تعدّ السنة الحالية من أكثر السنوات اضطرابًا بالنسبة لإسرائيل منذ قيامها في عام 1948، حيث تنوعت بين جلسات استماع من محاكم دولية، وعقوبات على مستوطنين متطرفين، ووحدات من الجيش.
وأمس الجمعة، أمر قضاة محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة إسرائيل بالوقف الفوري لهجومها العسكري على مدينة رفح جنوب قطاع غزة، في حكم طارئ تاريخي في قضية رفعتها جنوب إفريقيا التي تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية.
ما هي قضية جنوب إفريقيا؟
في 12 يناير/ كانون الثاني المنصرم، بدأت محكمة العدل الدولية جلسات الاستماع للنظر في دعوى تتهم فيها إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية بحق الفلسطينيين.
وجاء في الملف الأولي الذي قدمته جنوب إفريقيا بعد مرور ثلاثة أشهر على اندلاع العدوان على غزة ويتكون من 84 صفحة، أن قتل إسرائيل للفلسطينيين في غزة وإلحاق أذى نفسي وجسدي جسيم بهم وخلق ظروف معيشية تهدف إلى "تدميرهم جسديًا" يعد إبادة جماعية.
وركزت جنوب إفريقيا في جلسات الاستماع، على تقاعس إسرائيل عن توفير الإمدادات الأساسية من الغذاء والمياه والأدوية والوقود والمأوى وغيرها من المساعدات الإنسانية لغزة خلال الحرب المستمرة.
وأشارت أيضًا إلى حملة القصف المستمرة التي أسفرت حتى الآن عن استشهاد 36 ألف فلسطيني، وفقًا لمسؤولي قطاع الصحة في غزة.
وأمرت العدل الدولية الاحتلال الإسرائيلي في 26 يناير بمنع أعمال الإبادة الجماعية الفلسطينيين، وأعلنت المحكمة في مارس/ آذار المزيد من التدابير الطارئة حينما أمرت إسرائيل باتخاذ جميع الإجراءات الضرورية والفعالة لضمان وصول الإمدادات الغذائية الأساسية للفلسطينيين في قطاع غزة.
وفي 16 مايو/ أيار الجاري طلبت جنوب إفريقيا من المحكمة إصدار أمر للقوات الإسرائيلية بوقف عملياتها في رفح جنوبي غزةـ حيث لجأ أكثر من مليون شخص بعد نزوحهم بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية في الشمال.
كما طلبت من المحكمة أن تأمر إسرائيل بالانسحاب الكامل من قطاع غزة.
ما هو رد إسرائيل؟
أما في إسرائيل، فقد رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اتهامات الإبادة الجماعية، وزعمت إسرائيل إنها تفعل ما في وسعها لحماية المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة متهمةً حركة "حماس" باستخدام الفلسطينيين دروعًا بشرية، وهو ما تنفيه الحركة.
كما يتحجج الاحتلال قائلًا: إن حق الدفاع عن النفس يجب أن يكون مكفولًا له، بعد هجوم "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.
وقالت إسرائيل في دفاعها أمام محكمة العدل الدولية في 17 مايو، إن طلب جنوب إفريقيا "يستخف باتفاقية منع الإبادة الجماعية"، وطلبت من القضاة رفضه.
ما هي قرارات محكمة العدل حتى الآن؟
وقضت المحكمة أمس الجمعة 24 مايو/ أيار بأن الوضع في قطاع غزة تدهور منذ أن أمرت إسرائيل آخر مرة باتخاذ خطوات لتحسين الوضع، وبالتالي تم استيفاء الشروط لإصدار أمر طارئ جديد.
وقال رئيس المحكمة نواف سلام: "على دولة إسرائيل.. أن توقف فورًا هجومها العسكري وأي عمل آخر في محافظة رفح قد يفرض على المجتمع الفلسطيني في غزة ظروفًا معيشية يمكن أن تؤدي إلى التدمير المادي له على نحو كلي أو جزئي".
كما أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل بفتح معبر رفح بين مصر وغزة للسماح بدخول المساعدات الإنسانية. وأضافت أنه يتعين على إسرائيل السماح للمحققين بالوصول إلى القطاع المحاصر، وتقديم تقرير عن التقدم الذي أحرزته في غضون شهر واحد.
في المقابل، لم تحكم في قضية الإبادة الجماعية الأوسع نطاقًا، وهو حكم قد يستغرق صدوره سنوات.
يذكر أنه مع أن أحكام محكمة العدل الدولية نهائية وغير قابلة للطعن عليها، فإن المحكمة لا تملك أي سلطة لتنفيذها.