صلاحيات "فرعونية".. الخطاب المعارض للرئيس قيس سعيّد يتصاعد في تونس
يتصاعد الخطاب المعارض لخطوات الرئيس التونسي قيس سعيّد، منذ إعلانه التدابير "الاستثنائية" قبل أكثر من عام، وصولًا إلى عملية الاستفتاء على الدستور في الذكرى السنوية الأولى لإجراءاته.
وفي هذا السياق، لفت موقف لرئيس حركة النهضة راشد الغنوشي أكد فيه أنّ ثلاثة أرباع التونسيين لم يشاركوا في الاستفتاء على الدستور لأنّه "لا يهمّهم"، ولا يثقون في العملية الانتخابية.
وأضاف الغنوشي في تصريحات إعلامية، أنّ دور الاستفتاء كان "إضفاء الشرعية على الانقلاب" الذي حصل على حدّ تعبيره.
وأشار إلى عدم وجود جهة قادرة على أن تقول "لا" للرئيس التونسي بموجب الدستور الجديد، بل هو قادر على أن يحلّ مجلس النواب والحكومة والمجلس الأعلى للقضاء، وعلى حلّ الهيئة الانتخابية، مضيفًا أنّها صلاحيات "فرعونية" وفق وصفه.
"معركة اجتماعية واقتصادية" في تونس
من جهته، اعتبر الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل نور الدين الطبوبي أن الاتحاد مستهدف من الداخل والخارج، مشيرًا إلى أن البلاد في حاجة إلى لحمة وطنية مع الأطراف التي تؤمن بالدولة المدنية والتشاركية.
وفي تصريحات إعلامية، ذكر الطبوبي أنّ الأوضاع في تونس "مزرية"، وأن المعركة اليوم هي "معركة اجتماعية واقتصادية"، معربًا عن استعداد المنظمة للحوار البنّاء وليس الشكلي.
وأشار الطبوبي إلى أنّ الأحزاب التي تداولت على الحكم خلال السنوات العشر الماضية وظّفت إمكانات الدولة ولم توظّف النضج السياسي، على حدّ تعبيره.
وقال الطبوبي أيضًا: إنّ من حق الرئيس بمقتضى انتخابه مباشرة من الشعب أن "يدافع عن مشروعه الخاص".
بين "الباطل" و"البراغماتية"
وفي هذا السياق، يرى مدير منتدى ابن رشد للدراسات الإستراتيجية في تونس، كمال بن يونس، أن القوى والأحزاب المعارضة للرئيس قيس سعيد، قد تستثمر الغضب الشعبي المتصاعد جراء الوضع الاقتصادي الحالي، في الانتخابات التشريعية القادمة.
ومن المرتقب أن تشهد البلاد تلك الانتخابات في شهر ديسمبر/ كانون الأول المقبل، حيث يتوقع بن يونس خلال حديث إلى "العربي" أن يكون لتلك القوى موقع في البرلمان، بحال تم السماح لها بالمشاركة عبر قوائم موحدة أو بشكل فردي بحسب تعبيره.
ويتحدث بن يونس عن تفاوت في مواقف المعارضة، فقسم منها يتخذ قاعدة: "ما بني على باطل فهو باطل"، وذلك رفضًا للإجراءات التي قام بها سعيد منذ يوليو 2021 وبالتالي سيكون أمام تلك القوى خيار مقاطعة الانتخابات، وفي المقابل فإن بعض التيارات المعارضة ترى وجوب استخدام "البراغماتية" مع الواقع السياسي الجديد، الأمر الذي سيدفعها للمشاركة بالاستحقاق الانتخابي.
الوضع الاقتصادي أولًا
ويعرب بن يونس عن اعتقاده بأن القضية التي ستحسم المشهد التونسي السياسي، بين المعارضة والسلطة والنقابات، هي القضية الاقتصادية الاجتماعية التي باتت تؤرق الشارع المحلي، وبحال حصول السلطات على الدعم المالي وفق بن يونس، سيكون الموقف لصالحها تمامًا، ووسط العجز الكبير في ميزانية الدولة، فقد يكون المشهد أقرب إلى الانفجار الاجتماعي.
ويؤكد أن مكاسب سياسية حققتها المعارضة لاسيما الأحزاب التقدمية اليسارية منها، لكنها عجزت عن الإطاحة بنظام الرئيس سعيد بعد عام على التحركات والاحتجاجات، أو حتى بحكومته، في ظل عجز مقابل من الأطراف المؤيدة لسعيد لتشكيل قوة سياسية وازنة، ولا سيما أن كل استطلاعات الرأي تؤكد تراجع شعبية الرئيس من 85% إلى 30% خلال عام واحد.
ويعتبر بن يونس أن الأحزاب السياسية أخفقت خلال العقد الأخير، في ايلاء الوضع الاقتصادي أولوية مطلقة، وتوجهت بعد إسقاط نظام الرئيس زين العابدين بن علي عام 2011، للتصويب على القضايا السياسية والثقافية والأيديولوجية، وهو الأمر الذي استفاد منه سعيد بدعم شعبي خلال اجراءاته، لكن الأخير بالمقابل وبعد 3 أعوام لم ينجح بتقديم أي شيء ملموس للفئات المهمشة.
ويشير بن يونس إلى دور مهم قد تؤديه القوى الأمنية، التي يعتبر أنها في موقف محايد حتى الآن، بحال اتخذت موقفًا واضحًا بين الانحياز للغضب الشعبي في الشارع، والسلطة الحالية.
وتعاني تونس أزمة حادة منذ 25 يوليو/ تموز 2021، حيث بدأ سعيّد فرض إجراءات استثنائية منها إقالة الحكومة وتعيين أخرى وحل مجلس القضاء والبرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية وتمرير دستور جديد للبلاد وتبكير الانتخابات البرلمانية إلى 17 ديسمبر/ كانون الأول المقبل.