الجمعة 22 نوفمبر / November 2024

الحياة تتغيّر في أفغانستان مع سيطرة طالبان.. واشنطن في "موقف دفاعي"

الحياة تتغيّر في أفغانستان مع سيطرة طالبان.. واشنطن في "موقف دفاعي"

شارك القصة

تغيّرت الحياة في العاصمة الأفغانية كابل سريعًا بعد دخول مقاتلي حركة طالبان إليها (غيتي
تغيّرت الحياة في العاصمة الأفغانية كابل سريعًا بعد دخول مقاتلي حركة طالبان إليها (غيتي)
بدأت حركة طالبان تأمين البعثات الدبلوماسية والمقرّات الرسمية، كما وضعت حرّاسًا للعديد من المسؤولين الأفغان الذين قرّروا البقاء في البلاد.

تتغيّر الحياة في العاصمة الأفغانية كابل سريعًا منذ دخول مقاتلي حركة طالبان المدينة المكتظّة، فقد باتت الشوارع أقلّ ازدحامًا مع اختفاء نقاط المراقبة العسكريّة والتفتيش الأمني الكثيرة في المدينة، بينما اكتفت طالبان ببعض الحواجز، وبدأت بسحب السلاح من شركات الحراسة الخاصة.

وتريد طالبان أن يظلّ السلاح في أيدي مقاتليها فحسب، وقد بدأت تأمين البعثات الدبلوماسية والمقرّات الرسمية، كما وضعت حرّاسًا للرئيس السابق حامد كرزاي وغيره من المسؤولين الأفغان الذين قرّروا البقاء في البلاد.

وتأتي سيطرة طالبان السريعة على كابل في أعقاب قرار سحب القوات الأميركية من أفغانستان بعد حرب دامت 20 عامًا، وقال الرئيس الأميركي إنها تكلفت أكثر من تريليون دولار.

لكن السرعة التي سقطت فيها المدن الأفغانية في غضون أيام قليلة وليس خلال أشهر كما توقعت المخابرات الأميركية، والحملات المحتملة على حرية التعبير وحقوق النساء التي اكتُسبت خلال 20 عامًا، أثارت انتقادات غاضبة.

بايدن "يدافع" بشدّة عن قرار الانسحاب الأميركي

في المقابل، يدافع الرئيس الأميركي جو بايدن بشدّة عن انسحاب الولايات المتّحدة من أفغانستان، مؤكّدًا وقوفه بقوة خلف هذا القرار ومشدّدًا على أنّ الوقت حان لمغادرة هذا البلد بعد 20 سنة من الحرب.

وارتدى هذا الخطاب أهمية استثنائية لأنّه تضّمن أول ردّ فعل من سيّد البيت الأبيض على التطوّرات التاريخية التي شهدتها أفغانستان في نهاية الأسبوع الماضي والتي قابلها بايدن بصمت مطبق.

وفي محاولة منه للظهور بمظهر الواثق من مجريات الأمور في أفغانستان عمد بايدن فور انتهائه من إلقاء الخطاب، إلى مغادرة البيت الأبيض عائدًا إلى منتجع كامب ديفيد الرئاسي بالقرب من العاصمة واشنطن لاستئناف إجازته التي قطعها من أجل إلقاء هذا الخطاب.

هل تعترف واشنطن بحكومة تقودها طالبان؟

من جهتها، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أنّ الولايات المتّحدة لن تعترف بأي حكومة تقودها حركة طالبان في أفغانستان إلا إذا احترمت الحركة حقوق النساء ورفضت توفير "ملاذ للإرهابيين"، على حدّ تعبيره.

وقال المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس للصحافيين غداة سقوط أفغانستان بأيدي طالبان: "فيما يتعلّق بموقفنا من أيّ حكومة مقبلة في أفغانستان، فإنّه رهن بسلوك هذه الحكومة. إنّه رهن بسلوك طالبان".

وأضاف أنّ الولايات المتّحدة تشترط للتعامل مع الحكومة الأفغانية المقبلة "أن تحافظ هذه الحكومة على الحقوق الأساسية لشعبها (..) بمن فيهم نصف شعبها - أي الزوجات والبنات (..) وأن لا توفّر ملاذًا للإرهابيين".

بايدن "لم يكن ناجحًا أو موفّقًا"

ويرى مدير المركز العربي في واشنطن خليل جهشان أنّ الرئيس الأميركي جو بايدن كان يحاول أن يتكلّم من منطلق قوة بوصفه رئيس دولة عظمى اختارت بمحض إرادتها أن تنسحب من هذه المعركة التي اعتبرتها مؤخرًا معركة خاسرة.

ويشير جهشان، في حديث إلى "العربي" من واشنطن، إلى أنّ الرئيس بايدن "لم يكن ناجحًا أو موفقًا كليًا في هذه المحاولة لأن الأحداث فرضت نفسها عليه". 

ويقول: "يبدو أنه كان في موقف دفاع عن النفس مقابل الانتقادات الكثيرة التي تلقاها إن كان داخل الولايات المتحدة أو خارجها".

ويعرب عن اعتقاده بأنّ الولايات المتحدة أساءت فهم الحرب منذ بدايتها وأساءت التخطيط لها كما أساءت التنفيذ حتى بعد قيامها ببعض التخطيط المحدود للحرب.

ويخلص إلى أنّ الهدف "كان محدودًا نوعًا ما منذ البداية ولكن لم يكن هناك وضوح رؤية لدى الولايات المتحدة بالنسبة إلى الإرهاب".

"نصر بكل معنى الكلمة" لحركة طالبان

في المقابل، يستعين الخبير العسكري فايز الأسمر بمقولة: "كأنك يا أبو زيد ما غزيت" لاختصار الوضع في أفغانستان بعد سيطرة طالبان.

ويقول في حديث إلى "العربي" من غازي عنتاب: "بعد 20 عامًا من الوجود الأميركي العسكري عادت طالبان بكل قوة وسيطرت على أفغانستان خلال فترات وجيزة على الرغم من كل المصروف الذي أنفِق على إعداد وتسليح الجيش الأفغاني".

ويضيف: "أصبح هذا التسليح غنيمة لطالبان استخدمتها من أجل السيطرة السريعة وإسقاط كل الولايات الأفغانية خلال فترة قياسية كمبدأ الدومينو".

ويتحدّث الأسمر عن "نصر بكل معنى الكلمة لطالبان التي أصبحت أمرًا واقعًا يجب على المجتمع الدولي التعامل معه".

لكنّه يعتبر في الوقت نفسه أنّ "على طالبان من جهة أخرى تغيير الصورة النمطية المأخوذة عنها عام 1996 وإعادة صياغة سياساتها الميدانية وعلى صعيد التعامل مع الداخل والخارج".

جلسة "طارئة" لمجلس الأمن حول أفغانستان

وكان مجلس الأمن الذي عقد في جلسة طارئة لمناقشة تطورات الأوضاع في أفغانستان توصّل إلى توافق على بيان وفق ما أكد دبلوماسيون لـ"العربي".

وتتلخّص أبرز عناصر البيان في الدعوة إلى وقف العنف فورًا في أفغانستان، ومطالبة كلّ الأطراف بضمان وصول المساعدات الإنسانية من دون معوقات.

ولم يُخفِ أعضاء المجلس في الجلسة الطارئة قلقهم من "الانتهاكات الجدية" في البلاد، ومنها انتهاكات حقوق الإنسان، وفق البيان.

وشدّد البيان على ضرورة محاربة الإرهاب في أفغانستان لضمان عدم استخدام الأراضي الأفغانية لتهديد أو مهاجمة أي بلد آخر، وألا تدعم طالبان أي مجموعة أفغانية أخرى الإرهاب داخل البلاد وخارجها.

"مبعث القلق الأكبر" لدى مجلس الأمن

من جهته، شدّد المتحدّث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، في تصريح خاص إلى "العربي"، على أهمية ضمان ألا تكون أفغانستان منطلقًا للمنظمات الإرهابية بعد سيطرة حركة طالبان على البلاد.

وأكد دوجاريك أنّ مبعث القلق الأكبر لدى مجلس الأمن الدولي هو العنف وانتهاكات حقوق الإنسان.

وقال: "لقد شاهدنا أرقامًا مرتفعة لانتهاكات حقوق الإنسان، وهذا الخطر يتهدّد جيلًا بأكمله من الشعب الأفغاني، ونودّ أن نضمن بأنّ أفغانستان لن تُستخدَم منصّة للشبكات الإرهابية".

المواقف الدولية تتواصل

إلى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الروسية في بيان أنّ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بحث مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن تطورات الأوضاع في أفغانستان.

وأوضح البيان أنّ بلينكن أطلع نظيره الروسي على عملية إجلاء الدبلوماسيين الأميركيين من كابل ومسألة الوضع الإنساني الطارئ هناك والتدابير الأميركية المتّخَذة في هذا الخصوص.

واتفق الجانبان على مواصلة الاتصالات والمشاورات لإطلاق حوار أفغاني شامل بمشاركة الصين وباكستان وغيرها من الدول المعنيّة، فضلًا عن الأمم المتحدة.

من جهته، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنّ الضرورة الملحّة هي تأمين سلامة الرعايا الفرنسيين الذين يتعين عليهم جميعًا مغادرة البلاد وكذلك الأفغان الذين عملوا لصالح فرنسا.

وشدّد ماكرون، في كلمة متلفزة، على وجوب ألا تصبح أفغانستان مجدّدًا "معقلًا للإرهاب"، مؤكدًا أنّ تحرك فرنسا يهدف أولًا إلى مواصلة مكافحة ما وصفه بـ"الإرهاب الإسلامي" بكلّ أشكاله.

تابع القراءة
المصادر:
العربي، وكالات
تغطية خاصة
Close