اعتلى الملك تشارلز الثالث عرش بريطانيا خلفًا لوالدته الراحلة إليزابيث الثانية، في وقت تتصاعد فيه القومية في كل من إسكتلندا وويلز وإيرلندا الشمالية، حيث يريد أكبر حزبين سياسيين في إسكتلندا وإيرلندا الشمالية مغادرة المملكة المتحدة، بينما يدعم ربع السكان في ويلز الاستقلال.
وتعهد الملك تشارلز الثالث في أول خطاب له كملك الجمعة، بأن يحذو حذو والدته الراحلة بخدمة البريطانيين طوال حياته، واهبًا نفسه لخدمة الأمة.
إسكتلندا.. ارتباط بالملكة أكثر من المؤسسة الملكية
وعلى الرغم من الارتباط الواضح الذي شعرت به الملكة الراحلة تجاه مرتفعات إسكتلندا والناس الذين عاشوا هناك، وفي لحظات الحزن الشديد على وفاتها، يعترف العديد من الإسكتلنديين أن تشارلز الذي ورث لقب والدته، "لن ينال التقدير والمودة اللذين حظيت بهما الملكة الراحلة".
وذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية أن الإسكتلنديين كانوا مرتبطين بشخصية وثبات الملكة نفسها أكثر من المؤسسة الملكية.
وفي مايو/ أيار الماضي، وجد مركز أبحاث المستقبل البريطاني أن 45% فقط في إسكتلندا أرادوا الاحتفاظ بالنظام الملكي، بينما اعتقد 36% أن نهاية عهد الملكة ستكون اللحظة المناسبة لتصبح جمهورية.
ومع المزيد من الخلافات الدستورية هذا العام، حيث تدرس المحكمة العليا ما إذا كان البرلمان الإسكتلندي سيقرّ قانون استفتاء ثانٍ على الاستقلال، سألت الصحيفة: "هل يعزّز الملك الجديد الروابط بين إسكتلندا وبقية المملكة المتحدة، أم أنه سيسهم في تفككها بشكل أكبر؟".
وقال جيمس ميتشيل، المحلل السياسي الإسكتلندي، للصحيفة إنّ الملك الجديد بحاجة إلى أن يصبح شخصية "أكثر اعتدالًا وغير حزبية".
وفيما لفت إلى أن السؤال الآن هو كيف سيختار الملك تشارلز التكيّف مع الوضع الجديد، قال: "يجب أن يفعل ذلك. لقد كان صريحًا فيما يخص المجتمع والعمارة على مر السنين. هذه الحرية سيقيّدها منصبه الجديد".
وأضاف: "لم يكن دقيقًا تمامًا في تدخّلاته على مرّ السنين، لذا قد يكون هذا تحديًا حقيقيًا له وللحزب الوطني الاسكتلندي" الذي يدعم احتفاظ إسكتلندا بالملكة كرئيس للدولة بغض النظر عن نتائج الاستفتاء الثاني.
نجاح بريكست يحيي آمال اسكتلندا بالاستقلال عن بريطانيا، فهل يقود الانفصال إلى تفتت جديد؟#التلفزيون_العربي pic.twitter.com/4KLwVeJnaB
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) January 31, 2020
ويلز.. مشاعر غير دافئة تجاه تشارلز
أشارت "الغارديان" إلى أن المودة تجاه الملكة الراحلة في ويلز كبيرة بلا شك، وهناك ولع كبير بالأمير وليام (الابن الأكبر للملك تشارلز)، الذي عمل طيار بحث وإنقاذ شمالي البلاد.
ولكن على الرغم من أنه يحمل لقب أمير ويلز لأكثر من نصف قرن وهو زائر متكرر إلى البلاد، إلا أن المواقف تجاه الملك تشارلز بين معظم مواطني ويلز "ربما لا تكون دافئة".
وقالت كاتي مال، مواطنة في ويلز، للصحيفة: "لا أعتقد أن الناس يحبونه (تشارلز) مثل الملكة. أعتقد أن بعض الناس يحبون آراءه البيئية، التي ستنخفض بشكل كبير بسبب منصبه الجديد. إنه شعور غريب أن تقول الملك تشارلز!".
وأضافت: "أنا أعمل مع أفقر الناس في المجتمع، وأشعر أن العائلة المالكة تساعد في دعم النظام الطبقي؛ لكنها من ناحية أخرى، توحّد بريطانيا بطريقة ما، وهو ما يحتاج تشارلز إلى التركيز عليه".
من جهتها، قالت ماريون لوفلر، التي تدرس تاريخ ويلز بجامعة كارديف، للصحيفة، إنّ علاقة الملكة الراحلة بالبلاد كانت قوية. وأضافت: "أعتقد أنها حاولت نقل هذا إلى تشارلز، لكنها لم تنجح في ذلك. لقد تعلم القليل من الحياة الويلزية، لكن ليس بالقدر الكافي".
وأوضحت الصحيفة أنه قبل أن يعلن الملك تشارلز أن وليام سيكون الأمير الجديد لويلز، تم تقديم عريضة تطالب بإلغاء اللقب لأنه يُنظر إليه على أنه رمز للقهر منذ أن منحه إدوارد الأول ملك إنكلترا لابنه عام 1301.
وأوضحت الصحيفة أن هناك حركة استقلال ويلزية متنامية تقوم على هوية ويلزية مميزة، وهذا يتعارض مع فكرة الملكية.
إيرلندا الشمالية.. لا إثارة حول عهد جديد
على الرغم من أن رحيل الملكة إليزابيث كان بمثابة صدمة لمواطني إيرلندا الشمالية، إلا أن العديد من النقابيين في البلاد يبدون محبطين من الملك تشارلز الثالث.
وبالنسبة إلى البعض، فإن الملك البالغ من العمر 73 عامًا مألوف وكبير السن، بحيث لا يمكن أن يولّد الإثارة حول عهد جديد.
وقالت جوان ماكولو مواطنة من إيرلندا الشمالية للصحيفة: "لا أعرف ما إذا كان الناس سينظرون إلى تشارلز بنفس الطريقة كما كانوا ينظرون للملكة. لديه عمل صعب للغاية. أعتقد أنه لن يحظى بنفس الاحترام الذي كانت تتمتع به الملكة".
أما في منطقة فولز رود القومية في بلفاست، اعتبر كثيرون أن لا فرق سواء كان تشارلز أميرًا أو ملكًا، لأنه "لم يكن ملكهم".