في اليوم العالمي لضحايا الحرب الكيميائية، يتذكّر السوريون هجمات النظام الكيميائية على مدينة خان شيخون بإدلب والغوطة الشرقية بريف دمشق، والتي قتل فيها المئات من المدنيين.
وإزاء ذلك، يواصل أعضاء الدفاع المدني في سوريا وعدد من المنظمات الدولية محاولتهم استكمال تجميع الأدلة الكافية لتقديم المسؤولين عن تلك المجازر إلى العدالة. بينما ما تزال بعض الإجراءات تواجه عراقيل سياسية وقانونية.
وتقول أسماء حاج بكري، وهي متطوعة في الدفاع المدني المعارض، وناجية من الهجوم الكيماوي على مدينة خان شيخون في أبريل/ نيسان 2017، إنها لم تنس منذ خمس سنوات المشاهد التي رأتها في تلك المنطقة.
وتؤكد في حديث إلى "العربي"، أن ما رأته "كان أصعب يوم في حياتها"، وتضيف: "شاهدت الناس وهم يلفظون أنفاسهم الأخيرة ويخرج الزبد من أفواههم".
وكان الدفاع المدني أول من وثّق تلك الهجمات الكيماوية، إذ عملت فرقه على مساعدة المصابين وتوثيق كل الحالات. كما تعقد جلسات متكررة للبحث في تحقيق العدالة عبر التواصل مع مؤسسات حقوقية دولية لتوثيق الضحايا والأضرار التي خلفها القصف بمواد محرمة دوليًا.
وفي هذا السياق، يشير نائب مدير الدفاع المدني منير المصطفى إلى أن الدفاع المدني قام بتوثيق الانتهاكات التي ارتكبتها القوات الروسية وقوات النظام السوري داخل سوريا.
ويؤكد في حديث إلى "العربي" أن عملية التوثيق تهدف إلى "أخذ حق الضحايا الذين سقطوا في هذه الاستهدافات".
النظام السوري ضالع بالأدلة
من جانبه، يقول مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، إنه لا يوجد نظام استخدم الأسلحة الكيميائية بعد اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية إلا عند النظام السوري، وهو أوسع استخدام، وخاصة أن السلاح يصنف على أنه سلاح دمار شامل.
ويضيف عبد الغني في حديث لـ"العربي" من لاهاي، أنه في سوريا هناك أدلة قاطعة على استخدام السلاح الكيماوي من قبل النظام السوري، ولسنا بحاجة لأي دليل إضافي تجاه النظام، خاصة أن لجنة التحقيق الدولية اتهمت النظام السوري بارتكاب 34 هجومًا كيماويًا.
وأشار عبد الغني، إلى وجود 400 ضابط من النظام السوري، متورطون باستخدام السلاح الكيماوي.
ويلفت عبد الغني، إلى أن "الإدانة الواسعة للنظام السوري يجعل من إعادة العلاقة معه مدانة كونه نظاما منبوذا ومحتقرا دوليًا".
ويعتبر عبد الغني، أن النظام السوري خدع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، حيث إنه عام 2013 عقب هجوم الغوطة صادق النظام على اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية.
ويبين مدير المنظمة أنه في عام 2014 تم شحن كافة الأسلحة من سوريا، لكنه في أواخر عام 2016 أكد تدمير الأسلحة في سوريا، ثم جرى اتهام النظام بارتكاب هجوم اللطامنة الكيماوي في مارس/ آذار 2017، وهذا يدل على أن النظام ما يزال يمتلك الأسلحة وهناك مستودعات لم يكشف عنها.
ويؤكد عبد الغني، أن النظام السوري استخدم 217 هجومًا كيماويًا في سوريا، وهو مستعد لاستخدامه مئات المرات.
ويعتبر أن من فوائد التقارير أنها تشكل ضغطًا على الروس المتورطين بمساعدة النظام السوري باستخدام الأسلحة الكيميائية عبر تسهيلات وحمايته داخل مجلس الأمن، مما يعني أن موسكو تدفع تكلفة سياسية لنظام متورط.
ويلفت عبد الغني، إلى أنه لا يوجد طعن منهجي على التقارير الدولية حول استخدام الأسلحة الكيميائية، وبالتالي أمر الاستخدام محسوم، وهذا يشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية لقتل المدنيين.
بحاجة لعدالة انتقالية
وذهب عبد الغني للقول: "هناك فشل دولي وخاصة من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا بحسب اتفاقيات جنيف حول الأسلحة الكيميائية، إذ إن هناك 184 هجمة كيماوية بعد توقيع النظام على اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية".
ويبيّن مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، أن عدد قتلى الهجمات الكيماوية في سوريا هو 1510 أشخاص اختنقوا، هذا عدا عن مقتل ربع مليون مدني بأسلحة أخرى".
واستدرك قائلًا: "هناك نحو 11 ألف مصاب بهجمات كيماوية بسوريا، منهم من تعافى بينما هناك من سبب لهم إعاقات".
وحول السبيل للعدالة من الهجمات، يقول عبد الغني، إنه "ليس رأس النظام السوري بشار الأسد هو المتورط بل هناك عدد كبير من الضباط ساعدوا في ذلك لكون تركيبه معقدا".
ويشدد عبد الغني، على "ضرورة وجود تكريم للضحايا وتعويض معنوي عبر تخليد ذكراهم وتسمية شوارع ومدارس بأسمائهم، أي أن الموضوع بحاجة لعدالة انتقالية، وبالتالي طالما لا يوجد هناك انتقال سياسي بسوريا فلا يمكن محاسبة النظام كون الجرائم لا تسقط بالتقادم مهما طال الزمن".