الجمعة 22 نوفمبر / November 2024

ذكرى "17 تشرين" تعود على وقع الأزمات.. هل كان "تغيير النظام" لينقذ لبنان؟

ذكرى "17 تشرين" تعود على وقع الأزمات.. هل كان "تغيير النظام" لينقذ لبنان؟

شارك القصة

طالب محتجو "17 تشرين" بتغيير النظام والطبقة السياسية "الفاسدة"
طالب محتجو "17 تشرين" بتغيير النظام والطبقة السياسية "الفاسدة" (غيتي)
في الذكرى الثانية لانطلاق احتجاجات 17 أكتوبر لعام 2019 التي شهدها لبنان إثر قرار بفرض ضريبة على تطبيق واتساب، استعادة لما كان عليه المشهد عشية "الانتفاضة".

عندما اندلعت الاشتباكات على أحد خطوط تماس الحرب الأهلية في بيروت قبل أيام، وأكدت المؤكد بشأن الانقسام السياسي في لبنان، استذكر ناشطون حراك السابع عشر من أكتوبر/ تشرين الأول عام 2019.

وحملت هذه الاستعادة التي جاءت على بعد أيام من الذكرى الثانية لانطلاقة تحركات شعبية عابرة للمناطق والطوائف، ورفعت شعارات الربيع العربي من حيث المطالبة بإسقاط النظام وبالعدالة الاجتماعية، تأكيدًا بأن التغيير المنشود، لو قُدّر له أن يتحقق، لكان قادرًا على لجم مثل تلك الحوادث في بلد الطوائف.

وذهب بعض من استخدموا مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن سخطهم من مشهد تبادل إطلاق النار عند مستديرة الطيونة وما نتج عنه من ترويع للأهالي وسقوط للقتلى، إلى التساؤل بشيء من السخرية عن سبب غياب قنابل الغاز التي شهدتها ساحات التظاهر، من بيروت إلى طرابلس وباقي المناطق اللبنانية.

وقد قصدوا بذلك الإشارة إلى "القمع" الذي واجهتهم به القوى الأمنية على مدى أسابيع، في محاولاتها لتفريق احتجاجاتهم ضد السلطة.

فكيف بدا لبنان في 17 أكتوبر عام 2019، باعتبار أن هذا التاريخ شكل انطلاقة لتحركات تكثّفت ثم تباعدت إلى أن غابت عن المشهد السياسي؟

ما قبل ضريبة الواتساب

لا يمكن الحديث عن 17 أكتوبر، الذي اختلف المتابعون في تسميته، فاعتبره بعضهم انتفاضة وأسماه آخرون ثورة وحراكًا، من دون استعادة ما كان عليه الوضعان السياسي والاقتصادي في لبنان.

فحتى نهاية سبتمبر/ أيلول 2019، كانت مناطق لبنانية عدة قد شهدت احتجاجات متكررة على تردي الأوضاع وارتفاع معدلات البطالة، مقابل شح العملات الصعبة وتراجع قيمة الليرة التي بلغت حينها 1650 مقابل الدولار.

كما عانى لبنان ولأكثر من عام أزمة اقتصادية خانقة أدّت إلى إغلاق خمس المصانع وأكثر من 40% من المتاجر. 

هكذا، وبعد أربعة أيام على اندلاع سلسلة حرائق التهمت مساحات واسعة من الأحراج وأظهرت عجز السلطات عن أداء مهامها، كان لبنان على موعد مع حراك شعبي عابر للأحزاب والطوائف في 17 أكتوبر، بدأ في العاصمة ثم تمدّد باتجاه مختلف المناطق.

واعتُبر قرار حكومي قضى بفرض ضريبة على خدمة الواتسآب في ذلك الحين الشرارة التي أشعلت الشارع، غير أن المحتجين ندّدوا بأداء الحكومة وبالفساد المتراكم في مفاصل إدارات الدولة الرسمية ومؤسساتها.

كما طالبوا بتغيير النظام و"الطبقة السياسية الفاسدة" كلها، التي حمّلوها مسؤولية تردّي الوضع الاقتصادي وضيق الأحوال المعيشية.

وعلى الرغم من أنّ الحكومة برئاسة سعد الحريري تراجعت عن فرض الرسم المالي، إلا أن الاحتجاجات الشعبية استمرت.

وفي 18 أكتوبر، أغلقت المدارس والجامعات والمصارف والمؤسسات العامة أبوابها. وفي الـ20 منه، بلغ الحراك الشعبي ذروته مع تظاهر مئات الآلاف في كل أنحاء البلاد. وفي نهاية الشهر نفسه وعلى وقع غضب الشارع، استقالت حكومة الحريري.

وشهدت التظاهرات التي تداعى إليها المحتجون في وسط بيروت هجومًا متكررًا من قبل مناصري أحزاب السلطة، ولا سيما حركة أمل وحزب الله. 

واستعانت السلطة بالجيش لفضّ الاحتجاجات بالقوة في محيط البرلمان، كما عملت القوات الأمنية على فتح الطرقات مستخدمة العنف مرات كثيرة مع المتظاهرين في مناطق عدة.

وفي الجنوب، حيث أُقيمت تجمعات احتجاجية في عدد من المناطق من بينها صيدا والغازية والنبطية، لم يرق المشهد لمناصري حزب الله وحركة أمل. وبعد أن صمتوا على مضض، تدخلت شرطة البلدية المحسوبة على الطرفين لفضّ الاعتصام بالقوة.

أزمات متتالية

ما بدا انكفاء للمحتجين من الشارع في الأسابيع التالية، كان قد ترافق مع عدّة أزمات متتالية شهدها لبنان، وزاد من حدّتها تفشي وباء كورونا وانفجار مرفأ بيروت الذي أحدث دمارًا واسعًا في الاقتصاد والبنيان.

فعلى وقع الانهيار غير المسبوق، فُرضت ابتداء من نوفمبر/ تشرين الثاني قيود مصرفية مشدّدة على أموال المودعين. وأصبح 78% من اللبنانيين تحت خط الفقر. 

وبينما واصل ارتفاع أسعار السلع صعوده القياسي، ليصل إلى أكثر من 700%، هوت قيمة العملة المحلية تباعًا وبشكل متذبذب، وقد وصلت إلى أكثر من 20 ألف ليرة مقابل الدولار الواحد. 

بالتوازي مع امتداد الأزمة وتشعبها، عجزت السلطة عن تجاوز خلافاتها السياسية، ما تجلّى في فترة تسعة أشهر حاول خلالها الحريري تشكيل حكومة تخلف حكومة حسان دياب، التي استقالت عقب انفجار مرفأ بيروت، من دون نتيجة.

وما بين انتظار إضافي لتكليف جديد وتأليف جديد، ظهرت حكومة جديدة برئاسة نجيب ميقاتي. لكن أطراف السلطة نفسها، منقسمون حاليًا إزاء التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، فيما لم تتضح بعد مسارات التعامل مع الأزمة الاقتصادية.

تابع القراءة
المصادر:
العربي، وكالات
تغطية خاصة
Close