أعلن قادة الاحتجاج ضد خطة "إصلاح القضاء" في إسرائيل الاستمرار في فعالياتهم، رغم قرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تجميد خطته المثيرة للجدل بشكل مؤقت.
وفي وقت سابق من مساء الإثنين، قال نتنياهو في خطاب متلفز: "قررت تعليق تصويت الكنيست على تشريعات إصلاح القضاء، للتوصل إلى اتفاق واسع من منطلق المسؤولية الوطنية والرغبة في منع انقسام الأمة".
لكن آلاف المتظاهرين واصلوا التدفق إلى الشوارع في مدن إسرائيلية بما في ذلك تل أبيب، مؤكدين ضرورة إلغاء جميع التشريعات التي تتضمنها الخطة المثيرة للجدل، وعدم الاكتفاء بتجميدها مؤقتًا.
رفضا للتعديلات القضائية التي أقرها نتنياهو.. استمرار الاحتجاجات في شوارع تل أبيب pic.twitter.com/HDWP2j0FF9
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) March 27, 2023
واندلعت اشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين، الذين حاولوا الوصول إلى شارع أيالون في تل أبيب وإغلاقه، وفق صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية.
فوضى عارمة واعتقالات
واستخدمت الشرطة وسائل تفريق المتظاهرين مثل الخيالة وسيارات المياه العادمة والقنابل الصوتية لمنع المتظاهرين من الوصول للشارع الرئيسي.
وأصيب شرطيان إسرائيليان بعدما ألقى متظاهرون تجاههم الزجاجات، في تل أبيب.
انقسام وعنف غير مسبوق في إسرائيل.. واحتجاجات لا تتوقف ضد نتنياهو #تواصل pic.twitter.com/NFLmpLUkG0
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) March 27, 2023
ونقل موقع "والا" عن قادة الاحتجاج قولهم: "مستمرون في التظاهر".
وبحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، اعتقلت الشرطة ما مجموعه 33 متظاهرًا خلال احتجاجات تل أبيب مساء الإثنين.
ونقلت القناة (12) الخاصة، عن متظاهرة تدعى "نوعم" قولها: "يوجد هناك فوضى عارمة، الشرطة تستخدم المياه العادمة في جميع الاتجاهات، والخيالة يدخلون بين الحشود".
وأضافت: "كان هناك اضطراب كبير، ركض الناس فوق بعضهم البعض لتفادي الخيول".
وكان زعيم المعارضة يائير لابيد قد رحب بشكل حذر بخطاب نتنياهو بشأن تجميد "إصلاح القضاء".
وقال لابيد في تغريدات على تويتر: "يجب أن ندع الرئيس (إسحاق هرتسوغ) يحدد آلية التفاوض ونثق به كوسيط عادل. هذا كل ما طلبناه في الشهرين الماضيين: حوار حقيقي وبنّاء من قيادة مستعدة لتحمل المسؤولية".
وأضاف: "هذه أكبر أزمة في تاريخ البلاد. لدينا مسؤولية لحلها معًا، حتى نتمكن من العيش سويًا هنا. نحتاج اليوم إلى بناء البلد الذي سيعيش فيه أطفالنا في المستقبل".
تخوف من "مناورة" نتنياهو
لكنه ألمح إلى إمكانية اتخاذ رئيس الوزراء للقرار كمناورة لتهدئة الأجواء المتوترة في الشوارع، قائلًا: "سمعنا بقلق التقرير الذي بموجبه قال نتنياهو لرفاقه المقربين (أنا لن أتوقف في الحقيقة، أنا فقط أهدئ الأرواح)".
وحذر لابيد من أنه "إذا حاول نتنياهو المناورة، فسيجد مرة أخرى مئات الآلاف من الوطنيين الإسرائيليين العازمين على النضال من أجل ديمقراطيتنا"، حسب تعبيره.
تصاعد حالة الغليان في الشارع الإسرائيلي يدفع نتنياهو إلى تعليق التعديلات القضائية#العربي_اليوم تقرير: محمد الشياظمي pic.twitter.com/s3uhpb1IXi
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) March 27, 2023
ومساء الأحد، أقال نتنياهو وزير الدفاع يوآف غالانت، بعد يوم من مطالبة الأخير الحكومة بوقف خطة "إصلاح القضاء"، وعلى إثر ذلك، شهدت إسرائيل احتجاجات ليلية حاشدة استمر زخمها حتى ساعات فجر اليوم الإثنين.
خطة "إصلاح القضاء"
ويهدف مشروع الإصلاح الذي اقترحته حكومة نتنياهو، وهي من أكثر حكومات إسرائيل يمينية، إلى تعزيز سلطة البرلمان على حساب القضاء.
ويرى نتنياهو وحلفاؤه أن الإصلاح يهدف إلى إقامة توازن بين صلاحيات البرلمان والقضاء الذي يرون أنه مسيّس، بينما يقول منتقدو الإصلاح إن من شأنه تعريض الديمقراطية في إسرائيل للخطر.
وبيّنت الأيام الأخيرة وجود خلافات في صفوف الغالبية، إذ وجّه نائبان عن حزب الليكود بزعامة نتنياهو انتقادات لقراره إقالة غالانت وأعلنا دعمهما له.
أما حزب وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير "القوة اليهودية" اليميني المتطرف المنضوي في الائتلاف الحكومي والذي أشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أنه هدّد بالخروج من الحكومة في حال تم تعليق إجراءات تعديل النظام القضائي، فقد أعلن التوصل إلى اتفاق مع رئيس الوزراء يربط تعليق الإجراءات التشريعية بتوسيع حقيبته.
وفي مؤشر يدل على التحديات التي تواجهها البلاد، دعت شيخما بريسلر، إحدى منظمات التحرك الاحتجاجي، في تغريدة إلى عدم "الأخذ بأي كلمة يقولها" نتنياهو.
وقالت إحدى الجهات المنظمة للتحرك: "طالما أنّ العمل التشريعي (على التعديل) لم يتوقف بالكامل، سنتظاهر في الشوارع"، منددة بـ"محاولة جديدة من نتنياهو لتحويل انتباه الشعب من أجل إضعاف الحركة الاحتجاجية قبل إقامة دكتاتورية".
"إسقاط نتنياهو"
وبشأن إذ ما كان تعليق مشروع الإصلاحات القضائية من دون التنازل عنه مرضيًا للمعارضة وللشارع المحتج، يوضح القيادي في حزب التجمع الوطني الديمقراطي أمطانس شحادة، أن المعارضة لا تمثل كلّ حركات الاحتجاج في الداخل الإسرائيلي الآن، مشيرًا إلى أن حركات الاحتجاج أوسع وأكبر من أحزاب المعارضة الرسمية في الكنيست.
ويضيف في حديث إلى "العربي" من مدينة حيفا، أن ما يحدث الآن في الشارع الإسرائيلي من استمرار بعض المظاهرات، ووقوع صدامات واشتباكات، يدل على أن حركة الاحتجاج غير راضية تمامًا عن ما حصل.
ويشير شحادة إلى أن نتنياهو دخل بعد إقالة وزير الأمن الإسرائيلي في مأزق داخل حزبه، وهو قد يحتاج فترة زمنية لإعادة ترتيب الأوراق داخل حزب الليكود، للوقوف أمام الهزة الحقيقية والشرخ الكبير الذي حصل في المجتمع الإسرائيلي في الأشهر الأخيرة، وخصوصًا في الأيام الأخيرة، من إعلان إضراب عام من نقابة العمال في إسرائيل.
ويردف شحادة أن قسمًا من الاحتجاجات الإسرائيلية سيستمرّ، لأن متظاهرين أعلنوا أن هدفهم هو إسقاط نتنياهو، وليس فقط منع التعديلات القضائية، مؤكدًا أنه لا يوجد ثقة لدى هذه الفئة في نتنياهو.
ويرى أن نتنياهو يريد من خلال قراره أن يربح بعض الوقت، ويبدأ بمفاوضات شكلية مع أحزاب المعارضة لإجهاض وإسكات حركة الاحتجاج، مؤكدًا وجود أزمة حقيقية داخل حزب الليكود، ولا سيما بعد إقالة وزير الأمن، حيث تبين أنه لا توجد أغلبية مع نتنياهو لتمرير القانون.