خسائر بشرية ومادية.. الجزائر وتونس تخمدان حرائق الغابات
تمكّنت كل من الجزائر وتونس من إخماد الحرائق العنيفة التي اجتاحت البلاد، وأدت إلى مقتل 34 شخصًا في الجزائر وخسائر مادية فادحة.
وبدأ الأهالي بدفن بعض الضحايا، بعد أن أعلن وزير الداخلية الجزائري إبراهيم مراد إخماد "كل الحرائق، بحيث لم يعد هناك أي بؤر"، مضيفًا أنّه جرى تشكيل اللجنة المتعدّدة القطاعات لدراسة ملفات تعويض المتضررين من حرائق الغابات.
بدوره، أشار الدفاع المدني إلى إخماد "كلّ الحرائق" ووضع نظام للمراقبة.
في المجموع، انتشر 97 حريقًا منذ الأحد في نحو 15 ولاية في شمال شرق البلاد.
وكانت بجاية إحدى أكثر المناطق تضررًا من الحرائق التي انتشرت تحت تأثير الجفاف وموجة الحر وارتفاع درجات الحرارة في بعض الأماكن إلى 48 مئوية.
من جهته، قال وزير الداخلية التونسي كمال الفقي، أمس الأربعاء، إنّ رجال الإطفاء التونسيين سيطروا بشكل كامل على الحرائق التي اجتاحت عدة مناطق في البلاد بمساعدة عناصر من الجيش الجزائري وطائرات إطفاء من إسبانيا.
وأجبرت حرائق الغابات في تونس المئات على إخلاء منازلهم في ظل موجة حر غير مسبوقة، حيث وصلت درجات الحرارة إلى 49 درجة مئوية في بعض مدن تونس هذا الأسبوع.
وقال الفقي إنّ الحرائق الأخيرة لم تسفر عن خسائر في الأرواح، مضيفًا أنّ 600 شخص عادوا إلى منازلهم بعد عمليات إجلاء في وقت سابق.
تأخّر الاستجابة
وتحدّث ما لا يقلّ عن ثلاثة جزائريين عن تأخّر استجابة فرق الإغاثة ونقص الموارد.
وقال المتطوّع محمد سعيد عمال لوكالة فرانس برس: "أدى أبناء القرى دورًا أساسيًا في تجنّب انتشار الحرائق إلى بعض المنازل. استخدمنا دلاء بلاستيكية ملأناها بفضل شاحنة أحد المتطوّعين وصعدنا إلى الغابة لمكافحة النيران".
وأشارت السلطات الجزائرية إلى أنّ نحو عشر طائرات وقاذفات مياه ساهمت في السيطرة على الحرائق، إضافة إلى مشاركة ثمانية آلاف عنصر من الحماية المدنية و525 شاحنة.
وساهم انخفاض درجات الحرارة وتراجع قوة الرياح في إخماد الحرائق.
وأسفرت الحرائق عن مقتل 34 شخصًا وإصابة أكثر من 80 آخرين، بينهم 25 جنديًا، في بجاية.
تدمير منتجعات سياحية
ويشهد شمال الجزائر وشرقها سنويًا حرائق غابات، وهي ظاهرة تتفاقم عامًا بعد عام بسبب تغيّر المناخ الذي يؤدي إلى جفاف وموجات قيظ.
واستدعى الوضع إجلاء أكثر من 1500 شخص من بعض القرى مع اقتراب الحرائق من منازلهم. كما دمّرت النيران منتجعات ساحلية تُعدّ مقاصد سياحية في الصيف.
وأمر النائب العام في بجاية بفتح تحقيقات أولية للوقوف على أسباب الحرائق وتحديد الفاعلين. كما جرى توقيف خمسة أشخاص في البويرة وسكيكدة.
وأوضح عبد المجيد الدبار، ناشط بيئي ورئيس جمعية "تونس إيكولوجيا"، أنّ الحرائق هي نتيجة التغيّر المناخي وتزايد الأنشطة البشرية المضرّة للبيئة.
وقال الدبار، في حديث إلى "العربي"، من تونس، إنّ تونس فقدت 170 ألف هكتار من غاباتها نتيجة الحرائق خلال العام الماضي، وأنّ 4% من هذه الحرائق فقط هي نتيجة للتغيّر المناخي، بينما الباقي هي نتيجة فعل بشري.
ورأى أنّ الاستجابة البشرية لإطفاء الحرائق كانت موجودة، لكنّ شدة الحرائق أدت إلى انتشارها إلى مناطق أخرى.
تعبئة الموارد
وفي أغسطس/ آب 2022، قضى 37 شخصًا في حرائق هائلة بولاية الطارف شمال شرق الجزائر. وكان صيف عام 2021 الأكثر فتكًا منذ عقود، وقضى خلاله أكثر من 90 شخصًا في حرائق واسعة النطاق في شمال الجزائر، ولا سيما في منطقة القبائل.
ولتجنّب تكرار سيناريو عامي 2021 و2022، عملت السلطات على تعبئة مواردها مع اقتراب فصل الصيف.
في نهاية أبريل/ نيسان الماضي، أمر الرئيس عبد المجيد تبون بشراء ستّ طائرات قاذفة للماء متوسطة الحجم، وتقديم طلبات عروض للشركات الناشئة لتوفير طائرات مسيّرة تستخدم في مراقبة الغطاء الحرجي.
ثم في مايو/ أيار، أعلنت وزارة الداخلية عن اقتناء وشيك لطائرة قاذفة للماء، واستئجار ست طائرات أخرى من شركة أميركية جنوبية مع فرقها الفنية. وأعلنت طلب العروض لشراء ست قاذفات للماء متوسطة الحجم.
كما هيأت السلطات مواقع لهبوط المروحيات في عشر ولايات.
كما قدّمت الجزائر طلبًا إلى موسكو لشراء أربع طائرات قاذفة للماء، لكن تسليمها تأخر بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا.