الجمعة 22 نوفمبر / November 2024

دعا إلى الحوار.. حمدوك يعلن استقالته من رئاسة الحكومة السودانية

دعا إلى الحوار.. حمدوك يعلن استقالته من رئاسة الحكومة السودانية

شارك القصة

رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك يعلن استقالته من منصبه (غيتي)
رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك يعلن استقالته من منصبه (غيتي)
بحسب مراسل "العربي" في الخرطوم، فإنّ استقالة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك التي كان قد لوّح بها، "وضعت البلاد في منعرج سياسي خطير جدًا".

أعلن رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك استقالته من منصبه، مشدّدًا على أنّ الحوار هو السبيل الوحيد لإكمال التحول المدني الديمقراطي على أكمل وجه.

وأكد حمدوك، في كلمة متلفزة ألقاها مساء اليوم، أنّ حكومته واجهت مشاكل كبرى أمنية وسياسية واقتصادية، ولكنها حققت الكثير من "الإنجازات"، على حدّ وصفه.

وأشار إلى أنّ حكومة الفترة الانتقالية بذلت جهدًا كبيرًا في بسط الحريات وإخراج البلاد من عزلتها الدولية، إلا أنّه اعتبر أنّ الانقسامات أعاقت مسيرة الحكومة الانتقالية، "ولم تفلح كل مبادراتنا لإنهاء الانقسام".

وذكّر بأنّ الاتفاق الذي أبرمه مع العسكر كان "طريقًا لإنهاء العنف والانقسام والاهتمام بالاقتصاد وتحقيق السلام المجتمعي"، لافتًا في الوقت نفسه إلى أنّ "ثورة ديسمبر كانت ملهمة لكل العالم بشعاراتها الصادقة واللحمة الشعبية التي حققتها".

هل تكون الاستقالة "مدخل الحلّ"؟

وبحسب مراسل "العربي" في الخرطوم، فإنّ استقالة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك اليوم "وضعت البلاد في منعرج سياسي خطير جدًا".

ويشير مراسلنا إلى أنّ هذه الاستقالة قد لا تكون "مدخلًا إلى الحلّ"، خصوصًا أنّ الكلمة لم تحمل أيّ مؤشرات لحصول توافق ما أفضى إليها.

ويلفت إلى أنّ حمدوك كان قد لوّح بالاستقالة مرارًا الأسبوع الماضي، وهو حاول إيجاد نقطة التقاء للفرقاء السياسيين، لكنّه لم ينجح في ذلك.

ويخلص مراسل "العربي" إلى أنّ المحكّ الرئيس والتساؤل الآن هو حول من سيخلف حمدوك وما مصير الاتفاق الذي جمعه بقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وكيف سيتعامل المكوّن العسكري مع الراهن السياسي الجديد.

"خطاب الكراهية والتخوين"

وكان حمدوك استهل خطاب الاستقالة بالإشارة إلى أنّ حكومة المرحلة الانتقالية واجهت الكثير من التحديات أهمّها تشويه الاقتصاد الوطني والعزلة الدولية الخانقة والفساد والديون التي تجاوزت 60 مليار دولار وتردي الخدمة المدنية والتعليم والصحة.

ولفت إلى أنّ الحكومة تعاملت مع كل هذه التحديات منذ فجرها الأول، "إلا أننا بجهد جماعي استطعنا تحقيق بعض الإنجازات" في مجال السلام وغيرها، مشيرًا في هذا السياق إلى اتفاق جوبا، مضيفًا: "نجحنا في بعض الملفات وأخفقنا في بعضها الآخر".

وإذ ذكّر حمدوك بأنّ قبوله التكليف كان على أرضية الوثيقة الدستورية، لفت إلى أنّ الانقسامات سرعان ما ظهرت في التطبيق، ووصلت تداعياتها إلى المجتمع ومكوّناته المختلفة، "فظهر خطاب الكراهية والتخوين وعدم الاعتراف بالآخر وانسدّ أفق الحوار بين الجميع ما جعل مسيرة الانتقال مليئة بالعقبات والتحديات".

الاتفاق "الإطاري" مع المكون العسكري

وتحدّث حمدوك عن الاتفاق الإطاري مع المكون العسكري، مشيرًا إلى أنّه كان محاولة لإنهاء العنف والانقسام، وبالتالي لإعادة مسار التحول المدني الديمقراطي.

وتوجّه بالشكر إلى "كل الأصدقاء في كل دول العالم وكل الشعوب المحبة للحرية والسلام والعدالة التي آمنت بهذه الثورة الملهمة وهذا الشعب العظيم"، قائلًا: "كانت وقفتكم رائعة في دعم تطلعات الشعب السوداني وحقه في الحرية والسيادة".

وشدّد على أنّ "وطننا لا تنقصه الموارد في باطن الأرض"، موجّهًا في هذا السياق "دعوة للمستثمرين في كل مكان وفي مختلف المجالات لبناء شراكات تنموية واستثمارية تعود بالنفع على الجميع".

"نلت شرف خدمة بني وطني"

وقال حمدوك: "ألهمتني ثورة ديسمبر كما ألهمت الملايين بصمود شبابها وشاباتها الأسطوري وبشعاراتها التي جسّدت تطلعات الإنسان، وقد لبّيت نداء وطني كواحد من أبناء هذه الأرض الذين تداعوا لبناء بلدهم من كل حدب وصوب وهم ينشدون وأنا معهم إننا شعب عظيم".

وأضاف: "لقد نلت شرف خدمة بني وطني لأكثر من عامين وخلال هذا المشوار كسبت أحيانًا وأخفقت أحيانًا، لكنني كنت موقنًا بالنصر إذا ما توفرت الإرادة الوطنية والصبر والتوافق على الحد الأدنى من قضايا الانتقال الوطني والديمقراطي".

إلا أنّه اعتبر أنّ الأزمة الكبرى اليوم في الوطن هي أزمة سياسية في المقام الأول، ولكننها تتحور تدريجيًا لتشمل كل جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية وفي طريقها لتصبح أزمة شاملة.

الحوار ثمّ الحوار

وتوجّه رئيس الوزراء السوداني إلى الشعب قائلًا: "أنتم السلطة العليا بالنسبة لنا بعد الله ثم الضمير الحي ولأنكم أصحاب الأمانة وبكم نهتدي ولكم ومعكم نعمل سويًا بلا تراتبية".

واعتبر أنّ "مشكلة الوطن الكبرى هيكلية بين مكوناتنا السياسية والمدنية والعسكرية وهي من نوع المشكلات التي تظهر في واقع ما بعد سقوط الأنظمة الشمولية وما بعد توقف الحرب الأهلية"، مشيرًا إلى أنّ "هذا التوصيف ينطبق تمامًا على الواقع السوداني الماثل والمتفرّد".

ورأى أنّ "الكلمة المفتاحية نحو الحل لهذه المعضلة المستمرة منذ أكثر من ستة عقود من تاريخ الوطن هي الركون إلى الحوار في مائدة مستديرة تمثل فيها كل فاعليات المجتمع السوداني والدولة لرسم خارطة طريق لإكمال التحول المدني الديمقراطي".

إعلان الاستقالة

وفي ختام كلمته، أعلن حمدوك استقالته من منصبه، مفسحًا المجال أمام شخصية أخرى لاستلام مهامه، مشدّدًا في الوقت نفسه على أنّ الحوار هو السبيل الوحيد لإكمال التحول المدني الديمقراطي على أكمل وجه.

وقال متوجّهًا إلى الشعب: "منحتموني شرف رئاسة مجلس الوزراء في هذا الظرف الدقيق والمفعم بالآمال، وحاولت بقدر استطاعتي أن أجنّب بلادنا خطر الانزلاق نحو الكارثة، والآن تمر بلادنا بمنعطف خطير قد يهدد بقاءها.. في ظل هذا الشتات داخل القوى السياسية والصراعات العدمية بين كل مكونات الانتقال، ورغم ما بذلت كي يحدث التوافق.. لكن ذلك لم يحدث". 

وجاء خطاب حمدوك بعد انضمام ثلاثة متظاهرين إلى قافلة ضحايا الاحتجاجات بعدما سار آلاف السودانيين باتجاه القصر الرئاسي بالخرطوم متحدين الغاز المسيل للدموع الذي أطلقته قوات الأمن السودانية، وسط انقطاع كامل جديد للاتصالات وانتشار كثيف للجنود المسلحين.

ومنذ انقلاب الفريق أول عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قتل 56 متظاهرًا وأصيب المئات. 

وكانت السلطات السودانية أغلقت في وقت سابق الأحد الجسور التي تربط الخرطوم وأحياء أم درمان وبحري ونشرت عربات مسلحة لقوات الامن وقطعت الاتصالات والإنترنت تحسبًا للتظاهرات وفق مراسل فرانس برس. ولم تعد خدمتا الاتصالات والإنترنت إلا مساء.

وفي وقت سابق، وجّه مجلس الأمن والدفاع السوداني بالإسراع في استكمال إجراءات التحري والتحقق ومحاسبة المتورطين في تظاهرات ديسمبر/ كانون الأول الماضي، مجدّدًا ثقته في القوات النظامية.

إلى ذلك، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إنّ استيلاء الجيش على السلطة في السودان والعنف ضد المتظاهرين ألقيا بظلال من الشكّ على مستقبل العلاقة بين البلدين.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
تغطية خاصة
Close