الأربعاء 20 نوفمبر / November 2024

الجيش الأفغاني لم يتمكن من إبداء أي مقاومة.. أين أخطأت الولايات المتحدة؟

الجيش الأفغاني لم يتمكن من إبداء أي مقاومة.. أين أخطأت الولايات المتحدة؟

شارك القصة

أفغانستان
كانت ثمة مبالغة في تقدير قدرات القوات الأفغانية (غيتي)
شكل سقوط القوات المسلحة الأفغانية صدمة لواشنطن التي أنفقت المليارات في تسليحه لكن المبالغات التي قدمها البنتاغون أنتجت وعودًا دون نتيجة.

أنفقت الولايات المتحدة 83 مليار دولار في محاولة لبناء قوات مسلحة أفغانية حديثة تكون على صورة جيشها. لكن في الشق العملي، تم الاعتماد بشكل كبير على المساندة الجوية وشبكة اتصالات متطورة في بلد لا يمكن سوى لثلاثين بالمئة من سكانه التعويل على توافر فاعل للطاقة الكهربائية.

وزوّدت واشنطن الجيش الأفغاني بمعدات مثل الطائرات (العسكرية والمسيّرة) والمروحيات والعربات المصفحة والمناظير المخصصة للرؤية الليلية، وصولًا إلى تزويده في الآونة الأخيرة بالنسخة الأحدث من مروحيات "بلاك هوك" الهجومية.

لكن عناصر القوات الأفغانية الذين يفتقد العديد منهم للخبرة في بلاد لا تمتلك البنية التحتية اللازمة لدعم معدات عسكرية متطورة، لم يتمكنوا من إبداء أي مقاومة جدية في مواجهة عناصر طالبان الأقل منهم عددًا، والذين يملكون تجهيزات عسكرية أقل شأنًا.

ووفق المفتش العام في هيئة إعادة إعمار أفغانستان (سيغار) جون سوبكو، كانت ثمة مبالغة في تقدير قدرات القوات الأفغانية.

ويوضح أنه في كل مرة حاول فيها إعداد تقييم للجيش الأفغاني "كان الجيش الأميركي يغيّر المعايير، ويجعل إظهار النجاح أسهل. وفي نهاية المطاف، عندما لم يعد بإمكانهم القيام حتى بذلك، صنّفوا وسيلة التقييم سرية". وتابع "كانوا يعرفون مدى سوء الجيش الأفغاني".

وأورد التقرير الأخير للهيئة الذي رفع إلى الكونغرس الأميركي الأسبوع الماضي، أن "أنظمة الأسلحة المتطورة، العربات والتجهيزات التي استخدمتها القوات الغربية، كانت تفوق قدرات القوات الأفغانية غير المتعلمة إلى حد كبير".

مبالغة

على مدى أشهر، أصر مسؤولون في البنتاغون على التفوق العددي للقوات المسلحة الأفغانية، مقدّرين عدد أفرادها بـ300 ألف عنصر بين الجيش والشرطة، في مواجهة عناصر طالبان المقدّر عددهم بسبعين ألفًا فقط.

لكن هذه الأرقام كانت مضخمة إلى حد كبير، وفق مركز مكافحة الإرهاب في الأكاديمية العسكرية الأميركية في وست بوينت بنيويورك. وفي تقديرات الأكاديمية العائدة إلى تموز/يوليو 2020، بلغ تعداد قوات الجيش والقوات الخاصة العاملة تحت إمرة وزارة الدفاع، 185 ألف عنصر من الـ300 ألف، في حين كان الباقون من الشرطة والأجهزة الأخرى.

ووفق محللي وست بوينت، كان 60% فقط من الجيش الأفغاني من العناصر المدرّبين. وخلصوا إلى أن التقدير الأكثر دقة للقوة القتالية للجيش الأفغاني هو عند 96 ألف عنصر فقط، إذا ما استثني عناصر القوات الجوية الذين يبلغ عددهم ثمانية آلاف.

ووفق تقرير "سيغار"، لطالما شكّل الفرار من الخدمة مشكلة بالنسبة للجيش الأفغاني. ووجد أنه في 2020، كان على الجيش الأفغاني أن يستبدل 25% من عناصره سنويًا، وبشكل أساسي بسبب الفرار، وأن الجنود الأميركيين العاملين مع الأفغان باتوا يرون هذه النسبة "عادية".

 وهم الوعود 

لطالما أكد المسؤولون في واشنطن أنهم سيواصلون دعم الجيش الأفغاني بعد 31 آب/أغسطس، وهو التاريخ المحدد لإنجاز انسحاب القوات الأميركية، لكنهم لم يشرحوا كيف يمكن لهذا الدعم أن يترجم عمليًا.

وفي زيارته الأخيرة إلى كابول في أيار/مايو، ألمح وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إلى إمكان مساعدة الأفغان في الحفاظ على قوتهم الجوية عن بعد، من خلال مقاربة أسماها "ما فوق الأفق".

وتقوم هذه المقاربة التي بقيت مبهمة إلى حد كبير، على حصص تدريب افتراضية عبر تقنية الاتصال المرئي من خلال تطبيق "زوم"، وهو ما بدا طرحًا واهمًا نظرًا لحاجة الأفغان لتوافر أجهزة كمبيوتر أو هواتف ذكية واتصال سريع بشبكة الإنترنت، من أجل تحقيقه.

ويرى السفير الأميركي السابق في كابول رونالد نيومان أن جيش بلاده كان يمكنه "أخذ وقت أطول" للانسحاب من أفغانستان.

وكان الاتفاق الذي توصلت إليه إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب مع حركة طالبان، يقضي بانسحاب كامل للقوات الأجنبية بحلول أيار/مايو 2021. وأخّر جو بايدن الذي خلف ترمب في منصب الرئاسة، الموعد إلى 11 أيلول/سبتمبر، قبل أن يعيد تقديمه إلى نهاية آب/أغسطس.

لكن بايدن قرر أيضا سحب كل الأميركيين من أفغانستان، بمن فيهم المتعاقدون الذين يؤدون دورًا محوريًا في الدعم اللوجستي للتجهيزات الأميركية.

وقال نيومان الذي شغل منصبه في عهد الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش، في تصريحات إذاعية "لقد بنينا قوة جوية (أفغانية) تعتمد على المتعاقدين للصيانة، ومن ثم سحبنا المتعاقدين".

رواتب 

الأسوأ من كل ذلك، هو أن رواتب الجيش الأفغاني تم تسديدها من قبل البنتاغون على مدى أعوام. لكن مذ تم الإعلان عن نية الانسحاب في أيار/مايو، باتت مسؤولية هذه الرواتب تقع على عاتق الحكومة الأفغانية.

وشكا العديد من الجنود الأفغان عبر مواقع التواصل الاجتماعي، من أنهم لم يتلقوا رواتبهم لأشهر. كما أشار بعضهم إلى أن وحداتهم العسكرية لم تعد تتلقى الغذاء أو التجهيزات، ولا حتى الذخيرة.

وشكل الانسحاب الأميركي السريع الضربة القاضية. وقال نيومان "لقد صدمنا الجيش الأفغاني ومعنوياته من خلال الانسحاب وسحب غطائنا الجوي" له.

تابع القراءة
المصادر:
أ ف ب
تغطية خاصة