دعا ملك المغرب محمد السادس الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ليل السبت إلى "تغليب منطق الحكمة" والعمل في أقرب وقت على تطوير العلاقات المتوترة بين البلدين بسبب قضية الصحراء، مجدّدًا أيضًا الدعوة إلى فتح الحدود.
وقال العاهل المغربي في الخطاب السنوي بمناسبة ذكرى جلوسه عل العرش: "أدعو الرئيس الجزائري للعمل سويًا، في أقرب وقت يراه مناسبًا، على تطوير العلاقات الأخوية التي بناها شعبانا عبر سنوات من الكفاح المشترك"، في إشارة إلى تعاون الحركتين الوطنيتين في البلدين أثناء مواجهة الاستعمار الفرنسي في خمسينات القرن الماضي.
وأعرب الملك محمد السادس عن "أسفه للتوترات الإعلامية والدبلوماسية التي تعرفها العلاقات" بين البلدين، مؤكدًا "لأشقائنا في الجزائر بأن الشر والمشاكل لن تأتيكم أبدًا من المغرب".
دعوة متجدّدة لفتح الحدود
وإذ اعتبر أن أمن الجزائر واستقرارها وطمأنينة شعبها "من أمن المغرب واستقراره"، جدّد الدعوة إلى فتح الحدود المغلقة بين البلدين منذ العام 1994، وإلى "تغليب منطق الحكمة والمصالح العليا من أجل تجاوز هذا الوضع المؤسف، الذي يضيع طاقات بلدينا".
وأكّد أنه مقتنع بأن "الحدود المفتوحة هي الوضع الطبيعي بين بلدين جارين، وشعبين شقيقين". وأوضح أن ذلك "مبدأ قانوني أصيل تكرسه المواثيق الدولية، بما في ذلك معاهدة مراكش التأسيسية لاتحاد المغرب العربي، التي تنص على حرية تنقل الأشخاص، وانتقال الخدمات والسلع ورؤوس الأموال بين دوله".
وتابع: "نحن مسؤولون سياسيًا وأخلاقيًا أمام الله وأمام التاريخ وأمام مواطنينا وليس هناك أي منطق معقول يمكن أن يفسر الوضع الحالي، لا سيما أن الأسباب التي كانت وراء إغلاق الحدود أصبحت متجاوزة، ولم يعد لها اليوم، أي مبرر مقبول".
وأردف: "أما ما يقوله البعض (لم يسمهم) بأن فتح الحدود لن يجلب للجزائر أو للمغرب إلا الشر والمشاكل، فهذا غير صحيح، وهذا الخطاب لا يمكن أن يصدقه أحد، خصوصًا في عصر التواصل والتكنولوجيا الحديثة".
واعتبر العاهل المغربي أن "الحدود المغلقة لا تقطع التواصل بين الشعبين فحسب، بل تساهم في إغلاق العقول التي تتأثر بما تروج له بعض وسائل الإعلام، من أطروحات مغلوطة، بأن المغاربة يعانون من الفقر، ويعيشون على التهريب والمخدرات".
ولفت إلى أن بلاده والجزائر "تعانيان معا من مشاكل الهجرة والتهريب والمخدرات، والاتجار في البشر"، مشيرا إلى أن "العصابات التي تقوم بذلك هي عدونا الحقيقي والمشترك وإذا عملنا سويا على محاربتها سنتمكن من الحد من نشاطها، وتجفيف منابعها".
ما سبب التوتّر بين الجارين؟
ومنذ عقود، تشهد العلاقات الجزائرية المغربية توتّرًا على خلفية ملفي الحدود البرية المغلقة منذ عام 1994، وقضية إقليم الصحراء المتنازع عليه بين الرباط وجبهة "البوليساريو"، ودعم الجزائر للأخيرة.
وسجل فصل جديد من التوتر قبل أسبوعين حين استدعت الجزائر سفيرها في الرباط للتشاور، على خلفية إعلان سفير المغرب لدى الأمم المتحدة دعم "حركة استقلال منطقة القبائل" الجزائرية. وهو الإعلان الذي جاء ردًا على إثارة وزير خارجية الجزائر رمطان العمامرة قضية الصحراء في اجتماع لحركة عدم الانحياز.
وسبق للملك محمد السادس أن اقترح أواخر العام 2018 إحداث آلية للحوار الثنائي، بينما ردت الجزائر بشكل غير مباشر بالدعوة إلى اجتماع لوزراء خارجية اتحاد المغرب العربي (ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا) الذي يعد مجمدا عمليا.