عقدت الحكومة اللبنانية الجديدة التي تشكّلت إثر 13 شهرًا من الفراغ برئاسة نجيب ميقاتي اليوم الإثنين أول اجتماعاتها، فيما تنتظرها مهمات صعبة وسط أزمة اقتصادية غير مسبوقة متواصلة في البلاد منذ عامين.
وبعد اجتماع قصير عقدته الحكومة في القصر الرئاسي في بعبدا بحضور رئيس الجمهورية ميشال عون، أعلِن عن تشكيل لجنة صياغة البيان الوزاري، وقد ضمّت إلى رئيس الحكومة، نائب رئيس مجلس الوزراء، ووزراء العدل والطاقة والمالية والثقافة والتنمية الإدارية والداخلية والإعلام والتربية والعمل والزراعة.
وستعقد اللجنة الوزارية أولى جلساتها بعد ظهر اليوم في السرايا الحكومية بحسب ما أعلن وزير الإعلام جورج قرداحي بعد انتهاء الجلسة.
"توصية" عون وميقاتي للوزراء
وفي مستهلّ جلسة الحكومة، أكّد الرئيس ميشال عون أنّ على الحكومة أن تعمل كفريق عمل واحد متجانس متعاون لتنفيذ برنامج إنقاذي، مضيفًا: "ستواجهنا صعوبات كبيرة وسنعمل على تذليل واستنباط الحلول الممكنة".
وشدّد على أنّ الخارج والداخل يعوّل على نجاح الحكومة لمعالجة الأزمات المتراكمة والمتداخلة، "وكلما أظهرنا جدية والتزامًا وتصميمًا كلما وقفت الدول الشقيقة والصديقة إلى جانبنا".
الرئيس عون: أمامنا تحديات كبيرة لذلك أوصيكم بالإقلال من الكلام والإكثار من العمل
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) September 13, 2021
من ناحيته، قال ميقاتي: صحيح أننا لا نملك عصا سحرية. فالوضع صعب للغاية، ولكن بالإرادة الصلبة والتصميم والعزم والتخطيط نستطيع جميعًا، كفريق عمل واحد، أن نحقق لشعبنا الصابر والمتألم بعضًا مما يأمله ويتمناه".
وأكد ميقاتي أنّ الحكومة "ستعمل من أجل كل لبنان ومن أجل جميع اللبنانيين ولن تميز بين مَن هو موال أو معارض، مَن أعلن دعمه لنا ومن لم يعلن ذلك، ومَن سيمنحها ثقته بعد أيام أو من سيحجبها عنها"، مضيفًا: "سنمارس هذا الدور من دون أي كيدية وذلك تحت سقف القانون".
ودعا الوزراء إلى "الإقلال من الإطلالات الإعلامية لأن الناس تتطلع إلى الأفعال ولم يعد يهمها الكلام والوعود"، مشدّدًا على أنّ "الأمور بالنسبة إلى الناس في خواتيمها".
رئيس الحكومة نجيب ميقاتي: صحيح اننا لا نملك عصا سحرية. فالوضع صعب للغاية، ولكن بالإرادة الصلبة والتصميم والعزم والتخطيط نستطيع جميعا، كفريق عمل واحد، أن نحقق لشعبنا الصابر والمتألم بعضا مما يأمله ويتمناه
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) September 13, 2021
وجاءت ولادة الحكومة يوم الجمعة الماضي بعد 13 شهرًا من استقالة حكومة حسان دياب، إثر انفجار مرفأ بيروت المروّع في 4 أغسطس/ آب 2020. وفشلت محاولتان سابقتان لتشكيلها على وقع خلافات حادّة بين الأفرقاء السياسيين.
وتنتظر مهمات صعبة حكومة ميقاتي، التي لن تكون قادرة على تأمين حلول "سحرية" تضع حدًا لمعاناة اللبنانيين اليومية جراء تداعيات انهيار اقتصادي صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850.
ويقع على عاتق الحكومة الجديدة التوصّل سريعًا إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي في خطوة أولى لإخراج لبنان من أزمته، التي تتسم بنقص السيولة وبنقص حاد في الوقود والكهرباء تنعكس على كل جوانب الحياة. كما عليها الإعداد للانتخابات البرلمانية المحدّدة في مايو/ أيار.
الصورة التذكارية للحكومة الجديدة بحضور الرئيس عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري pic.twitter.com/Dcme6ArA22
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) September 13, 2021
حقوق سحب خاصة
من ناحيتها، أعلنت وزارة المالية الإثنين أن لبنان تبلّغ من صندوق النقد الدولي أنه سيتسلم في الـ16 من الشهر الحالي حوالي مليار و135 مليون دولار أميركي بدل حقوق السحب الخاصة، على أن تودع في حساب مصرف لبنان، الذي يحذّر من نضوب احتياطي الدولار لديه.
وكشف بيان صادر عن الوزارة، أن المخصّصات الجديدة لاحتياطيات صندوق النقد تتألف من 860 مليون دولار عن 2021 و275 مليون دولار عن 2009.
ووافق صندوق النقد الدولي الشهر الماضي على منح دوله الأعضاء حقوق السحب الخاصة، بما يتناسب مع حصتها لديه، ما سيسمح بزيادة المساعدات للدول الأكثر ضعفًا، بهدف دعم الاقتصاد العالمي الذي أرهقه تفشي وباء كوفيد-19.
شكوك وآمال بتحسّن الوضع المعيشي في #لبنان بعد ولادة الحكومة الجديدة برئاسة نجيب ميقاتي pic.twitter.com/Ob7UcGQlJ4
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) September 12, 2021
وحقوق السحب الخاصة ليست عملة وليس لها وجود مادي، بل تستند قيمتها إلى سلّة من خمس عملات دولية رئيسة هي الدولار واليورو والجنيه الإسترليني والرينمينبي أو اليوان والين. ويمكن استخدامها بمجرّد إصدارها كعملة احتياطية تعمل على استقرار قيمة العملة المحلية، أو تحويلها إلى عملات أقوى لتمويل الاستثمارات.
محطات المحروقات "أقفلت أبوابها"
وشرعت السلطات اللبنانية منذ أشهر في رفع الدعم تدريجيًا عن سلع رئيسة؛ أبرزها الطحين والوقود والأدوية. لكن ذلك لم يخفّف من أزمة محروقات حادة تشهدها البلاد، ولا يزال السكان ينتظرون في طوابير لساعات طويلة لتعبئة سياراتهم بالبنزين.
وأعلنت نقابة أصحاب المحطات الأحد أن أكثر من 90% من المحطات أقفلت أبوابها، "بسبب عدم تسلّمها المحروقات من الشركات المستوردة بسبب نفاد الكمية وعدم فتح" مصرف لبنان اعتمادات مصرفية جديدة للدفع للشركات المستوردة.
وعلى وقع أزمة المحروقات، تراجعت تدريجًا خلال الأشهر الماضية قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على توفير التغذية، ما أدى الى رفع ساعات التقنين لتتجاوز 22 ساعة يوميًا. ولم تعد المولّدات الخاصة قادرة على تأمين المازوت اللازم لتغطية ساعات انقطاع الكهرباء.