هاجم الرئيس التونسي قيس سعيّد في كلمة له خلال موكب الاحتفال بالذكرى السادسة والستين لعيد قوات الأمن الداخلي معارضيه الذين تتقارب مواقفهم في معارضة سياسته، قائلًا: "إن خصوم الدهر صاروا اليوم حلفاء لأن قضيتهم تقوم على اعتبار السلطة غنيمة".
وأكد سعيّد أن سيادة تونس ليست للبيع أو الشراء، قائلًا: "إنّه ماض قدمًا في تمكين الشعب صاحب السيادة من التعبير عن إرادته غير آبه بحالة البؤس السياسي".
وفي هذا الإطار، رأى الكاتب الصحافي مراد علالة أنّ خطاب سعيّد تزامن مع مناسبة وطنية تحظى بأهمية كبيرة باعتبار أنّ رئيس الجمهورية بخلاف العامين المنصرمين عندما كان هناك نوع من الصراع بينه وبين رئيس الحكومة حول الجهة المسؤولة عن الإشراف على القوى المدنية الحاملة للسلاح.
وأشار إلى أن سعيّد اليوم يمسك بالسلطة بكل أركانها، معتبرًا أن خطابه كان خطابًا سياسيًا ركّز فيه على الأزمة وعلى موقفه منها ومن خصومه وأهمل في المقابل الجانب الأمني الذي يعنى بحياة المواطنين.
وقال في حديث إلى "العربي" من تونس: "لا حديث في خطاب اليوم عن دور الأمن في مقاومة الجريمة والتهريب"، في ظل تفشي العنف والجريمة في تونس في الفترة الراهنة.
كما اعتبر الكاتب الصحافي أن سعيّد حاول توظيف المناسبة لتوجيه الرسائل إلى خصومه. وقال: "هو يريد أن يوضح، لكن وبقدر حرصه على التوضيح يزيد الغموض". وأضاف: "يتحدث سعيّد عن خصومه وعن الخيانة وعن السيادة والشرعية والمشروعية وكلّها شعارات يأمل التونسيون أن تكون أكثر وضوحًا".
ولفت إلى أن هناك الكثير من النقاط تجعل ما يقدم عليه سعيّد أمرًا وقعًا باعتبار أنه يمسك مقاليد الأمور. وقال: "هو يراهن على انضباط وولاء المؤسسة العسكرية للدولة ولرمزها رئيس الجمهورية، كما يعول على القوى الأمنية والمرفق القضائي".
كما أشار علالة إلى أن سعيّد يحاول تحييد قوى المجتمع المدني عبر اللقاءات التي يؤكد أنها انطلاقة للحوار الوطني.
وأضاف: "الجميع يعرف أنه لا يمكن اعتبارها حوارًا وطنيًا"، معتبرًا أن هناك إقصاء واضحًا للأحزاب السياسية ولا سيما تلك التي ساندته بوضوح والتي قد تدفع ثمن هذه المساندة إذا لم يمد الرئيس يده لها.
من جهة أخرى، رأى علالة أن المعارضة التي خرجت من الحكم تتحمل مسؤولية الرصيد الذي تركته. وقال: "فترة العشرة أشهر في ظل حكم سعيّد لا تقارن بالسنوات العشر في ظل حكم من هم في المعارضة الآن"، معتبرًا أن "المعارضة تحمل إرثًا ثقيلًا".
كما اعتبر أن ما تطرحه المعارضة اليوم يحمل خطأ قد يكون إستراتيجيًا فالحديث عن عودة البرلمان نوع من الإبحار ضد التيار. ويقول: "ربما كان الأسلم البحث عن انتخابات رئاسية وتشريعية وعودة المؤسسات".