اتهمت منظمة العفو الدولية قوى الأمن اللبنانية بارتكاب انتهاكات مروعة بحق اللاجئين السوريين الذين تم اعتقالهم، بشكل تعسفي في كثير من الأحيان بتهم تتعلق بالإرهاب، مستخدمة بعض أساليب التعذيب المروعة نفسها المستخدمة في أسوأ السجون سمعةً في سوريا.
ووثّقت المنظمة سلسلة من الانتهاكات ضد 26 لاجئًا سوريًا، بينهم أربعة أطفال، احتُجزوا في لبنان بتهم لها صلة بالإرهاب بين عامي 2014 و2021.
وسجّل تقرير المنظمة، الذي صدر اليوم الثلاثاء تحت عنوان "كم تمنّيت أن أموت"، انتهاكات المحاكمة العادلة، والتعذيب الذي يتضمن ضربًا بالعصي المعدنية، والكابلات الكهربائية، والأنابيب البلاستيكية.
كما وصف المحتجزون عمليات تعليقهم رأسًا على عقب، أو إرغامهم على اتخاذ أوضاع جسدية مُجهِدة لفترات مطولة من الوقت.
ومنذ عام 2011، احتُجز مئات اللاجئين السوريين في لبنان، غالبًا تعسفيًا بتهم ملفقة تتعلق بالإرهاب وأحيانًا بتهم مرتبطة بالانتماء إلى جماعات مسلحة.
شهادات
"اعتدى المحققون عليَّ بالضرب وأرغموني على الاعتراف بأنني كنت عضوًا في جبة النصرة وداعش، ثم أرغموني على أن أبصم على تقرير (الاستجواب). ولأنني كنت مكبلًا بالأصفاد ومعصوب العينين فقد أمسكوا بيدي من أجل البصمة، وكي لا أقاومهم، ضروبوني قبل أن يمسكوا بها".
قُيّد أحمد من رسغيه وعُلّق من السقف إلى أن "قلت في نفسي: كم أتمنى أن يضربني (العنصر الأمني) على رأسي حتى أموت".
"سألوني عما إذا كنت مع بشار الأسد أو ضده، فقلت إنني ضده، فانهالوا عليّ بضرب أشد قسوة".
أمسكني (المحقق) بشعري، وضرب رأسي بالحائط حتى نزفت. وسال دمي من فمي وأنفي، وكسر سني. فأخبرته بذلك، فقال سأكسر رأسك وليس سنك فقط. ما رأيك في أن أضع سنّك المكسور في فمك؟".
أتذكر اللكمة الأولى التي تلقيتها على بطني. ضربوني قائلين لي إنني أرهابي، ويجب أن أموت. كان الدم يتدفق من فمي، ولم أشعر بشيء. كان كل شيء مشوشًا وضبابيًا. ثم أغمي علي لمدة 30 دقيقة تقريبًا على ما أعتقد، ورشّوني بعدها بالماء، وأخذوني لكي أغسل فمي لأنه كان مغطى بالدماء. قالوا لي في تلك الليلة: سنتسلى بك هذا المساء، ما يعني أنني سأكون لعبتهم. وفعلًا، كانوا يضربونني كل 30 دقيقة، ولم يدعوني أنام دقيقة واحدة. مكثت هناك ثمانية أيام".
"ضربونا بأنابيب بلاستيكية من الحمّام على الظهر. وانتشرت على ظهري جروح فاغرة، وراحت تسوء جدًا. وفي النهاية ظهرت ديدان بداخلها".
انتهاكات
- أفاد اللاجئون في جميع الحالات الست والعشرين التي وثقتها منظمة العفو الدولية – ما عدا حالة واحدة – بأنهم تعرضوا للتعذيب إما خلال الاستجواب أو في الحجز. وفي معظم الأحيان، كان التعذيب يستمر ويتكرر في مركز مخابرات الجيش في أبلح، أو في مكتب الأمن العام في بيروت، أو في وزارة الدفاع.
- اثنان من ضحايا التعذيب كانا في سن 15 و16 سنة فقط في وقت حدوثه.
- قال أربعة رجال على الأقل إنهم تعرضوا لضرب مبّرح لدرجة أفقدتهم الوعي، وكُسرت أسنان اثنين منهم.
- قال محتجز إنه ضُرب على أعضائه التناسلية إلى أن أُغمي عليه، وقال محتجز آخر إن عنصرًا أمنيًا أصابه بجرح بليغ إثر ضربه على أعضائه التناسلية لدرجة أنه ظل يتبول دمًا لعدة أيام.
- قال المحتجزون إنهم تعرضوا لبعض من أساليب التعذيب ذاتها المستخدمة على نحو مألوف في السجون السورية مثل "بساط الريح" (حيث يُربَط المرء بلوح قابل للطي)، أو "الشَّبْح" (عندما يُعلّق الشخص من معصميه ويتعرض للضرب)، أو طريقة "البلانكو" التي تتضمن تعليق الشخص طوال ساعات مع تكبيل معصميه خلف ظهره.
- وثّقت منظمة العفو الدولية إساءة معاملة امرأتين تعرضتا للتحرش الجنسي والإساءات اللفظية في الحجز. وأُرغمت إحداهما على مشاهدة عناصر الأمن وهم يُعذّبون ابنها، وأُرغمت الأخرى على مشاهدة زوجها وهو يتعرّض للضرب.
- حُرم جميع المحتجزين الستة والعشرين، الذين وثّقت منظمة العفو الدولية حالاتهم، من الاستعانة بمحامٍ خلال الاستجواب الأولي، في انتهاكٍ لقوانين لبنان نفسها، وللقانون والمعايير الدولية.
- اعتمد القضاة، في حالات عديدة، اعتمادًا شديدًا على الاعترافات المنتزعة تحت وطأة التعذيب، أو على أدلة استُمدّت من مخبرين غير جديرين بالثقة.
- حوكم المحتجزون في 23 حالة من الحالات الموثّقة – بينهم طفلان – أمام المحاكم العسكرية، في انتهاك للمعايير الدولية التي تعارض محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية.
- صدرت أوامر في ثلاث حالات على الأقل للترحيل القسري للمحتجزين إلى سوريا، ونُفِّذت في حالة واحدة؛ في إخلال بمبدأ عدم الإعادة القسرية بموجب القانون الدولي الذي يُحظر على الدول إعادة أي شخص إلى مكان يمكن أن يتعرض فيه فعليًا لخطر الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.