دعت المقررة الأممية الخاصة بالأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيز المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل، وطالبت بفرض عقوبات عليها وحظر تزويدها بالأسلحة، بالإضافة إلى تعليق العلاقات السياسية والدبلوماسية معها حتى توقف هجومها على رفح. ووصفت الأنباء التي تصل من جنوب غزة بالمروعة.
وتأتي هذه التصريحات تزامنًا مع أمر محكمة العدل الدولية تل أبيب بوقف هجومها وفتح معبر رفح فورًا.
وأخذ الموقف الأوروبي خطوات فرّق فيها بين دعم إسرائيل أو الانصياع للمؤسسات القانونية، فدعم تل أبيب بات في المنطق الأوروبي فعلًا منافيًا للقانون ولو أتى على سبيل التلميح.
إحياء المفاوضات
فقد ذهبت وفود إلى باريس من أجل إحياء المفاوضات وسط أنباء عن استئنافها خلال الأيام المقبلة، فيما أكّدت تل أبيب أن رئيس الموساد دافيد برنياع عرض خلال اجتماع فرنسا مقترحًا إسرائيليًا جديدًا لصفقة التبادل، فيما تبقى مسألة إيقاف الحرب هي المسألة العالقة.
وقد فاجأت هذه الإشارات بعودة المفاوضات واشنطن، وفق منصات إعلامية، لكنها أكّدت دعم إدارة بايدن للمسار.
فالولايات المتحدة هي التي أعطت الضوء الأخضر للعدوان الإسرائيلي على غزة ضمن منطق المراحل المتتالية وغضّت الطرف عن شرط إجلاء المدنيين وتحييدهم، بل وأعطت المجال للجيش الإسرائيلي بفرض النزوح القسري ضد الفلسطينيين في ظروف تسيطر عليها للمجاعة والأمراض والتدمير المنهجي للبنية التحتية بمستويات عدة، فيما قالت حركة حماس لـ"العربي" إن "وقف إطلاق النار هو السبيل الوحيد للوصول إلى الصفقة".
موقف إسرائيلي متشرذم
وفي هذا الإطار، يشير رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الخليل بلاد الشوبكي إلى عدم وجود موقف إسرائيلي موحد في ما يتعلق بما يجري سواء في قطاع غزة أو بإدارة علاقات إسرائيل على المستوى الغربي.
وفي حديث إلى "العربي" من الخليل، قال الشوبكي: "هناك خطان لا يلتقيان في إسرائيل وهما خط الصهيونية الدينية وبدرجة أقل خط رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في الائتلاف اليميني، والخط الذي يقوده المعسكر الصهيوني بقيادة بيني غانتس".
ويعتبر الشوبكي أن " الوزير غانتس لديه مشكلة في التعامل مع علاقات إسرائيل على المستوى الخارجي ويدفع مع الوزير آيزنكوت ومعه المؤسسة العسكرية والمؤسسة الأمنية بشقيها الموساد والشاباك لتعديل سلوك إسرائيل"، لافتًا إلى أن "ذلك لا يعني أن هذا الطرف هو ضد العملية العسكرية أو ضد الحرب، بل أنه يريد حربًا دون أضرار جانبية تجلب لإسرائيل الكثير من الخسارات وأهمها العزلة على المستوى الدولي".
في المقابل، يرى خط الصهيونية الدينية أنه لا بد لإسرائيل أن تستكمل العملية العسكرية، بحسب الشوبكي، الذي يعتقد أنه ليس بمقدار الدول الغربية التي تنتقد إسرائيل أن تفرض عقوبات عليها.
تغيّر في الموقف الأوروبي
وبشأن الرؤية الأوروبية لمسار الحرب على غزة، يشير الباحث في مركز السياسات الأوروبية في بروكسل جيمس موران إلى أن الأمور تتغير في أوروبا، لافتًا إلى "عدة تطورات رئيسية ومنها أن إسبانيا وأيرلندا ستعترفان بالدولة الفلسطينية وسيتبعهما ثلاث دول أخرى من الاتحاد الأوروبي".
ورجح موران أن غالبية الدول الأوروبية سوف تعترف بدولة فلسطين وهو ما اعتبره "أمرًا مهمًا على المدى الطويل".
وفي حديث إلى "العربي" من بروكسل، لفت موران إلى ما يحدث في محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، موضحًا أن عضوية المحكمة الجنائية الدولية شرط لكي تكون الدولة عضوًا في الاتحاد الأوروبي. وأكّد أن السعي لاستصدار مذكرات اعتقال ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الأمن يوآف غالانت أُخذت على محمل الجد من قبل الجانب الأوروبي، و"هو ما يغيّر الأمور على المستوى السياسي".
أمّا على مستوى الشعوب، أشار موران إلى الاحتجاجات والمظاهرات التي شهدتها عواصم أوروبية خلال الفترة الماضية و"التي تطالب بإنهاء الحرب على غزة وبدء مفاوضات يميلون فيها لموقف الفلسطينيين".
واشنطن تسعى لوقف إطلاق النار
من جانبه، يعتبر توماس واريك مساعد وزير الخارجية الأميركي سابقًا أن واشنطن لا تشعر بالعزلة نتيجة موقفها الداعم لإسرائيل.
وأكّد في حديث إلى "العربي" من واشنطن أن "الولايات المتحدة تلعب دورًا مهمًا حيث تحاول التوصل إلى وقف لإطلاق النار وإرساء هدنة لمدة ستة أسابيع، والإفراج عن الكثير من الرهائن الإسرائيليين وتوفير المساعدات الإنسانية على نحو أفضل للمدنيين في غزة".
وقال واريك: "إن واشنطن أخذت علمًا أن إسرائيل غيّرت من خططتها العسكرية، وهي عازمة على تنفيذ عمليات هجومية محدودة لتعقب كتائب متبقية لحركة حماس في رفح".
ويوضح أن حركة حماس تصمم على انسحاب إسرائيل من غزة وعلى بقائها في الحكم، بينما تعتبر إسرائيل أنه يجب الإطاحة بالحركة من السلطة بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول. وأكد أن صانعي السلام في مصر وقطر والولايات المتحدة عازمون على بذل جهود في الأيام القادمة لردم الهوة بين الجانبين.