للسنة الثانية على التوالي، يحلّ شهر رمضان المبارك على العالم الإسلامي، في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة فرضتها جائحة كورونا. ومع القيود المخفّفة على العادات التي يتبعها مواطنو الدول العربية، يكافح الكثيرون في دول عربية عدة من أجل تأمين الطعام.
وتشير إحصائيات برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة (WFP) إلى أن نحو 960 مليون شخص في العالم لا يملكون ما يكفي من الغذاء ليكونوا أصحاء، يوجد 64 مليونًا منهم في 12 دولة عربية، أي ما نسبته واحد من أصل ستة أشخاص.
الحروب والأزمات الاقتصادية
وتحوّل الجوع في بعض البلدان العربية إلى "حقيقة مزمنة" بسبب الحروب والأزمات الاقتصادية، حتى إن بعض الحكومات المستقرّة تُبدي قلقها من تأثير ارتفاع أسعار الغذاء في العالم.
وتحوّل تناول اللحوم إلى رفاهية، على غرار الألبان والفواكه التي بات يصعب شراؤها. حتى إن الخبز تحوّل إلى وجبة في بعض البلدان، حيث تصطف الطوابير أمام الأفران التي تقدّم الخبز بالسعر المدعوم من الحكومة.
وتُعتبر مشكلة نقص الغذاء أكثر حدة في سوريا واليمن، بالمقارنة مع غيرهما من الدول العربية، حيث يعاني نحو نصف السكان من الجوع.
سوريا
وفي سوريا، تكلّف سلة المواد الغذائية الأساسية المؤلفة من الخبز والأرز والعدس والزيت والسكر، أكثر من ضعف الراتب الشهري لعامل حكومي عادي.
ويعيش غالبية السوريين اليوم تحت خط الفقر، ويعاني 12,4 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، وفق برنامج الأغذية العالمي، فيما يشهد سعر صرف الليرة تدهورًا مستمرًا زاد من حدة ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
وفي مارس/ آذار الماضي، كشف منسق الشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ بالأمم المتحدة مارك لوكوك، أن هناك أكثر من 13 مليون شخص في سوريا يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، مشيرًا إلى أنّ ما يزيد عن 70% في شمال شرقي سوريا بحاجة ماسّة للمساعدات.
اليمن
أما في اليمن، فتُحذّر الأمم المتحدة من مجاعة وشيكة، لا سيّما بعد أن قطعت منظمات الإغاثة الدولية الحصص الغذائية عن اليمنيين، بسبب شحّ الميزانيات.
وبحسب تقرير لمكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، يحتاج 66% من السكان إلى المساعدة الإنسانية، منهم 12 مليون شخص بحاجة "ماسة" إلى المساعدة، وسط توقعات بأن يعاني 400 ألف من سوء التغذية الحاد.
لبنان
وفي لبنان، يكشف مرصد الأزمة في الجامعة الأميركية في بيروت أن تكلفة "الفتوش" لخمس أشخاص باتت توازي ما نسبته 82% من الحد الأدنى للأجور.
ويبلغ الحد الأدنى للأجور في لبنان نحو 650 ألف ليرة، وهو ما كان يعادل 430 دولارًا أميركيًا قبل أن تنهار العملة المحلية العام الماضي، فيما لا يتجاوز الحد الأدنى الآن 53 دولارًا فقط، بعدما بلغت قيمة الدولار الواحد مؤخرًا 12300 ليرة لبنانية.
ومع خسارة العملة المحلية 90% من قيمتها أمام الدولار، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 417٪ في العام الماضي. وسجّل لبنان أول حالة وفاة في 13 أبريل/ نيسان الجاري، في حادث إطلاق نار على خلفية توزيع حصص غذائية في شمال البلاد.
كما تتكرّر مشاهد الشجار على المواد الغذائية الأساسية المدعومة مثل زيت الطهي الذي باتت توزّعه بعض المتاجر الآن تحت حراسة مسلّحة.
غزة
وفي غزة، زاد ارتفاع تكلفة نقل البضائع والأغذية المستوردة من ارتفاع الأسعار، بينما تعد القدرة الشرائية للمواطنين في القطاع المحاصر ضعيفة نسبيًا، إذ يعتمد 4 من كل 5 أشخاص في القطاع على المساعدات المالية، وفق أحدث تقارير المنظمات الدولية.
مصر
أما في مصر، فيُشكّل ارتفاع أسعار الغذاء العالمية، نتيجة الجائحة، مصدر قلق بالنسبة للحكومة المصرية التي تستورد حوالي 13 مليون طن من القمح سنويًا للخبز المدعوم، لاسيما بعد أن فرضت روسيا ضرائب جديدة على الصادرات.
إلى ذلك، ارتفع سعر الأرز إلى أعلى مستوياته، فيما بقيت أسعار باقي الأطعمة ثابتة بسبب الطلب الضعيف عليها من المصريين.
ويعيش ثلث المصريين على أقلّ من 736 جنيهًا (47 دولارًا) في الشهر.
السودان
وفي السودان، حلّ الشهر الكريم في ظل "زيادة مهولة" في أسعار السلع الغذائية مع انقطاع في الكهرباء والاتصالات.
العراق
وفي العراق، لا يختلف الأمر كثيرًا عن جيرانه العرب مع ارتفاع سعر الدولار مقارنة بالدينار، خصوصًا وأن العراق يستورد معظم المواد الغذائية.
موجة غلاء تضرب المواد الأساسية في #العراق بسبب ارتفاع قيمة الدولار أمام الدينار#العربي_اليوم pic.twitter.com/z0oD2ypPHA
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) April 16, 2021
الإمارات والسعودية والاعتماد على استيراد الغذاء
كما تعتبر أسعار المواد الغذائية السبب الرئيسي للتضخّم في السعودية، حيث ارتفعت بنسبة 11٪ في فبراير/ شباط الماضي.
حتى في الإمارات، التي تعتبر من الدول الغنية التي تبلغ تكلفة وجبة الإفطار لشخص واحد 100 دولار، طُلب من المتاجر والبقالات تقديم تنزيلات في شهر رمضان.
كما ناقشت الحكومة الإماراتية فكرة تحديد أسعار المواد الغذائية، علمًا أن الإمارات بدأت في زراعة مستلزمات الطعام الرئيسية في الصحراء، ولكنها لا تزال البلاد تستورد 90% مما تأكل".