مع دخول الهجوم الروسي على أوكرانيا عامه الثالث، تستعر حرب أخرى سرية التفاصيل، كشف خباياها تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" عن مساهمة أميركا على مدى سنوات في بناء شبكة استخباراتية في أوكرانيا ضد روسيا.
وحسب تقرير الصحيفة، الذي نشر في 25 فبراير/ شباط، فإن الشبكة تعد اليوم عاملًا حاسمًا في خطط الدفاع الأوكرانية.
شراكة استخبارية بين الـ"سي آي أي" وأوكرانيا
وكشف تقرير "نيويورك تايمز" المطول بعض تفاصيل الشراكة، التي بدأت بين وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وأوكرانيا قبل 10 سنوات في 24 فبراير/ شباط 2014، في أوج التقلبات السياسية التي شهدتها أوكرانيا آنذاك، قبل أيام من ضم روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية.
وبدأت علاقة الـ"سي آي أي" بأوكرانيا بلقاءات بين فالنتين ناليفايتشينكو مدير الاستخبارات الأوكرانية آنذاك، وممثلي الاستخبارات الأميركية والبريطانية في كييف.
وقالت الصحيفة الأميركية في تقريرها: مع تصاعد العنف هبطت طائرة حكومية أميركية غير معلمة في مطار بكييف تحمل جون برينان مدير الـ"سي آي أي" آنذاك، وقال للسيد ناليفايتشينكو إن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية مهتمة بتطوير علاقة مع الاستخبارات الأوكرانية بشرط أن تتطور بالوتيرة المناسبة للوكالة.
وتطورت تلك العلاقة إلى شراكة عميقة مع تعيين فاليري كوندراتيوك رئيسًا لوكالة الاستخبارات العسكرية الأوكرانية عام 2015، لتبدأ الاستخبارات الأميركية مد نظيرتها الأوكرانية بالأجهزة، وتدريب فرقة استخباراتية خاصة في أوكرانيا، وبناء 12 قاعدة سرية على الحدود الروسية، لجمع المعلومات ومشاركتها مع الاستخبارات الأميركية، وتنفيذ عمليات مشتركة على روسيا وعملائها.
وقالت "نيويورك تايمز" في تقريرها: "عادة ما يستغرق الأمر سنوات لتطور وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ما يكفي من الثقة في وكالة استخبارات أجنبية حتى تشترك معها في عمليات"، وأضافت: "مع الأوكرانيين استغرق الأمر أقل من 6 أشهر".
وتابعت: "بدأت الشراكة الجديدة تنتج كمًا هائلًا من الاستخبارات عن روسيا، إلى درجة أن الأمر اقتضى نقلها إلى لانغلي (حيث مقر الـ"سي آي أي" لمعالجتها).
وفي بداية علاقتها، كانت الاستخبارات الأميركية حذرة في ما تقدمه، إذ وضعت خطوطًا حمراء تمنع المشاركة بأعمال عسكرية ضد روسيا، وتكتفي بتبادل المعلومات، وتدريب العملاء الأوكرانيين.
لكن على إثر الهجوم الروسي على أوكرانيا في فبراير 2022، تطورت العلاقة أكثر لتشمل تزويد أوكرانيا بمعلومات دقيقة عن التحركات الروسية، أسهمت في توجيه أوكرانيا ضربات صاروخية عليها.
ومع تطور الحرب الروسية الأوكرانية، بات عملاء الـ"سي آي أي" جزءًا أساسيًا في عمل الاستخبارات الأوكرانية، حيث زار رئيسها الحالي وليام بيرنز أوكرانيا 10 مرات منذ بداية الحرب.
وقالت الصحيفة في التقرير: "أُرسل بعض ضباط الـ"سي آي أي" إلى قواعد أوكرانية. راجعوا قوائم الأهداف الروسية المحتملة التي يخطط الأوكرانيون لضربها، وقارنوا المعلومات الأوكرانية بتلك الأميركية للتأكد من دقتها.
وأضافت: "تجمع وكالة الاستخبارات العسكرية الأوكرانية الآن وتنتج معلومات استخباراتية أكثر من أي وقت مضى من الحرب، معظمها تشاركه مع الـ"سي آي أي".