أفادت مصادر مطلعة بأن تمويل محكمة تابعة للأمم المتحدة، تشكلت لمحاكمة من كانوا وراء اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري عام 2005، قد نفد في الوقت الذي يشهد فيه لبنان أزمة اقتصادية وسياسية، مما يهدد خطط إجراء محاكمات في المستقبل.
ومن شأن إغلاق المحكمة تبديد آمال أسر الضحايا في واقعة اغتيال الحريري وفي هجمات أخرى، كما ستبدد أيضًا آمال من يطالبون المحكمة التابعة للأمم المتحدة بمحاكمة المسؤولين عن انفجار في مرفأ بيروت في أغسطس/ آب الماضي أودى بحياة 200 شخص وأصاب 6500 بجروح.
إدانة عياش
وفي العام الماضي، أدانت محكمة الأمم المتحدة الخاصة بلبنان ـ ومقرها خارج لاهاي في هولندا ـ سليم جميل عياش، العضو السابق بجماعة "حزب الله" اللبنانية، في التفجير الذي أودى بحياة الحريري و21 شخصًا آخرين.
وصدرت خمسة أحكام بالسجن مدى الحياة على عياش غيابيًا، وبرأت المحكمة ثلاثة آخرين لعدم كفاية الأدلة. وطعن الطرفان على الحكم.
ومن المقرر كذلك أن تجري المحكمة محاكمة ثانية لعياش، المتهم في عملية اغتيال أخرى وهجمات على ساسة لبنانيين في الفترة من 2004 إلى 2005 في إطار التحضير لاغتيال الحريري.
قرار محكمة لاهاي حول اغتيال #رفيق_الحريري يخالف التوقعات pic.twitter.com/trpmIEWH9v
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) August 19, 2020
ووفق تقرير لـ "رويترز"، جاءت مشاكل المحكمة المالية في وقت يواجه فيه لبنان أسوأ أزمة منذ اغتيال الحريري؛ حيث ينقسم البلد بشدة بين أنصار جماعة "حزب الله" المدعومة من إيران وبين أنصار وحلفاء رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري ابن رفيق الحريري.
مطالبة بتمويل دولي
وقال نضال الجردي محامي الضحايا في القضية الثانية للوكالة: "إذا أجهضتم هذه المحكمة، إذا أجهضتم هذه القضية، تكونون قد قدمتم هدية مجانية لمنفذي الجرائم وللذين لا يريدون تحقيق العدالة".
واعتبر أن إلغاء محاكمة جديدة لن يضر فقط بالضحايا الذين انتظروا 17 عامًا لعرض القضية على المحكمة، بل سيقوّض المساءلة عن الجرائم في لبنان بشكل عام.
وأضاف أن ذلك سيكون "مخيبًا لآمال ضحايا القضايا المتصلة وضحايا لبنان"، وطالب بتمويل دولي. وأكد أن "لبنان يحتاج لمساءلة كاملة".
وتأسست المحكمة عام 2007 بقرار من مجلس الأمن الدولي، وبدأت العمل في 2009. وبلغت ميزانيتها العام الماضي 55 مليون يورو (67 مليون دولار)؛ ويتحمل لبنان 49% منها ويدفع مانحون وأعضاء بالأمم المتحدة بقية المبلغ.
لا قرار بعد
وقالت وجد رمضان المتحدثة باسم المحكمة لوكالة "رويترز" إن "المحكمة الخاصة بلبنان تشهد أوضاعًا مالية مقلقة للغاية"، موضحة أنه "لم يُتخذ قرار بعد بشأن إجراءات التقاضي وهناك جهود مكثفة تبذل لجمع المال لإيجاد حل".
ومدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش تفويض المحكمة من مارس/ آذار "لمدة أخرى تستمر عامين أو إلى حين استكمال القضايا المنظورة أمامها، أيهما أقرب، أو إلى حين استنفاد التمويل المتاح".
وحذر غوتيريش في فبراير/ شباط من أنه نظرًا للأزمة المالية في لبنان، فإن إسهام الحكومة غير مؤكد، و"بدون تمويل إضافي قد لا تتمكن المحكمة الخاصة من تنفيذ تفويضها بعد الربع الأول من 2021".
وتقلصت ميزانية عام 2021 بنحو 40%، مما أدى إلى تسريح عاملين بالمحكمة، لكن الحكومة اللبنانية ما زالت غير قادرة على دفع حصتها وفقًا لوثائق الأمم المتحدة.
وطلب غوتيريش تخصيصًا ماليًا بنحو 25 مليون دولار من الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 2021. وأقرت الجمعية 15.5 مليون دولار في مارس/ آذار.