يبقى الوضع الاستثنائي في تونس على حاله مع إعلان الرئيس قيس سعيد تمديد قراراته. ووسط هذا الوضع تعيش حركة النهضة مخاضًا داخليًا مع قرارات جديدة لرئيسها راشد الغنوش.
وأصدر الرئيس قيس سعيّد أمرًا رئاسيًا قضى بتمديد العمل "حتى إشعار آخر" بالإجراءات الاستثنائية المثيرة للجدل التي سبق أن اتخذها، واعتُبِرت "محاولة انقلابية" من قبل العديد من الأحزاب والقوى السياسية.
تغييرات في "النهضة"
وكان سعيد قد عزل رئيس الحكومة هشام المشيشي، وعلق عمل البرلمان الشهر الماضي واستحوذ على السلطة التنفيذية، في خطوة مفاجئة رأت فيها قوى سياسية عدّة انقلابًا على المؤسّسات، الأمر الذي رفضه سعيّد، مؤكّدًا أنّ كلّ ما أقدم عليه دستوري.
وتزامن هذا القرار الرئاسي، مع إعلان رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، إعفاء جميع أعضاء المكتب التنفيذي للحركة من مهامهم، وإعادة تشكيله بما "يستجيب لمقتضيات المرحلة"، وفق بيان للحزب.
وسيكون لهذه الخطوة تفاعل على المستوى الداخلي في الحزب، وعلى القاعدة الشعبية في البلاد.
وكان السقف الزمني لقرارات سعيد الأولى، وفق المادة 80 من الدستور، 30 يومًا، على أن يعود الوضع في البلاد إلى طبيعته. لكن بعيدًا عن دستورية الوضع الاستثنائي الذي أقره الرئيس الشهر الماضي، فإن المادة 80 تنص على أن التمديد يحتاج إلى قرار من المحكمة العليا، ولا وجود لأي نص بديل عن تلك المحكمة، إلا أن سعيّد يمضي في طريقه متفردًا بكل السلطات.
جرعة من الإيجابية
في هذا السياق، ترى القيادية في حركة الشعب ليلى الحداد، أن "مسألة التمديد كانت متوقعة لدى جميع المواطنين والأحزاب في البلاد".
وتشير الحداد، في حديث إلى "العربي" من تونس، إلى أن "مدة الشهر التي أقرها الرئيس قيس سعيد عند إصدار قراراته الأولى الشهر الماضي؛ ليست كافية للقيام بكل الإجراءات اللازمة لإعادة سير عمل مؤسسات الدولة".
وتقول: "جميع الإجراءات المتخذة على صعيد عمل الدولة تخضع لمراقبة العديد من المنظمات الحقوقية".
وتضيف: "هناك جرعة من الإيجابية عند الرأي العام، بأن هناك أملًا في تجاوز الإخفاق الذي شهدته البلاد في السنوات الماضية، والمرور إلى مسار جديد في مكافحة الفساد".
التمديد مرفوض
من جهته، أوضح الناطق الرسمي باسم حركة النهضة فتحي العيادي أن "الحركة ترفض التمديد الذي أقره الرئيس، وهو استمرار للإجراءات السابقة غير الدستورية".
ويشير العيادي، في حديث إلى "العربي" من تونس، إلى "أننا كنا نأمل أن تؤخذ إجراءات تصحيحية لإعادة الحياة السياسية لطبيعتها، وأن ينصب الاهتمام في البلاد على الصعوبات الصحية والمالية".
ويشدد العيادي على أن "التمديد الذي أقره الرئيس غير مقبول ومرفوض".
ويقول: "المبادرة التي حاولت تحريكها حركة النهضة من خلال تشكيل لجنة لإيجاد حل للأزمة مستمرة، ولا تزال اللجنة تقوم بأعمالها".
خرق للدستور
بدوره، يؤكد مدير المركز العربي في تونس مهدي مبروك أن تأويل الرئيس قيس سعيّد للمادة 80 من الدستور يعد "خرقًا كبيرًا للدستور".
ويعتبر مبروك، في حديث إلى "العربي" من تونس، أن هناك "أجهزة في البلاد، تعمل على خلق الأزمات المصطنعة بهدف استمرار الإجراءات الاستثنائية".
ويقول: "عند إصدار قراراته الأولى، اعتمد سعيّد على الأزمة الصحية والسياسية في البلاد، واليوم، تم تجديد الخطر الداهم على البلاد من خلال نشر أخبار عن نشاط لمجموعات إرهابية ومحاولات اغتيال في البلاد".
ويلفت إلى أن "الرئيس لا يمتلك خريطة طريق واضحة أو رؤية للأزمة الاقتصادية والاجتماعية".