بعد وفاة الملكة إليزابيث الثانية، تسود تساؤلات حول عهد الملك الجديد تشارلز الثالث الذي لم يبد حماسة لتولي الدور الجديد طوال السنوات الماضية التي كان فيها وليًا للعهد.
وألقى تشارلز الثالث، اليوم الإثنين، خطابه الأول أمام البرلمان البريطاني، مجدّدًا التأكيد عن تضحيات والدته الملكة إليزابيث وتفانيها من أجل بلادها، مشيرًا إلى كونها "مثالًا" يحتذي به جميع أفراد العائلة المالكة.
وذكرت مجلة "إيكونوميست" أن "لا أحد يعرف على وجه التحديد كيف سيتصرف تشارلز الملك، في منصب لا يتقدم إليه أحد، ولا تُعقد مقابلات شخصية من أجله"، وربما " قد لا يكون تشارلز مناسبًا له".
وأوضحت أن تشارلز "لم يكن دائمًا متحمسًا لهذا الدور"، إذ سبق وقال: إن "معرفة أنك ستكون ملكًا أمر يطاردك بشعور لا يرحم". كما سبق وتوقّعت طليقته الراحلة الأميرة ديانا، أن تكون "مهمة خانقة" له.
ورغم ذلك، ذكرت المجلة أن مشاعر القلق ليست أمرًا غريبًا على الملوك، فالأدوار الملكية غير محددة بشكل لافت".
وأشارت إلى أن الشعور ذاته راود والدته الراحلة، التي كانت في كينيا ووجدت نفسها فجأة ملكة في سن 25 عامًا، فسألت: "ماذا سيحدث عندما نعود إلى الوطن؟"، وكذلك فعل زوجها الأمير فيليب الذي سأل رجال الحاشية عما يجب أن يفعله بنفسه.
وأوضحت المجلة أنه من غير المعروف ما سيعنيه تشارلز الثالث للعائلة المالكة أو لبريطانيا. فبالنسبة للملوك، هم مثل الأسهم، حيث لا يعتبر النجاح في الماضي دليلًا على الأداء المستقبلي.
مشاعر متقلبّة وشعبية منخفضة
ورغم ذلك، رجحت الصحيفة أن يجسد الملك تشارلز "نوعًا من الاستمرار الثابت الذي جسدته والدته، من الكعب المنخفض إلى المشاعر المقيدة".
لكنها في الوقت نفسه، أشارت إلى أن مشاعر تشارلز "متقلبة، وبالنسبة للنظام الملكي، غالبًا ما تكون قريبة من السطحية. ومن المؤكد أن وجود أم، كانت أيضًا ملكة، لم يكن دائمًا أمرًا سهلًا له".
كما أن زواجه الأول من ديانا "أضرّ بسمعته بشدة"، فبعد أن شاهد حفل زواجهما عام 1981، نحو 750 مليون شخص حول العالم، يتذكّر العالم أكثر المقابلات التلفزيونية في التسعينيات التي تحدثت ديانا فيها بالتفصيل عن انهيار علاقتهما.
كما ظلت شعبيته منخفضة نسبيًا، وقد أظهر استطلاع أجرته شركة "يو غوف" (YouGov)، في مايو/ أيار 2022، أنها وصلت إلى 54%، وهي نسبة أقل بكثير من شعبية الملكة الراحلة (81%) والأمير وليام (75%).
واعتبرت المجلة أن "هذه مشكلة بالنسبة له شخصيًا، وللمؤسسة الملكية ككل".
ضجيج سياسي
وتوقعت المجلة أن يُحدث تشارلز "ضجيجًا سياسيًا" أكثر مما فعلت والدته التي كانت "حيادية بشكل مدروس"؛ فهو "بالفعل مشهور بآرائه، وعلى سبيل المثال، ضغط على توني بلير بشأن صيد الثعالب، وأعلن دعمه للدالاي لاما، وكان غيابه عن مأدبة رسمية للصين عام 2015 أمرًا ملحوظًا".
وأشارت المجلة إلى أن البيئة ستكون "أحد المجالات التي سيركز عليها بشكل خاص، بعد أن سخر لها وقتًا طويلًا، وأمضى حياته في تطوير أفكار بشأن الاستدامة والزراعة العضوية والتنوع البيولوجي، وأسس علامة تجارية للأغذية العضوية "Duchy Originals" عام 1990، قبل أن يسمع معظم الناس عن الأغذية العضوية؛ كما تحدث في العديد من اجتماعات المناخ الدولية".
وأكدت المجلة أنه سيتم تقييم أداء تشارلز عن كثب، من خلال عدد زياراته للمستشفيات وفتح المدارس، وهو ما تتوقع المجلة أن يتفوق على الملكة الراحلة على الأقل في هذه المقاييس الملكية.
ويؤكد مساعدون مقربون منه أن تشارلز يعمل "مثل حصان طروادة".
ورغم كل ذلك، يواجه الملك تشارلز الثالث تحديات عدة، أبرزها المحافظة على النظام الملكي، مع تزايد الدعوات لتحويل البلاد إلى جمهورية.
فمع وفاة الملكة إليزابيث الثانية، يعتقد دعاة الجمهورية في بريطانيا أن "نهاية المؤسسة الملكية" التي يبلغ عمرها أكثر من ألف عام قد تكون "خطوة أقرب".
كما تدفع العديد من الدول التي تخضع للتاج البريطاني باتجاه الاستقلال على غرار إسكتلندا وإيرلندا الشمالية وويلز.