بعد خمسة أشهر على اتخاذه الإجراءات الاستثنائية، أعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد عن "خارطة الطريق المنتظرة".
لكن المواعيد التي أعلن عنها سعيّد تبقي البرلمان مجمدًّا لسنة إضافية إلى حين إجراء الانتخابات النيابية التي حدد الرئيس التونسي موعدها في ديسمبر 2022.
وفي أول تعليق لها، وصفت حركة النهضة قرارات سعيّد بـ"الاعتداء السافر" على المؤسسات التشريعية، وأعضاء مجلس النواب.
واعتبرت أن "لا أساس دستوريًا أو قانونيًا لهذه الإجراءات"، واصفة خطابه بـ"التقسيمي والتحريضي".
كما أعلنت 3 أحزاب تونسية أخرى اليوم الثلاثاء، رفضها قرارات الرئيس قيس سعيد، واعتزامها التظاهر في 17 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، احتجاجًا على "التفرد بالسلطة".
وقال بيان صادر عن التيار الديمقراطي، والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، والجمهوري: "تعلن أحزاب التيار والجمهوري والتكتل خروجها إلى الشارع في 17 ديسمبر، احتفالًا بذكرى الثورة (عام 2010)، ودفاعًا عن الديمقراطية المهددة في تونس ورفضًا لكل حكم فردي أو انفراد بالسلطة".
وأضاف البيان: "الرئيس سعيد عمّق الأزمة التي تمر بها البلاد بانقلابه على الدستور".
من جهته، قال الأمين العام لاتحاد الشغل التونسي نور الدين الطبوبي، الثلاثاء، إن الاتحاد أعلن أنه مع مسار 25 يوليو/ تموز الماضي، "لكن لا يمكن أن نعطي صكًا على بياض ولا بد أن نكون شركاء في الانتقال الديمقراطي".
وأضاف الطبوبي خلال افتتاح مؤتمر للاتحاد الجهوي بصفاقس: "لكن عندما يقول الرئيس أنا ولا أحد معي نقول إننا لن نقبل هذا الأمر".
"عزلة داخلية وخارجية"
عضو اللقاء الوطني للإنقاذ فوزي عبد الرحمن اعتبر أن الانحراف بالسلطة من طرف الرئيس سعيّد زاد المسألة تعقيدًا في تونس.
وأشار في حديث إلى "العربي" من تونس إلى أن الرئيس بات في عزلة داخلية ومن دون سند سياسي أو اجتماعي في تونس، لافتًا في الوقت ذاته إلى أن سعيّد جعل أيضًا تونس في عزلة خارجية.
وإذا رأى أن الحكم الفردي هو مدخل للديكتاتورية، شدد عبد الرحمن على ضرورة أن يكون المسار السياسي تشاركيًا.
"خطاب لم يغيّر شيئًا في المشهد"
الناشط السياسي بالحسن اليحياوي اعتبر أن خطاب الرئيس سعيّد مساء الإثنين لم يغير شيئًا في المشهد التونسي.
ولفت في حديث إلى "العربي" من تونس إلى أن الجديد في الأمر هو أنه وضع بعض النقاط على الحروف وحدد سقفًا لإنهاء الحالة الاستثنائية.
وأوضح أن المشكلة الأساسية التي أدت إلى ما حصل في 25 يوليو والتي سمحت للرئيس سعيّد بانتهاج الطريق التي سلكها هي عدم إقامة المحكمة الدستورية في المهلة التي حددها الدستور عام 2016.
وقال إن مختلف الأطراف سواء الممثلة برلمانيًا أو في المعارضة والحكومة والشعب ليس لديهم محكمة يمكنهم اللجوء إليها، معتبرًا أن تعطيل تلك المحكمة كان الهدف منه العبث بالدستور.
"تدمير للديمقراطية"
الأكاديمي والباحث السياسي مراد اليعقوبي أشار إلى أن المسائل السياسية في تونس طرحت منذ 25 يوليو بشكل خاطئ، حيث انغمس التونسيون في مناقشة شرعية أو عدم شرعية قرارات سعيّد وكأن الأمر مسألة قانونية في حين أن تجاوز الدستور والديمقراطية كان واضحًا في الأمر على حد تعبيره.
وانتقد في حديث إلى "العربي" من تونس الفرقاء الذي طالبوا سعيّد بسقف لإجراءاته، معتبرًا أن المطالبة بسقف ضمن الانقلاب أمر غير معقول، لافتًا إلى أن هؤلاء كانوا يعولون على تحول الوضع السياسي لصالحهم.
وقال اليعقوبي: "الآن تأكد الجميع أن ما قام به سعيّد تجاوز وتدمير للديمقراطية"، مشددًا على أن المطلوب اليوم هو رفض كل الإجراءات التي قام بها الرئيس التونسي.