السبت 16 نوفمبر / November 2024

رمضان في ليبيا.. مأكولات تقليدية تتحدى الأزمة المعيشية

رمضان في ليبيا.. مأكولات تقليدية تتحدى الأزمة المعيشية

شارك القصة

أكلات ليبية
تُعجن العجينة الساخنة وتُقسّم إلى قطع صغيرة بعد طهيها لمدة ساعة على الأقل- غيتي
يجتمع متطوعون ليبيون ليعدوا أطباقًا شعبية شهيرة وتقديمها مجانًا للصائمين في شهر رمضان.

يعمل حوالي ثلاثين متطوعًا من سكان تاجوراء، إحدى الضواحي في شرق العاصمة الليبية، يوميًا في طهي وتقديم نحو ثلاثمئة وجبة خلال شهر رمضان، في إطار حملة تضامن تسلّط الضوء على طبق ليبي تقليدي.

ويوحّد رجال من مختلف الأعمار جهودهم من أجل تحضير البازين، وهي من المخبوزات الليبية المصنوعة من الشعير والتي تُقدّم مع الحساء، كجزء من حملة تجمع بين التعاضد الاجتماعي وتقاليد الطهي لتوزيع وجبات مجانية على الصائمين خلال الشهر الفضيل.

ويوازي البازين العصيدة من دقيق الذرة ("polenta") الإيطالية أو وجبة فوفو ("fufu") المشهورة في غرب إفريقيا، وهو طبق أمازيغي في الأصل يُعتبر وجبة عائلية كلاسيكية من إقليم طرابلس ("تريبوليتانيا")، المنطقة الشمالية الغربية التاريخية من ليبيا.

كما يشكّل البازين رمزًا للمشاركة لدى الليبيين، وعادة ما يتم تناوله باليد من طبق مشترك يجلس حوله الضيوف على الأرض.

توزيع وجبات بصورة يومية على المحتاجين في تاجوراء - غيتي
توزيع وجبات بصورة يومية على المحتاجين في تاجوراء - غيتي

ارتفاع أسعار اللحوم

ويقول سالم عمران، وهو أحد الطهاة المشاركين في المبادرة التي تبلورت بعد ثورة 2011 التي أطاحت بنظام معمر القذافي: "في الماضي، كان هذا الطبق مقتصرًا على المنازل"، حيث كانت تعدّه النساء ويُقدّمنه "للأقارب والجيران".

ويوضح الرجل البالغ 60 عامًا لوكالة "فرانس برس"، "نحن نقدّم هذه الوجبات لكلّ من يقصدنا".

ويدور بجانبه رجال في مجموعات ثلاثية حول قدر كبير، وفي أيديهم عصي طويلة يخلطون فيها دقيق الشعير في الماء المغلي المملّح.

وبعد طهيها لمدة ساعة على الأقل، تُعجن العجينة الساخنة وتُقسّم إلى قطع صغيرة، تُحوّل بدورها إلى أشكال مخروطية شبيهة بالقبب، ثم توضع في وعاء مع يخنة الفول والطماطم والبهارات.

أكلات ليبية
توضع العجينة في وعاء مع يخنة الفول والطماطم والبهارات- غيتي

وتغيب اللحوم، التي كانت عنصرًا ضروريًا في هذه الوصفة، عن هذا الصنف الغذائي حاليًا بسبب ارتفاع أسعارها. لكن المتطوعين يتكيفون مع الوضع.

ويقول عصام الطيب (57 عامًا) وهو من سكان تاجوراء جاء للمساعدة في المبادرة: "انتقلنا من قدر إلى وعاء، ثم من وعاء إلى اثنين، وبتنا نقدّم حاليًا ما بين 300 إلى 400 وجبة يوميًا".

"الحياة صعبة على الليبيين الآن"

وفي العاصمة طرابلس، على بعد حوالي 22 كيلومترًا، نوع آخر من المعجنات المقلية يحتل حيزًا واسعًا على المائدة الرمضانية: السفنز، وهو أشبه بكعكة "دونات" مقلية طرية مصنوعة من العجين المخمر، عادة ما تكون محشوة بالبيض أو مغمّسة في العسل.

وبعدما كان من الأطعمة الرخيصة نسبيًا المباعة للمارّة في الشوارع، بات السفنز ترفًا لليبيين كثيرين بسبب الغلاء المعيشي.

ولا تزال ليبيا تكافح من أجل التعافي من سنوات الحرب التي أعقبت مقتل القذافي في عام 2011. كما أن البلاد منقسمة بين إدارتين متنافستين في طرابلس في الغرب، وبنغازي في الشرق.

أكلات ليبية
أثر عدم الاستقرار السياسي على المستوى المعيشي عند الليبيين- غيتي

وعلى الرغم من امتلاكها أكبر احتياطيات نفطية في إفريقيا واحتياطيات وفيرة من الغاز الطبيعي، أدى عدم الاستقرار المستمر إلى تقويض الاقتصاد، وأثّر بشكل كبير على مستوى المعيشة في ليبيا.

ويقول محمد صابر، الذي يدير متجرًا للسفنز على مشارف طرابلس إن الزبائن "يشترون في حدود إمكانياتهم"، مضيفًا: "اليوم، يبلغ سعر علبة البيض 20 دينارًا (حوالي 4 دولارات)، ما رفع سعر سفنز البيض إلى 3,5 دنانير"، بعدما كان لا يتخطى بضعة قروش.

ويوضح صابر، وهو تونسي يتقن اللهجة الليبية بعدما عاش وعمل لفترة طويلة في ليبيا، أن "الحياة صعبة بالنسبة لليبيين الآن".

وكان باعة سفنز مثل صابر يأتون تقليديًا من تونس المجاورة، موطن كعكة بمبالوني الشهيرة، لكن في السنوات الأخيرة أصبحوا نادرين في ليبيا.

غير أنّهم بدأوا بالعودة، رغم المنافسة من بائعي البرغر والشاورما، لأولئك الذين يستطيعون تكبّد تكاليفها.

ويصطف الزبائن من مختلف الأعمار أمام متجر صابر الصغير.

ويقول محمد البوشي، وهو زبون يبلغ 69 عامًا، مازحًا "الرائحة طيبة للغاية"، "لكن لأكون صادقًا معك، فهذا ليس مثاليًا للصحة".

تابع القراءة
المصادر:
أ ف ب

الدلالات

Close