وفتاة من سكناهن منذ بداية العدوان، في مشهد لم يسبق له مثيل، بحسب تقارير أممية.
مأساة متعددة الوجوه
فمأساة المرأة في غزة متعددة الوجوه، 60 ألف فلسطينية وهو عدد النساء الحوامل الآن في القطاع يعانين من سوء التغذية والجفاف جراء العدوان، ونحو ستة آلاف حملن خلال الشهر الأول من العدوان، في ظل نقص رهيب للإمدادات الطبية، كلهن تحت مقصلة الجوع الشديد وسوء التغذية.
وعلاوة على كل ذلك، تسجل التقارير 180 حالة كل يوم لأمهات من بينهن أعداد يلدن قبل الأوان بسبب الظروف العصيبة التي يكابدنها، مما يحدّ من قدرتهن على إرضاع أطفالهن حديثي الولادة من رضاعة طبيعية، بينما لا تحصل 700 ألف امرأة وفتاة على منتجات النظافة الخاصة.
ازدواجية في المعايير
لا يملك العالم سوى الحزن والقلق على حال المرأة الفلسطينية في غزة، وتتجلى ازدواجيته في المعايير دون بذل جهد حقيقي على الأرض لدفع الكارثة عن القطاع وخاصة النساء.
وتتدفق تقارير أممية تشير إلى وجود أدلة على تعرض فتيات للاغتصاب، والاكتفاء بمطالبة إسرائيل فقط بفتح التحقيقات.
وتبادر حكومات دول في المقابل إلى المطالبة بعقد جلسات في مجلس الأمن لمعاقبة عناصر حركة حماس بزعم اقتراف اعتداءات جنسية خلال أحداث السابع من أكتوبر/ تشرين الأول كان قد ثبت بطلانها ونفيها.
انتهاكات ممنهجة
وفي هذا الإطار، تؤكد مديرة الإعلام والتوثيق في نادي الأسير الفلسطيني أماني سراحنة، أن المرحلة التي تعيشها المرأة الفلسطينية حاليًا ليست استثنائية، حيث تواجه منذ عقود طويلة جرائم وانتهاكات إسرائيلية.
وتشير سراحنة في حديث إلى "العربي" من رام الله، إلى أنّ الفارق الوحيد في الفترة ما بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، هو كثافة هذه الجرائم التي لم تشهدها في سنوات الاحتلال.
وتقول: "إن هذا العام كان أكثر الأعوام دموية في تاريخ الاحتلال بحق النساء الفلسطينيات مقارنة مع أي فترة زمنية أخرى".
وإذ تلفت سراحنة إلى ما تواجهه المرأة الفلسطينية في غزة من ظروف اعتقال وإخفاء قسري، تؤكد رصد انتهاكات عدة طيلة هذه الفترة تندرج ضمن سياسات إسرائيلية ممنهجة.
وتشير إلى عمليات الاغتصاب الذي تعرضت لها نساء من غزة، والتي تحدث عنها تقرير أممي، موضحة أن هذا التقرير يؤكد ما أشارت إليه الحركة الأسيرة بتعرض النساء للعديد من الجرائم.
نظرة الغرب للمرأة الفلسطينية
من جهتها، تعتبر مديرة التطوير والتوسع في اللجنة الأميركية العربية لمكافحة التمييز، زينة عشراوي، أن الغرب لا يرى المرأة الفلسطينية والمرأة العربية كجزء من النقاش بشأن حقوق المرأة الغربية.
وتشير في حديث إلى "العربي" من شيكاغو، إلى أن ما تعيشه المرأة في غزة يفتح عيون العالم على الاضطهاد الذي تعانيه المرأة الفلسطينية عمومًا.
وتقول: "نحن نحاول أن نرفع الصوت لكي نظهر أننا جزء لا يتجزأ ليس من القضية الفلسطينية فحسب بل من حقوق المرأة في الغرب وفي فلسطين".
القصف ومنع المساعدات يعمّق معاناة المرأة
وحول "الجحيم الحقيقي" الذي قالت الأمم المتحدة إن المرأة في غزة تعيشه، تشير المديرة التنفيذية لمنظمة "الديمقراطية للعالم العربي الآن" سارة ليا ويتسون، إلى أن أكثر ما يرعب هو استمرار القصف على غزة وغياب المساعدات الإنسانية التي تقود إلى التجويع.
وتقول في حديث إلى "العربي" من نيويورك: "إن النساء في المقام الأول هن بشر ويعانين من القصف ومن التجويع ويمتن".
وتؤكد ويتسون أن النساء في غزة غير قادرات على الاهتمام بأنفسهن وعلى رعاية أطفالهم في ظل رفض إسرائيل لإدخال المساعدات والغذاء والدواء إلى غزة.
وتشير ويتسون إلى أن الولايات المتحدة وعدد من الدول الغربية وحكوماتها صعّبت الأمر على المنظمات الإنسانية ولا سيما عبر قطعها الدعم عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" التي تعتبر الوكالة الأهم من حيث تقديم المساعدات إلى الفلسطينيين في غزة.
وتضيف: "إن قطع التمويل عن الوكالة في هذا الوقت الحساس صعّب الوضع السيئ أصلًا"، مؤكدة أن المشكلة الحقيقية هي وقف إسرائيل للمساعدات.