السبت 5 أكتوبر / October 2024

"خطوة تاريخية".. تأييد دنماركي للانضمام لسياسة الدفاع الأوروبية

"خطوة تاريخية".. تأييد دنماركي للانضمام لسياسة الدفاع الأوروبية

شارك القصة

تقرير لـ"العربي" عن قطع روسيا إمدادات الغاز عن الدنمارك (الصورة: رويترز)
اعتبرت رئيسة الوزراء الدنماركية أن نتيجة الاستفتاء على الانضمام إلى السياسة الدفاعية الأوروبية هي "رسالة قوية إلى حلف الأطلسي وإلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين".

في خطوة "تاريخية" أتت بعد ثلاثة أشهر من بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا، والمخاوف الأمنية المتعاظمة التي سببها في المملكة، أيّد الدنماركيون بغالبية ساحقة ناهزت 67% في استفتاء عام أجري الأربعاء انضمام بلادهم إلى السياسة الدفاعية للاتحاد الأوروبي.

وأظهرت نتائج فرز 97% من الأصوات أن 67% من الناخبين صوتوا بـ"نعم" في هذا الاستفتاء الذي جرى في غمرة تقديم فنلندا والسويد طلبين رسميين للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي. واختار البلدان المحايدان تاريخيًا الانضمام إلى الحلف العسكري الغربي بسبب المخاوف التي ولدها فيهما هجوم روسيا على جارتها.

بدورها، قالت رئيسة الوزراء ميتي فريدريكسن مخاطبة أنصارها: "هذا المساء، بعثت الدنمارك برسالة قوية. إلى حلفائنا في أوروبا وفي حلف شمال الأطلسي وإلى (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين. نحن نبيّن أنه عندما يغزو بوتين بلدًا حرًا ويهدد استقرار أوروبا فإننا نحن الباقين نتجمّع سوياً".

"أوروبا قبل وأوروبا بعد"

وأضافت: "كانت هناك أوروبا قبل 24 فبراير/ شباط، قبل الغزو الروسي، وهناك أوروبا أخرى بعده".

من جهته، صرّح سورين بابي، زعيم حزب المعارضة المحافظ، خلال تجمع في البرلمان بعيد صدور أولى نتائج استطلاعات الرأي، أن "كل شيء يشير إلى أنه بعد ثلاثين عامًا، قرر الدنماركيون اليوم أنه يتعين علينا إلغاء "خيارات الرفض" التي كانت لدينا والعمل بشكل وثيق مع أوروبا".

والدنمارك، الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي منذ 1973، سجلت أول تشكيك بالوحدة الأوروبية في 1992، حين رفضت معاهدة ماستريخت بغالبية 50,7% من الأصوات، وهو أمر لم يكن قد حصل سابقًا.

ومن أجل رفع هذه العقبة التي كانت تهدد دخول المعاهدة التأسيسية حيز التنفيذ في كل دول الاتحاد الأوروبي، حصلت كوبنهاغن على سلسلة من الاستثناءات أطلق عليها اسم "أوبت آوت" (خيارات رفض) بحسب المصطلحات الأوروبية. وعادت الدولة لتوافق على المعاهدة في استفتاء آخر نظم في العام التالي.

ومنذ ذلك الحين، بقيت الدنمارك خارج منطقة اليورو، وهو ما رفضته عبر استفتاء في 2000، لكن أيضًا خارج السياسة الأوروبية المعنية بالشؤون الداخلية والعدل بعدما رفضتها في استفتاء عام 2015، وكذلك الدفاع.

وبموجب هذا الاستثناء الأخير، لم تتمكن الدولة الإسكندنافية، العضو المؤسس لحلف شمال الأطلسي، من المشاركة في أي مهمة عسكرية للاتحاد الأوروبي.

وتعد الدنمارك الدولة الوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي لديها "خيارات رفض"، مع أن مالطا هي بحكم الواقع خارج التعاون الدفاعي. وقد لجأت إلى هذه الاستثناءات 235 مرة منذ 29 عامًا بحسب إحصاء لمركز الأبحاث "يوروبا".

جانب من الاحتفاء بنتيجة الاستفتاء في الدنمارك - رويترز
جانب من الاحتفاء بنتيجة الاستفتاء في الدنمارك - رويترز

وبعد أسبوعين على هجوم أوكرانيا، أعلنت فريدريكسن عن اتفاق مع غالبية الأحزاب في البرلمان على عرض إنهاء هذه الاستثناءات على التصويت في استفتاء، بالإضافة إلى استثمارات عسكرية كبيرة لتجاوز عتبة 2% من إجمالي الناتج الداخلي التي يرغب بها حلف شمال الأطلسي.

وكان 11 حزبًا من أصل 14 حزباً ممثلة في البرلمان (تشغل مجتمعة أكثر من ثلاثة أرباع مقاعده) دعت إلى التصويت بـ"نعم" في الاستفتاء الذي دعي للمشاركة فيه حوالي 4.3 ملايين ناخب.

أما الأحزاب الثلاثة الباقية وهي حزبان من اليمين المتطرف يشككان في الوحدة الأوروبية ("حزب الشعب الدنماركي" و"المحافظون الجدد") وتنظيم يساري راديكالي ("لائحة الوحدة")، فدعت من جهتها للتصويت بـ"لا".

وفي بلدية كوبنهاغن، توافد الناخبون منذ ساعات الصباح الأولى للإدلاء بأصواتهم.

وقال مادس آدم (24 عامًا) الطالب في العلوم السياسية، لوكالة "فرانس برس": إنّ "التاريخ يتغيّر وهذا يؤثر علينا هنا في الدنمارك، ويجب أن نردّ على ذلك طبعًا".

من جهتها، قالت مولي ستينسغارد وهي كاتبة سيناريو تبلغ من العمر 55 عامًا: "اعتقد أن هذا النوع من التصويت أصبح أكثر أهمية اليوم. في زمن الحرب".

ولم يشمل الاستفتاء المناطق الدنماركية التي تتمتّع بحكم ذاتي، وهي جزيرة غرينلاند (ليست جزءًا من الاتّحاد الأوروبي) وجزر فارو.

وجاءت هذه النتيجة، بعدما أعلنت شركة "غازبروم" التابعة للحكومة الروسية، أنها ستقطع ابتداءً من الأربعاء إمدادات الغاز عن الدنمارك بعدما امتنعت عن الدفع بالروبل، لتكون خامس الدول الأوروبية التي تتعرض لهذا الإجراء. 

وتعد خطوة "غازبروم" تنفيذًا لوعد بوتين بقطع الإمدادات عن الدول "غير الصديقة"، فبعد فنلندا وبولندا وبلغاريا وهولندا، جاء الدور اليوم على الدنمارك.

يذكر أن الدنمارك كانت مُصدرًا للغاز الطبيعي لسنوات عديدة، ولكن بسبب عمليات تجديد حقل "تايرا" في بحر الشمال، تستورد البلاد حاليًا حوالي 75% من استهلاكها من الغاز عبر ألمانيا.

تابع القراءة
المصادر:
العربي - أ ف ب
Close