كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية أن حالة من الذعر تُسيطر على المستثمرين في العملات الرقمية مخافة أن يفقدوا استثماراتهم مع الانهيار السريع لقيمة هذه العملات خلال الفترة الماضية.
وذكرت الصحيفة أن مقرض العملات المشفّرة الأميركي "سيلسيوس"، جمّد عمليات السحب والتحويلات من حسابات مستثمريها، قبل أن تستأجر محامين لإعادة الهيكلة للمساعدة في التعامل مع مشاكلها المالية المتصاعدة.
وأثارت هذه الخطوة مخاوف من حدوث تداعيات أوسع في سوق الأصول الرقمية.
وقال مايك واشبورن، أحد المستثمرين في العملات الرقمية، للصحيفة إنه يمتلك 100 ألف دولار في حساب "سيلسيوس" وكان يجني مكاسب خلال الأشهر الأخيرة، لكنه الآن يأمل في استعادة أمواله فقط.
وينتظر واشبورن بفارغ الصبر سماع ما سيحدث لحسابه، قائلًا: "إذا لم أر هذه الأموال مرة أخرى، فسوف أعود أنا وأسرتي إلى الوراء لسنوات"، مضيفًا: "في أعماقي لا أعتقد أنه ستكون هناك نتيجة جيدة، لكني آمل أن أكون مخطئًا".
ومع ارتفاع أسعار الفائدة، انخفضت أسعار العملات الرقمية الأخرى على غرار بيتكوين وإيثر، وتنخفض شعبية أصولها، ما يُجبر شركات العملات الرقمية على خفض الوظائف ووقف عمليات الاندماج ومنع العملاء من سحب الاستثمارات الرقمية، الأمر الذي شكل صدمة للمستثمرين.
وأوضح الخبير الاقتصادي البروفيسور بيار الخوري، في حديث إلى "العربي"، أن العملات الرقمية لا سلطة مركزية خلفها، وبالتالي هي عرضة للتذبذب في الأسعار بين الصعود والهبوط العنيف، وخروجها ودخولها إلى السوق.
انخفاض إلى أدنى مستوى
والأربعاء، انخفضت قيمة عملة بتكوين إلى أدنى مستوى لها منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي. وأدى انخفاض قيمة بيتكوين إلى تراجع العملات الرقمية الأصغر معها، والتي تتأثر بتحركات بتكوين، فهبطت قيمة "إيثر"، ثاني أكبر عملة مشفرة بعد بيتكوين، 9.4% إلى 1090 دولارًا.
وأدت خطوة "سيلسيوس" إلى تجميد 11.8 مليار دولار من أصول العملاء، حسب تقرير للشركة صدر في شهر مايو/ أيار الماضي. ومنذ ذلك الوقت، لا تزال الأصول مجمّدة، وغرّد مؤسس "سيلسيوس" ورئيسها التنفيذي أليكس ماشينسكي، على تويتر قائلًا: إن الشركة "تعمل بلا توقف" لحل هذه القضية.
وتضمّ الشركة حوالي 1.7 مليون عميل، ودفعت للعملاء عوائد سنوية بنسبة تصل إلى 18.6% على ودائع العملات المشفرة، لكن السحب الجماعي لأصول المودعين قد يضطر الشركة لبيع ممتلكاتها، ما سيلحق بها "خسائر كبيرة".
عام 2017، نشأت الشركة وتمّ الترويج لها باعتبارها "بديلًا آمنًا" للبنوك. ومثل المقرضين الآخرين ، قبلت "سيلسيوس" ودائع العملاء من العملات المشفرة وأقرضتها للمستخدمين الآخرين، بما في ذلك صناع السوق والبورصات، لكسب العوائد.
ووضعت "سيلسيوس" ما لا يقل عن 470 مليون دولار في استثمارات تراجعت قيمتها، الأمر الذي وضع الشركة أمام مشكلات صعبة. فإذا كان عملاؤها سيسحبون ودائعهم من عملة "إيثر" بشكل جماعي، سيتعيّن على الشركة بيع ممتلكاتها من هذه العملة التي سجّلت خسائر كبيرة.
وقال مات نوفاك، أحد المستثمرين في الشركة لـ"وول ستريت جورنال" إن استثماراته في العملات الرقمية تمثّل حوالي 60%، من أموال التقاعد الخاصة به، مضيفًا أن "قيمة تلك الأموال كانت نحو 93 ألف دولار مطلع الأسبوع الماضي لكنها انخفضت إلى نحو 28 ألف دولار في وقت سابق هذا الأسبوع".
من جهته، حذر رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات غاري جينسلر، في تصريحات للصحيفة، من أن المستثمرين الذين يمتلكون عملة مشفّرة من خلال منصّات تداول غير مسجلة، لا يتمتعون بنفس الحماية عبر الاستثمار في وساطة مسجّلة.
في مايو/ أيار الماضي، قالت شركة "كوين بايس" (coinbase) لتبادل العملات الرقمية: إن العملاء قد يفقدون الوصول إلى أصولهم الرقمية الموجودة في البورصة "إذا أفلست الشركة".
وعلى مدار العام الماضي، باع كبار المستثمرين البارزين ومؤسسي العملات المشفرة استثماراتهم، وحققوا أرباحًا قبل عمليات البيع الأخيرة.
ونقلت الصحيفة عن أشخاص مطلعين على الأمر قولهم: إن شركة "غالكسي ديجيتال هولدينغ"، التابعة للملياردير مايك نوفوغراتز، باعت العديد من العملات المشفّرة. وفي وقت سابق من هذا العام، تحدّث نوفوغراتز بشكل إيجابي عن العملة المشفرة "لونا"، وباقي العملات المشفرة المختلفة.
في الأيام الأخيرة، قامت بعض شركات العملات الرقمية بتسريح الموظفين. وقالت شركة "بلوك في" المقرضة للعملات المشفرة، الإثنين، إنها قلّصت عدد الموظفين بنسبة 20%.
بدورها، قالت كوين بايس، الثلاثاء، إنها ستقلّص حوالي خُمس عدد موظفيها، نتيجة "نمو الشركة بسرعة كبيرة" و "توقعات بركود محتمل".