اجتمع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع محافظ البنك المركزي، وطالبه باتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع المضاربة غير القانونية وكل ما يضر بالسوق المالية المحلية، ويزعزع سعر الصرف مقابل الدولار.
من جهته، أكد المحافظ مصطفى غالب مخيف أن الموقف المالي في العراق إيجابي، وأن ما يحصل مجرد أزمة طارئة لأسباب فنية تزامنت مع العمل على المنصة الإلكترونية الجديدة وتأخر الحوالات بسبب عطلة الأعياد.
وطمأن المحافظ أن السيناريو اللبناني لن يتكرر في العراق؛ إلا أن هذه التصريحات الرسمية لا تبدو مطمئنة لعموم العراقيين.
دور البنك الفدرالي الأميركي
هذه الأزمة الطارئة تأتي بعد أسابيع من فرض البنك الفدرالي الأميركي إجراءات إضافية للتضييق على ما يقول إنه غسل أموال في العراق.
ووفق مصادر عراقية، إن الرقابة الأميركية الجديدة على المصارف العراقية كانت ضمن اتفاق سياسي شاركت فيه الولايات المتحدة بشأن تشكيل حكومة السوداني.
البنك المركزي في #العراق يحذر من اللجوء إلى السوق السوداء للحصول على العملات الصعبة اللازمة لتمويل مستوردات التجار تقرير: علي القيسية pic.twitter.com/mjMpoExEnr
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) December 28, 2022
وبحسب المصدر، أبرز شروط واشنطن كان منع تدفق الدولار إلى إيران أو الجماعات التابعة لها.
هذا الوضع دفع كثيرين إلى توجيه أصابع الاتهام إلى حكومة السوادني المنبثقة عن الإطار التنسيقي، والتي كانت قد أقرّت قبل أيام تأسيس شركة حكومية جديدة بصلاحيات واسعة وحصانة مالية.
وفق المنتقدين، ستكون هذه الشراكة واجهة للحشد الشعبي، وأثارت مخاوف عديدة حول إعادة تجربة الحرس الثوري الإيراني وتغلغله في قطاعات الدولة في العراق.
محاولة أميركية للسيطرة على الدولار
في هذا السياق، يرى الباحث الاقتصادي ماجد الصوري أن "الوضع الدولي المتدهور، مرفقًا بالأزمة السياسية في العراق، أثّر بشكل كبير على الوضع المالي في البلاد".
يشير الصوري في حديث إلى "العربي" من بغداد إلى أن "أحد الأسباب الأساسية لتدهور الأوضاع هو غياب التنمية الاقتصادية والسياسية في العراق".
ويلفت الخبير الاقتصادي إلى الدور الأميركي بارتفاع سعر الدولار، قائلًا: "تحاول أميركا السيطرة على كيفية استخدام الدولار في جميع أنحاء العالم لمعرفة هوية المستفيد الأخير من هذه العملة".
ويضيف: ما يُضيف من الأزمة هو صعوبة طريقة العمل التجاري في البلاد، وأساليب الحصول على العملة الصعبة.
قلق أميركي
من جهته، يشير الباحث السياسي زياد العرار إلى وجود قلق أميركي من وصول الدولار العراقي إلى إيران، نتيجة تسديد الديون المستحقة، مشددًا على أن هذا الموضوع علني وليس سريًا.
ويوضح العرار في حديث إلى "العربي" من بغداد أن "واشنطن قلقة من وصول الدولار إلى الجماعات الإيرانية في سوريا ولبنان وغيرها من الدول".
ويؤكد العرار أن "خضوع مصارف عراقية للعقوبات الأميركية هو ضغط أميركي".
ويقول: "حكومة السوداني مسؤولة عن وضع الدولار، لكن لا تتحمل مسؤولية الفشل الكامل".
ويضيف: "نتوقع أن يصبح الوضع أفضل بعد الأعياد، لكن لا يُمكن أن نتوقع أن يعود سعر الصرف إلى مستوى ما قبل الأزمة".
حل أميركي إيراني؟
بدوره، يرى الباحث في مركز فرا للأبحاث والدراسات هلال العبيدي أن "المشهد سوداوي بالنسبة للوضع المالي في العراق".
ويشير العبيدي في حديث إلى "العربي" من باريس إلى أن "الآليات الجديدة التي وضعتها الحكومة الأميركية أتت بعد اتفاق تشكيل حكومة السوداني".
ويقول: "البنك الفدرالي الأميركي يضع شروطًا قاسية لمعرفة إلى أين تذهب الدولارات بعد خروجها من العراق".
ويضيف: "حكومة السوداني لن تتمكن من فعل الكثير، لأن الأمور ليست بيدها، وبالتالي العراق بحاجة إلى اتفاق بين إيران وأميركا للوصول إلى حل".