الجمعة 15 نوفمبر / November 2024

"ريد بول بيعطيك جوانح".. القصة الكاملة للشركة التي استثمرت في الرياضة

"ريد بول بيعطيك جوانح".. القصة الكاملة للشركة التي استثمرت في الرياضة
الأربعاء 6 سبتمبر 2023

شارك القصة

أوجدت شركة "ريد بول" مفهومًا جديدًا في عالم كرة القدم يمزج بين التسويق الاقتصادي والتأثير الرياضي بشعار "ريد بول بيعطيك جوانح"
أوجدت شركة "ريد بول" مفهومًا جديدًا في عالم كرة القدم يمزج بين التسويق الاقتصادي والتأثير الرياضي بشعار "ريد بول بيعطيك جوانح"

تشكل تجربة شركة "ريد بول" واحدة من قصص النجاح، التي قد لا تكون مثالية بالضرورة، على أنه "لازم يكون عندك جوانح" لتتمكن من التحليق بحلم لأبعد نقطة ممكنة.   

فالشركة التي انطلقت رسميًا في العام 1987 دخلت مجالات الاستثمار في عالم الرياضة، ولا سيما كرة القدم، وهو ما عاد عليها تسويقيًا بالكثير.

فكيف انطلقت "ريد بول" وكيف دخلت عالم الرياضات من الخطرة التي تواجه الانتقادات إلى الأكثر شعبية في العالم؟ الإجابات يقدمها اليوتيوبر محمد أبو زيد (الكوير) في برنامج "مع الكوير"، الذي يُعرض حصريًا على منصّات "العربي" الرقمية.

مفهوم جديد في عالم كرة القدم

مع تنظيم أطر كرة القدم التي كانت لعبة تمارس للترفيه أصبح المجال أيضًا وسيلة لأصحاب رؤوس الأموال ليراكموا المزيد منها. 

فقد دفعت الشعبية التي تحظى بها هذه الرياضة العائلات البورجوازية إلى الاستثمار في الأندية من خلال تأمين مستلزماتها والمساهمة في رواتب اللاعبين. أما المقابل، فهو أن تظهر علاماتهم التجارية على القمصان واللوحات الإعلانية التي تحيط بالملعب.

وتم اختراع مصطلح "الراعي الرسمي" للفريق مع تطور التركيبة الاقتصادية، التي أصبحت أكثر تعقيدًا.

وقد أوجدت شركة مشروبات الطاقة "ريد بول" مفهومًا جديدًا يمزج بين التسويق الاقتصادي والتأثير الرياضي.

وتتميز هذه الشركة، التي يُعرف عنها شعارها "ريد بول بيعطيك جوانح"، بطريقتها التسويقية وإعلاناتها الشهيرة.

أوجدت شركة "ريد بول" مفهومًا جديدًا يمزج بين التسويق الاقتصادي والتأثير الرياضي
أوجدت شركة "ريد بول" مفهومًا جديدًا يمزج بين التسويق الاقتصادي والتأثير الرياضي

ماذا نعرف عن شركة ريد بول؟

تأسست شركة "ريد بول" عام 1987، غير أن نواتها والمشروب نفسه كانا قد ظهرا في العام 1982، عندما كان رجل الأعمال النمساوي ديرتيش ماتيتشز في رحلة عمل في هونغ كونغ.

حينها، لاحظ الإقبال الكبير في الفندق على مشروب آسيوي عرف لاحقًا أنه يساعد على مقاومة النعاس ويمنح شعورًا بنشاط أكبر.

وعلى الأثر، علم الرجل ذو العقل الاقتصادي أن هذا المشروع لشركة يملكها رجل أعمال تايلاندي يدعى تشاليو يوفيدهيا، فتمكن من إقناعه بصفقة شراكة لتسويق المشروب في أوروبا بعد إجراء تعديلات بسيطة عليه ليناسب المستهلك الأوروبي، ولا سيما أن فكرة مشروب الطاقة لم تكن موجودة أصلًا.

وإن كان ما تقدم قد شكل تحديًا بالنسبة لديرتيش، إلا أن شركة "ريد بول" انطلقت رسميًا بعد خطط تسويقية وعملية في النمسا عام 1987.

وكأي مشروع في بداياته، لم يلقَ المنتج الإقبال المنتظر بنتيجة اللوغو الخاص به وطعمه الذي بدا غريبًا وغير مقبول، إلى أن استقبلته الحانات بكل ترحاب وتم خلطه ببعض أنواع الكحوليات.

وفي العام الأول تمكنت الشركة من توزيع مليون عبوة، ثم بعد 3 أعوام باعت مليون عبوة في يوم واحد في ألمانيا. وبمرور الوقت بات العالم كله يعرف "ريد بول".

"ريد بول بيعطيك جوانح"

حدّد ديرتـيش مـاتيتشز في أول خطته التسويقية بوضوح الفئة المستهدفة بالمشروب، وهي تتراوح بين 18 و40 عامًا.

وبالسؤال عن الاهتمام المشترك الذي يمكن أن يجمع هؤلاء، كانت الإجابة: الرياضة. وعليه كانت الفكرة التسويقية كلّها قائمة على ربط مشروب ريد بول بالرياضة بشكل عام.

وقد توجهت الشركة لرعاية وتمويل الرياضات الخطيرة أو حتى التجارب الخطيرة التي يسعى أصحابها لتحطيم أرقام قياسية، ما يجعل الناس - ولا سيما الشباب - يربطون لا إراديًا فكرة مشروب الطاقة بالمغامرات.

في العام 1989، كانت "ريد بول" الراعي الرسمي للنمساوي غيرهارد بيرغـر سائق ماكلارين وفيراري في رياضة الفورمولا وان.

وفي العام 1992، نظمت الشركة حدثًا تحت اسم "فلاغ تاغ" يتمحور حول إنشاء الطائرات منزليًا، ومحاولة التحليق بها لأطول مدة ممكنة قبل أن تقع في المياه.

خطوة إلى الأمام

وقد شجع الإقبال الكبير "ريد بـول" على خطوة أخرى إلى الأمام في هذا الاستثمار، لتدخل في عقود رعاية لعدد كبير من الأحداث والرياضات على غرار الفورمولا وان والدراجات النارية وحتى الرياضات المائية مثل سباقات القوارب الشراعية ورياضات التزلج.

باختصار كان لا بد أن تكون ريد بول موجودة في كل المغامرات، وعلى رأسها القفزة الشهيرة لرائد الفضاء ومحترف القفز المظلي النمساوي فيليكس بومغارتنير في العام 2012.

وللتذكير، فإن بومغارتنير قفز من حدود الفضاء الخارجي للكرة الأرضية بارتفاع 39 كيلومترًا، في أعلى سقوط حر حصل في تاريخ البشرية. وقد تم توثيق الحدث وكان شعار ريد بول جزءًا منه.

رائد الفضاء ومحترف القفز المظلي النمساوي فيليكس بومغارتنير - غيتي
رائد الفضاء ومحترف القفز المظلي النمساوي فيليكس بومغارتنير - غيتي

بموازاة ذلك، خرجت انتقادات من معارضي الرياضات الخطرة، ولا سيما عقب حوادث مؤسفة وقعت، على غرار وفاة قافز المظلات السويسري ويلي جينشتات في العام 2009 في حدث خاص لريد بول، بعدما فقد تحكمه بسبب الرياح وتعرض لسقوط عنيف.

لكنها مع ذلك، واكبت تطوّر الرياضات واهتمامات الشباب، ودخلت عالم الرياضات الإلكترونية وباتت راعية للاعبين وفرق في بطولات الفيفا، إلى جانب بصمتها الكبيرة في سباقات سيارات فورمولا 1، وكونها الراعي الرسمي لبطل العالم السائق الهولندي ماكس فيرشتابن.

ومن المؤكد أن شركة عبقرية في عالم التسويق على غرار ريد بول لن تغيب عن كرة القدم، وهي الرياضة الشعبية رقم 1 في العالم.

باتت شركة ريد بول أيضًا راعية للاعبين وفرق في بطولات الفيفا
باتت شركة ريد بول أيضًا راعية للاعبين وفرق في بطولات الفيفا

ريد بول وحلم البدايات

كان حلم دخول عالم كرة القدم حاضرًا عند ديرتيش ماتيتشز منذ تأسيس شركة "ريد بول". لكن الانطلاقة الحقيقية في هذا المجال كانت في العام 2005، عندما قررت الشركة شراء أول ناد.

وقع حينها الخيار على أوستريا سالبزورغ النمساوي، وهو فريق درجة أولى متوسط، عانى في فترات من مشكلات أدت إلى نزوله للدرجة الثانية.

وعقب شرائه في العام 2005 من قبل شركة "ريد بول" التي وضعت ميزانية كبيرة لتطوير بنيته التحتية وللأكاديمية الخاصة به، جاءت النتائج بسرعة فحصل على المركز الثاني في الدوري النمساوي عام 2006. ثم فاز بالدوري في العام التالي. ومنذ 2014 لم يضيع النادي بطولة دوري واحدة.

كان حلم دخول عالم كرة القدم حاضرًا عند ديرتيش ماتيتشز منذ تأسيس شركة "ريد بول" - غيتي
كان حلم دخول عالم كرة القدم حاضرًا عند ديرتيش ماتيتشز منذ تأسيس شركة "ريد بول" - غيتي

والقرارات لمزيد من الاستثمارات في عالم كرة القدم راحت تأتي بسرعة، بما في ذلك باتجاه الدوري الأميركي الذي يُعد بيئة مغرية للشركات لتقوم بالاستثمار ولتسوّق لنفسها.

وقد اشترت ريد بول نادي "نيويورك ميتروستار"، وغيّرت اسمه إلى "نيويورك ريد بول" وألوانه إلى الأبيض والأحمر.

وكانت لريد بول خطة أيضًا في تطوير قطاع المواهب والبنية التحتية للنادي، وبنت ملعب ريدبول أرينا الذي بدأ معه الفريق حقبة جديدة في تاريخه مع ضم أسماء لاعبين تفيده تسويقيًا، على رأسهم الفرنسي تييري هنري. 

أما ما يمكن وصفه بمشروع كرة قدم حقيقي مكتمل الأركان، فكان عام 2009 عندما قررت شركة ريد بول الاستثمار في عالم الدوريات الكبرى، حيث اختارت الدوري الألماني.

وتماشيًا مع القوانين المحلية، التي شكلت عقبة أساسية أمام شراء أي ناد من الدرجة الأولى، لجأ ديرتيش إلى إقامة صفقة قانونية مع أعضاء نادي "ماركان شتاتد" في مدينة لايبزيغ، وهو ناد صغير.

توجهت "ريد بول" لرعاية وتمويل الرياضات أو حتى التجارب الخطيرة - غيتي
توجهت "ريد بول" لرعاية وتمويل الرياضات أو حتى التجارب الخطيرة - غيتي

وقامت الصفقة على شراء 99% من أسهم النادي مقابل 1% من الأسهم للأعضاء، شريطة أن تكون 50.01% من القوة التصويتية للأعضاء و49.99% لشركة ريد بول.

والخطوة الثانية كانت تقرير الشركة قيمة الاشتراك السنوي للأعضاء، وهو مبلغ 1000 يورو، والذي جاء تعجيزيًا ودفع كثيرًا من أعضاء النادي للتوقف عن الدفع، ما جعل عضوياتهم تسقط تلقائيًا.

وبعدما طلب ديرتـيش مـاتيتشز من عدد من موظفي شركة ريد بول الاشتراك في النادي ودفع المبالغ المستحقة، أصبحت الملكية كاملة لها إما عن طريق موظفيها أو الشركة الأم.

تحديات قانونية أخرى تجاوزتها ريد بول، وتمكنت من إحكام قبضتها على النادي لتتحول بعد ذلك إلى: المشروع الرياضي.

عام 2010، بنت ملعبًا جديدًا للنادي بسعة 45 ألف متفرج سرعان ما أصبح أحد أهم الملاعب في ألمانيا. كما تمكنت من تطوير جودة اللاعبين والخطة الرياضية للنادي الذي حمل اسمًا جديدًا وصعد رسميًا إلى البوندسليغا في العام 2016.

حقق النادي الإنجازات. ومع كل نجاح كانت عناوين الصحف تعيد التذكير بأن كل النجاح مرده إلى قصة استثمار تجارية لشركة مشروبات طاقة اسمها ريد بول.


لكن هل كانت تجربة ريد بول في كرة القدم مرضيًا عنها تمامًا؟ الجواب لا. فما السبب؟ الجواب في الحلقة المرفقة من سلسلة "مع الكوير"، التي يصحبكم فيها اليوتيوبر محمد أبو زيد (الكوير)، بأسلوبه الخاص، في موعدٍ ثابت مساء الثلاثاء، السادسة بتوقيت غرينتش والتاسعة بتوقيت القاهرة.
الحلقة الرابعة من برنامج "مع الكوير" الذي يعرض عبر منصّات "العربي" الرقمية
المصادر:
العربي
Close