الجمعة 22 نوفمبر / November 2024

عائلات سورية لاجئة إلى الدنمارك مهددة بالطرد إلى بلادها

عائلات سورية لاجئة إلى الدنمارك مهددة بالطرد إلى بلادها

شارك القصة

دنمارك
مظاهرة ضد قرار طرد السوريين من الدنمارك (غيتي)
تواصل الدنمارك السير في قرارها القاضي بطرد عائلات سورية من أراضيها والعودة بهم إلى بلادهم بحجة أن سوريا صارت آمنة.

رغم الانتقادات الدولية، يحرم مئات السوريين من أوراق إقامة في الدنمارك، التي باتت تعتبر أن الوضع في دمشق والمنطقة المحيطة بها بات "آمنًا".

وتقول صبرية الفياض وأصلها من العاصمة السورية "أخشى العودة إلى سوريا وأخشى النظام الذي قتل زوجي وشقيقه". وفي نهاية مارس/ آذار، طُلب من ربة الأسرة هذه مغادرة الدنمارك مع ابنتيها القاصرتين، أما نجلاها فيمكنهما البقاء لأنهما يواجهان احتمال التجنيد الإجباري في الجيش السوري.

وتوضح المرأة الأربعينية من شقتها في فايلي غرب الدنمارك قائلة: "أخشى أن يتم اعتقالي وأن يسألوني أين أبنائي، عليهم القيام بالخدمة العسكرية". وتُعالَج صبرية الفياض من اضطرابات أعراض ما بعد الصدمة كما تتعلم اللغة الدنماركية بهدوء.

تخشى الفياض على مصير ابنتيها شهد البالغة 10 أعوام، وتسنيم البالغة 12 عامًا، اللتين تابعتا دراستهما بالكامل في النظام التربوي الدنماركي ولا تتقنان العربية إلا شفهيًا.

وتتساءل الوالدة بقلق: "في حال اعتقالي من سيهتم بهما؟"، وتفيد عائلتها أن منزلها في دمشق تعرض للقصف.

وعلى غرار صبرية التي حصلت على إقامتها في الدنمارك في 2016 بسبب الوضع العام في سوريا، حُرم ما لا يقل عن 200 سوري منذ صيف عام 2020 من أوراق الإقامة، مع قرار كوبنهاغن بإعادة دراسة 500 ملف بحجة "أن الوضع الحالي في دمشق لم يعد يبرر منح إقامة أو تمديدها". وهذه سابقة في دولة عضو في الاتحاد الأوروبي.

ومع وفاة والده في سوريا أصبح عبدو رب العائلة، وكان أول من وصل من أفرادها إلى الدنمارك عام 2014، وقد انضم إليه لاحقًا شقيقه ووالدته وشقيقاته.

ومنذ صدور هذا القرار الإداري؛ يجهد من أجل المحافظة على شمل العائلة. ويقول الشاب البالغ 27 عامًا الذي تزوج قبل فترة قصيرة: "أجهزة الهجرة لم تأخذ في الاعتبار أننا عائلة. لقد اعتنيت بشقيقاتي لقد ترعرعن معي وأنا بمثابة أب لهن".

تشديد سياسة الهجرة 

لم يكن عبده وهو عامل صيانة ليتصور يومًا هذا الوضع. لكن الحكومات الدنماركية المتعاقبة تواصل تشديد سياسة الهجرة، مدعومة بالرأي العام وغالبية الأطياف السياسية.

ويعلّق المحامي دانييل نورونغ على هذا بالقول إنه "حصل تغير في عام 2019 حيث بدأنا نفسر لللاجئين أنهم هنا لفترة مؤقتة وعليهم العودة يومًا ما".

وتتولى ميتي فرديكسن رئاسة الحكومة منذ سنتين، ولديها هدف معلن بالتخلص من ملفات اللجوء كليًا وهو خط متشدد لحزب يساري مثل حزبها الاجتماعي-الديموقراطي المصمم على استقطاب أصوات اليمين المتطرف.

ويبرر راسموس ستوكلوند الناطق باسم الحزب لشؤون الهجرة قائلا: "لدينا نقص في فرص العمل ونسبة جريمة مرتفعة واختلافات ثقافية. لا يمكننا أن نزيد من مشاكلنا".

ومنذ قرأ الرسالة التي تحرمه من الإقامة يشعر محمد الذي يريد أن يصبح طبيبًا، بالضياع. ويوضح الشاب البالغ 18 عامًا باللغة الدنماركية: "أتوجه إلى المدرسة وأتصرف بطريقة سليمة وأرى أن ذلك غير عادل".

ويقول المحامي نورونغ إن غالبية موكليه المعارضين للقرار يعيشون مع سيف مصلت على رؤوسهم لمدة عام، قبل أن يعرفوا مصيرهم النهائي. وفي نصف الحالات تقريبًا يعود القضاء عن القرار الأساسي.

جدل

ورغم الانتقادات الكثيرة من الأمم المتحدة والمفوضية الأوروبية والمنظمات غير الحكومية التي تعتبر أن التحسن الأخير في بعض مناطق سوريا لا يبرر وقف حماية اللاجئين، لا تنوي الدنمارك تغيير نهجها. فقد أقر البرلمان الأسبوع الماضي بغالبية واسعة إعلانًا يدعم هذا القرار، رغم بروز حركة داعمة للسوريين في البلاد.

وقال ستوكلوند: "مع اعتبار الكثير من الأطراف أن الوضع في منطقة دمشق استقر (..) فما من سبب يمنع الأشخاص غير المعرضين للاضطهاد شخصيا، من العودة. ويقول عبدو إن هذا الوضع لا يطاق. ويؤكد "عندما يقال إن سوريا بلد آمن في حين أن كل دول العالم تقول العكس (...) فهذا كذب".

وعلى الصعيد القانوني، تعطى الإقامات المؤقتة "في حال وجود وضع خطر جدًا في البلد الأم، يتسم بعنف تعسفي واعتداءات على مدنيين".

ويمكن عمليًا سحبها عندما يتحسن الوضع. لكن لا يمكن طرد أي شخص بالقوة في غياب العلاقات مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد، بل يطلب من الأشخاص الذين سحبت منهم الإقامة مغادرة البلاد طوعًا أو يوضعوا في مركز إداري.

ويقيم في الدنمارك نحو 35500 سوري وصل أكثر من نصفهم في 2015، وفق معهد الإحصاءات الوطني.   

تابع القراءة
المصادر:
أ ف ب
Close