يوم الأحد، ذُهل الرئيس الأميركي جو بايدن وكبار المسؤولين الأميركيين من سرعة وتيرة استيلاء طالبان شبه الكامل على أفغانستان، وتحوّل إجلاء القوات الأميركية بشكل آمن من البلاد مهمة مستعجلة.
وشكّلت سرعة انهيار الحكومة الأفغانية وما تلاها من فوضى أخطر اختبار لبايدن بصفته قائدًا عامًا للقوات المسلحة. ووجّه الجمهوريون انتقادات لاذعة لبايدن، معتبرين أنه فشل في مهمّته.
وباعتباره خبيرًا متمرسًا في العلاقات الدولية، أمضى بايدن أشهرًا في التقليل من احتمال صعود حركة طالبان، بينما كان يجادل بأن الأميركيين من جميع الاتجاهات السياسية قد سئموا من حرب استمرت 20 عامًا، في صراع استُنفذت فيه الأموال والجهود لإحلال الديمقراطية الغربية في مجتمع ليس مستعدًا أو راغبًا باحتضانها.
وأقرّت شخصيات بارزة في الإدارة الأميركية، بأنها فوجئت بسرعة انهيار قوات الأمن الأفغانية. وأصبح التحدّي واضحًا بعد أن برزت تقارير عن إطلاق نار متقطع في مطار كابل، حيث كان من المفترض أن يتمّ إجلاء الدبلوماسيين الأميركيين.
هل تستعيد واشنطن مستوى من السيطرة؟
وتُعيد الاضطرابات في أفغانستان التركيز على توجّهات الرئيس الذي ركّز، إلى حد كبير، على أجندة محلية.
ووفقًا لمسؤولين بارزين في البيت الأبيض، تلقّى بايدن إحاطات منتظمة حول أفغانستان من مكان إقامته في كامب ديفيد، كما أجرى مكالمات عبر الفيديو مع أعضاء فريق الأمن القومي التابع له. كما أصدرت إدارته صورة واحدة له خلال عقده اجتماعًا افتراضيًا مع خبراء عسكريين ودبلوماسيين واستخباراتيين.
ووفقًا للمسؤولين، ستكون الأيام القليلة المقبلة حاسمة في تحديد ما إذا كانت الولايات المتحدة قادرة على استعادة مستوى معين من السيطرة على الموقف.
ووفقًا لاثنين من كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية، تجري المناقشات لعقد مؤتمر صحافي لبايدن في البيت الأبيض "إذا قرّر إلقاء خطاب".
ويتعيّن على الرئيس أن يشرح كيف انهار الأمن في أفغانستان بهذه السرعة، لا سيما أنه أصرّ، وآخرون في الإدارة، على أن ذلك لن يحدث.
وقال أحد المسؤولين: إن بايدن كان متفائلًا بقدرات المقاتلين الأفغان على صدّ هجمات طالبان جزئيًا، ومنع المزيد من التآكل في الروح المعنوية بين قواتهم، لكنّ هذا التفاؤل كان في النهاية عبثًا.
من ناحية أخرى، أبدى بايدن ثباتًا في رفضه تغيير الموعد النهائي في 31 أغسطس/ آب، اعتقادًا منه أن الجمهور الأميركي يؤيده في ذلك.
شبح ذكرى حرب فيتنام
وصعّد بعض أعضاء الحزب الجمهوري انتقادهم لاستراتيجية بايدن للانسحاب، وقالوا: إن الصور التي التُقطت يوم الأحد لطائرات هليكوبتر أميركية تحلق فوق السفارة الأميركية في كابُل يُعيد ذكرى الرحيل المهين لأفراد أميركيين من فيتنام.
ووفقًا لشخص مطلع على الأمر، طلب عدم الكشف عن هويته، يشعر المسؤولون الأميركيون بقلق متزايد من احتمال تصاعد التهديدات الإرهابية ضد الولايات المتحدة مع تطور الوضع في أفغانستان.
وفي إحاطة إعلامية لأعضاء مجلس الشيوخ الأحد، رجّح الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة، أن يُغيّر المسؤولون الأميركيون تقييماتهم السابقة حول وتيرة إعادة تشكيل الجماعات الإرهابية في أفغانستان.
وبناءً على تطور الوضع، يعتقد المسؤولون أن الجماعات المتطرفة مثل "القاعدة" قد تكون قادرة على النمو بشكل أسرع بكثير مما كان متوقعًا.
بدوره، قال السناتور كريس مورفي، عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الذي أيّد استراتيجية إدارة بايدن، في مقابلة أن "السرعة مفاجئة"، لكنه لن يصف الوضع بأنه فشل استخباراتي. وقال: "من المعروف أن أفغانستان ستسقط في أيدي طالبان إذا انسحبت الولايات المتحدة".
وبالنسبة للموظفين رفيعي المستوى في الإدارة الأميركية، فإن الانهيار السريع في أفغانستان أكد "صوابية قرار المغادرة"، قائلين: "إذا حدث انهيار القوات الأفغانية بهذه السرعة بعد ما يقرب من عقدين من الوجود الأميركي، فإن ستة أشهر أخرى، أو عامًا، أو عامين، أو أكثر لن يغيّر أي شيء".