يتم العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عامه الأول وسط ظروف إنسانية غاية في الصعوبة تفرضها إسرائيل بالقصف المتواصل والقتل المتعمد والمستمر لكل مظاهر الحياة في القطاع.
وقد أثر العدوان مباشرة على الجميع، وأكثر من تأثر بذلك المواليد الجدد والمرضعات.
ولادة في خيمة
لرنا صلاح تجربتها مع الإنجاب في الحرب. فرنا شابة من غزة، أنجبت ابنتها ميلانا قبل شهر واحد فقط، ولم تحظ كغيرها من الحوامل في العالم بظروف مهيأة للولادة، حيث كانت خيمة أحد المستشفيات مكانًا لوضع ابنتها بعملية قيصرية، بسبب مضاعفات حمل عانتها.
ولم يكن صحيحا اعتقادها بأن المعاناة تنتهي بالولادة، لأن معاناةً أخرى تبدأ مع صرخة حياة المولود. فأسرة الرضيعة التي رزقت بها رنا لم تتمكن من العودة إلى المنزل لاشتداد الضربات الإسرائيلية، لتنقل الرضيعة من خيمة المستشفى إلى أخرى في مخيم في دير البلح.
ومن داخل خيمتها، التي يتكدس فيها النازحون وسط أجواء خانقة، تُخبر رنا عن تجربتها في المخاض وسط الحرب والمعاناة، وتتحدث عن الشعور بالذنب الذي ينتابها لإنجابها صغيرتها في ظروف كهذه.
وما مرت به رنا، قاسته الشابة منار أبو جراد أيضًا. فقد ولدت منار ابنتُها الصغرى سحر في 4 سبتمبر/ أيلول، أيضًا بعملية قيصرية، لكن لم تقتصر مخاوف منار على الولادة نفسها، بل تتعدّاها إلى تحديات عدة، مثل تمكّنها من رعاية طفلاتها الأخريات بعد العملية، فمسؤولية الأطفال باتت مسؤوليتَها وحدها بعد استشهاد زوجها في الحرب.
شكل من أشكال الإبادة الجماعية
وقد أثارت معاناة النساء الحوامل في غزة تفاعلًا على وسائل التواصل الاجتماعي. وعلّقت منظمة "الحملة العالمية للعودة إلى فلسطين": "النساء الحوامل في غزة، ولادة دون مخدر ومجاعة تنهك صحتهم.. آيةٌ في الصمود والتضحية".
أمّا الحقوقية سارة ريزفي فتساءلت: "أين ما يُسمى بالنَّسويات عما يحصل لنساء غزة؟ أم أن هؤلاء النسوة ليس لهن حقوق لأنهن سمراوات وعربيات؟"
بدوره، قال الصحفي أندي ورثينغتون: "إن معاملة إسرائيل للنساء الحوامل في غزة تدرج تحت تعريف واحد من التعريفات الخمسة للإبادة الجماعية الواردة في اتفاقية مناهضة التعذيب: وهي فرض تدابير تقضي إلى منع الإنجاب داخل مجموعة".
ويقول الصحفي سامي مشتهى: "أن يكون لديك طفل في الحرب شيء مخيف جدًا جدًا، ستتحول من شخص شجاع إلى أجبن إنسان في الكون من خوفك ورعبك عليه، ستخبئه في قلبك من الرعب الذي ستعيشه".
وكانت منظمة الصحة العالمية قد حذّرت مسبقًا من وجود نحو 52 ألف امرأة حامل في قطاع غزة معرّضات للخطر بسبب انهيار النظام الصحي، نتيجة العدوان الإسرائيلي المستمر منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
كما أكّدت على أن المخاوف لا تقتصر على الولادة نفسها، بل تتعدّاها إلى تحديات عدة كإبقاء الرّضع على قيد الحياة في ظل انعدام المواد الأساسية كالماء والغذاء.