الأربعاء 20 نوفمبر / November 2024

سباق كوفيد نحو التوطّن.. اللقاحات مقابل المتغيّرات

سباق كوفيد نحو التوطّن.. اللقاحات مقابل المتغيّرات

شارك القصة

هل تستطيع المتغيّرات التغلّب على اللقاحات؟
هل تستطيع المتغيّرات التغلّب على اللقاحات؟ (غيتي)
لا يعرف الخبراء كيف ستبدو المتغيّرات التالية بعد أوميكرون أو كيف سيكون شكل الوباء، لكنّهم يؤكدون أن الفيروس سيكون مرضًا متوطنًا يمكن التحكم فيه مع اللقاحات.

مع دخول جائحة كوفيد 19 عامها الثالث، حذّر العلماء من أن الفيروس يستمرّ في التحوّر كلما انتقل من إنسان لآخر، ولذلك هناك خطر ظهور متغيّرات مثيرة للقلق، بينما يتّجه إلى أن يُصبح مستوطنًا وأقل اضطرابًا.

وقال ريتشارد ليسيلز، اختصاصي الأمراض المعدية في منصة كوازولو ناتال للابتكار والتسلسل البحثي في ​​ديربان بجنوب إفريقيا: "نظرًا لأن هذا الفيروس ينتقل عبر السكان ويصيب أعدادًا أكبر من الناس، فإنه يتكيّف معنا كبشر، ويحاول إيجاد طرق أفضل للاستمرار".

ولا يعرف الخبراء كيف ستبدو المتغيّرات التالية بعد أوميكرون أو كيف سيكون شكل الوباء، لكنّهم يقولون إنه لا يوجد ما يضمن أن ما سيعقب أوميكرون سيكون أكثر اعتدالًا، أو أن اللقاحات الحالية يُمكن أن تكون فعّالة ضده.

وقال أليكس سيغال، الذي يقود الباحثين الذين يبحثون عن متغيّرات فيروس كورونا في معهد الأبحاث الصحية في إفريقيا في جنوب إفريقيا: إن "هذا الأمر سيكون بمثابة تجربة تطوّر في العالم الحقيقي: هل تستطيع المتغيرات التغلّب على اللقاحات؟".

ورغم ذلك، حثّ الخبراء على توسيع نطاق عمليات التطعيم في الوقت الحالي، ما دامت اللقاحات فعالة ضد الفيروس، كما شدّدوا على أهمية الاستمرار في اتخاذ تدابير الصحة العامة مثل ارتداء الكمامة والتطعيم.

وإلى جانب الاختبارات الروتينية والوصول إلى الأدوية المضادة للفيروسات الجديدة، سيكون كوفيد-19 مرضًا متوطنًا يمكن التحكم فيه بشكل أكبر في أجزاء من العالم مع إمكانية الحصول على اللقاحات والرعاية الطبية القوية.

وقال رئيس رابطة المستشفيات الألمانية مايكل فيبر: إن هناك قرائن واقعية تدل على أن الجائحة ستصبح مع الوقت مرضًا عاديًا.

بدورها، قالت الاستشارية في تشخيص الأمراض الجرثومية والفيروسية منى كيال، في حديث إلى "العربي" من براغ: إن الكثير من الدراسات والبيانات أظهرت أن الفيروس أقلّ خطورة، كما أن نسب دخول المستشفيات جراء الإصابة بالمتحوّر الجديد أقلّ، كم أن الأعراض أقلّ حدّة.

سبب للأمل؟

لكن عمليات التلقيح غير المتكافئة حول العالم تُهدّد هذا المسار. وتقول عالمة الأوبئة ليزا لي: إن "الفيروسات لا تتوقّف عند حدود الأوطان. وأحد الأشياء التي تعلمناها هو أن صحة أي شخص في مكان بعيد يمكن أن تؤثر علينا".

ولطالما قال العديد من الباحثين: إن اللقاحات لن تكون الحل السحري الذي يقضي على فيروس كورونا المسبب لمرض كوفيد-19؛ لأن اللقاحات، بما في ذلك تلك التي تتمتّع بفعالية عالية مثل لقاح الحصبة، لا تمنع العدوى تمامًا. مما يعني أن الأشخاص الذين تلقّوا اللقاحات، لا يزال بإمكانهم التقاط العدوى.

وتوفّر اللقاحات حماية قوية ضد الأعراض الشديدة والوفاة؛ لأن اللقاح يحفّز جهاز المناعة لمحاربة الفيروسات، مما يؤدي إلى مرض أقل حدة.

وفي هذا الإطار، استبعد خبراء الصحة العامة أن تقلّل المتحوّرات المستقبلية من فوائد اللقاحات، التي تشكل العامل الأكثر أهمية في إخراج العالم من الوباء ودخوله مرحلة التوطن تمامًا مثل الإنفلونزا الإسبانية التي باتت موسمية.

ويقول جيسون ماكليلان، عالم الأحياء البنيوية بجامعة تكساس في أوستن الذي درس كيفية تفاعل بروتينات فيروس كورونا مع الأجسام المضادة: "إنه شيء يمكننا التعامل معه. لقد افترضنا دائمًا أنه يتعيّن علينا إعادة صياغة اللقاح بين الحين والآخر".

التوزيع غير العادل

لكن علماء الفيروسات وعلماء الأوبئة يقولون: إن التوزيع غير العادل للقاحات حول العالم، يمكن أن يسهّل وصول متغيّرات جديدة. ويقولون: إن الأشخاص غير الملقّحين يمكن أن يمنحوا الفيروس فرصًا كبيرة للانتشار والتحوّل.

وقال باتريك سوليفان، أستاذ علم الأوبئة في كلية رولينز للصحة العامة بجامعة إيموري: "كل عدوى هي فرصة لطفرة، وكل طفرة هي فرصة لمتغيرات أكثر خطورة".

وكلما زاد عدد الأشخاص الذين يصابون بالفيروس، زادت فرصة التسلّل. ويُمكن أن تُساعد معدلات التلقيح المرتفعة في جميع أنحاء العالم في الحد من انتشار الفيروس وتحوّره.

وتلقت الدول الغنية الجزء الأكبر من جرعات اللقاحات المضادة لفيروس كورونا المستجد، بينما تتباطأ عملية إرسال الشحنات إلى الدول الفقيرة. ويُبدي بعض الخبراء قلقهم من تضاؤل هذه الشحنات، عقب احتفاظ الدول الأكثر ثراء بشحنات اللقاحات لمنح جرعات معزّزة في ظل انتشار متغير أوميكرون؛ بالإضافة إلى افتقار العديد من البلدان الفقيرة إلى شبكات توزيع قوية لنشر اللقاح.

وقال الدكتور ليسيلز: "ستستمرّ هذه المتغيّرات في الظهور بينما لا يزال الفيروس ينتشر. وإذا كان هناك عدم تكافؤ في الطريقة التي نحمي بها السكان وعدم مساواة في توزيع اللقاح، فهناك فرصة أكبر لظهور متغيّرات في المناطق التي ينتشر فيها الفيروس بمستويات أعلى".

ويعتقد بعض العلماء أن الفيروس سيصل في النهاية إلى مرحلة يكون فيها متغيّرًا رئيسيًا موجودًا ليبقى ويتوطّن.

وفي هذا الإطار، قال سالم عبد الكريم اختصاصي الأمراض المُعدية السريرية ومدير مركز برنامج أبحاث الإيدز في جنوب إفريقيا: إن "السؤال هو: كم من الوقت سنستغرق للوصول إلى تلك النقطة؟".

إلزامية التلقيح

وفرض عدد من الدول حول العالم إلزامية التلقيح ضد كورونا، في محاولة للحدّ من تفشّي الجائحة وبهدف تقليل حالات الوفاة وتخفيف العبء عن المستشفيات.

إلا أن هذه الخطوة واجهت رفضًا من قبل السكان باعتبارها " تحدّ من الحرية الشخصية للفرد".

وفي هذا الإطار، برزت تحركات احتجاجية في دول عديدة حول العالم، وسط رفض كبير في بعض الدول لما بات يعرف بـ"جواز التلقيح"، الذي أقرّته حكومات عدة لتمكين الملقّحين ضد كورونا فقط من دخول أماكن حكومية وفضاءات عامة دون سواهم.

تابع القراءة
المصادر:
العربي - ترجمات
تغطية خاصة
Close