اقتحم عشرات المستوطنين باحات المسجد الأقصى اليوم الأحد، تحت حماية مشددة من قوات وشرطة الاحتلال، حسبما أفاد مراسل "العربي".
وقبيل الاقتحام انتشر مئات العناصر من الشرطة الإسرائيلية في البلدة القديمة ومحيط المسجد الأقصى تمهيدًا لهذه الاقتحامات، في اليوم الرابع لما يسمى "عيد الفصح اليهودي".
وأفادت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، بأن عشرات المستوطنين شرعوا باقتحام ساحات المسجد الأقصى، على شكل مجموعات، من جهة باب المغاربة، ونفذوا جولات استفزازية، وأدوا طقوسًا تلمودية.
ونفذت مجموعات كبيرة للمستوطنين اقتحامات متتالية للمسجد الأقصى بالزي الكهنوتي، وأدوا جولات استفزازية في باحاته، وبلغ عددهم حتى اللحظة 912 مستوطنًا، بحسب المركز الفلسطيني للإعلام.
من اقتحام الفوج الثالث من المستوطنين للمسجد الأقصى المبارك pic.twitter.com/bdFOg9taQr
— AlQastal القسطل (@AlQastalps) April 9, 2023
في المقابل، واجه المرابطون والمعتكفون بالمسجد اقتحام المستوطنين بالصلوات والتكبير والتهليل والهتافات.
وكان الآلاف من المصلين أدوا صلاة فجر الثامن عشر من شهر رمضان بالمسجد الأقصى، رغم تضييقات سلطات الاحتلال، ومنع الشباب من دخول الأقصى.
وتمكنت أعداد كبيرة من المصلين من أداء صلاة الفجر، فيما قامت قوات الاحتلال بالتضييق على حافلات المصلين القادمين لأداء صلاة الفجر بالأقصى.
وانطلق المصلون عقب صلاة الفجر، في وقفة عفوية برحاب المسجد الأقصى، وسط صيحات التكبير وهتافات مؤيدة للمقاومة.
قوات الاحتلال تمنع فتاتين من الدخول إلى المسجد الأقصى المبارك لأداء صلاة الفجر pic.twitter.com/3wp2BwwtVB
— AlQastal القسطل (@AlQastalps) April 9, 2023
وكان المئات من المصلين قد اعتكفوا السبت في المسجد القبلي، بعد أن أغلقوا أبوابه في وجه قوات الاحتلال منعًا لاقتحامه وتفريغه من المصلين كما اعتادت خلال الأيام القليلة الماضية.
وتأتي هذه التطورات فيما تشهد القدس القديمة حالة من التوتر، وذلك في ظل الإجراءات الأمنية المشددة التي فرضتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، في البلدة القديمة، ومنع الشبان من صلاة الفجر في المسجد الأقصى.
"اعتداء إسرائيلي على الشبان"
وكانت قوات الاحتلال قد حولت البلدة القديمة في القدس إلى ثكنة عسكرية ونصبت الحواجز داخل أسوارها، فيما قام عناصر حرس الحدود بإفراغ شوارعها من الشبان تمهيدًا لاقتحام المستوطنين.
ومنعت قوات الاحتلال دخول الشبان للمسجد الأقصى وأخرجتهم باتجاه باب الأسباط، في وقت قام فيه عناصر من حرس الحدود بالاعتداء على الشبان عند أبواب الأقصى ومنعهم من دخول المسجد.
وعلى الرغم من تضييق الاحتلال ومنع الشبان من دخول الأقصى، تواجد مئات المرابطين والمرابطات في ساحات الحرم القدسي الشريف، رغم إجراءات الاحتلال.
عيد "الفصح اليهودي"
وتأتي هذه الإجراءات القمعية وتشديدات الاحتلال، فيما يستعد آلاف المستوطنين واليهود، اليوم الأحد، لاقتحام حائط البراق غربي المسجد الأقصى، لأداء ما يسمى طقوس "بركات الكهنة" التلمودية، بمناسبة "الفصح اليهودي"، وذلك وسط إجراءات أمنية مشددة.
وحسب موقع "عرب 48"، فإن "بركات الكهنة" طقس يختص في الأصل بطبقة "كهنة الهيكل" بحسب الرؤية التوراتية، وهو "يؤدى برفع الأيدي المبسوطة مع قراءة مقاطع من التوراة ليمنح بها الكاهن البركة الموعودة على لسان النبي هارون للمصلين اليهود بحسب التوراة".
وتعرض المسجد الأقصى، خلال الأيام الماضية، لهجوم لقوات الاحتلال واعتداءات استهدفت المصلين والمعتكفين داخل المصلى القبلي، بالأعيرة المطاطية والقنابل الصوتية والغاز، ما أدى لوقوع إصابات، واعتقال المئات، كما تم إبعاد العشرات عن الأقصى، وإلحاق أضرار فادحة بمحتويات المصلى وعيادة الأقصى.
"الأقصى مكان عبادة خالص للمسلمين"
وفي المواقف، شددت محافظة القدس، على أن المسجد الأقصى بكل مساحاته وباطنه وسمائه حق خالص للمسلمين وحدهم، وأن كافة إجراءات الاحتلال في المسجد باطلة ولن يقبل بها الشعب الفلسطيني المرابط والأمتان العربية والإسلامية.
وأضافت المحافظة في بيان صحافي اليوم الأحد، أن جرائم الاحتلال المتتالية بانتهاك حرمة وقدسية المكان والاعتداء على الوضع التاريخي والقانوني للمسجد الأقصى، لن تجدي نفعًا، ولن تستطيع فرض أمر واقع جديد، مهما كلف الأمر من تضحيات.
وأشارت إلى أن اتفاقية الوصاية على القدس والمقدسات هي المرجع والأساس بما فيها الحق الخالص لدائرة الأوقاف الإسلامية بإدارة كافة شؤون المسجد الأقصى المبارك.
وبينت أن دعوة وزارة خارجية إسرائيل للأوقاف الأردنية لإفراغ المسجد الأقصى من المعتكفين هي شكل جديد من أشكال الخداع والتضليل، الذي تمارسه حكومة الاحتلال، وتعدِّ على كل الأعراف والقوانين والحقوق التاريخية في المسجد الأقصى.
الأردن يحذر من تبعات اقتحام الأقصى
وعلى صعيد المواقف الدولية، حذرت وزارة الخارجية الأردنية بشدة "من التبعات الكارثية لاستمرار إسرائيل في خرق الوضع التاريخي والقانوني القائم في المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف، وانتهاكاتها لحرمة الأماكن المقدسة وحق المسلمين في أداء شعائرهم الدينية في هذا الشهر الفضيل".
وحذر الناطق الرسمي باسم الوزارة، السفير سنان المجالي، من أن "قيام قوات الشرطة بانتهاك حرمة المسجد الأقصى المبارك / الحرم القدسي الشريف والاعتداء على المصلين مجددًا في محاولة لتفريغه من المصلين، تمهيدًا لاقتحامات كبيرة للمسجد، سيدفع الأوضاع نحو المزيد من التوتر والعنف الذي سيدفع ثمنه الجميع".
وقال إن "الحكومة الإسرائيلية تتحمل مسؤولية التصعيد في القدس وفي جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة ومسؤولية التدهور الذي سيتفاقم إن لم توقف اقتحاماتها للمسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف وترويعها للمصلين في هذه الأيام المباركة".
حذرت #وزارة_الخارجية_وشؤون_المغتربين، اليوم، من التبعات الكارثية لاستمرار إسرائيل في خرق الوضع التاريخي والقانوني القائم في المسجد #الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف وانتهاكاتها لحرمة الأماكن المقدسة وحق المسلمين في أداء شعائرهم الدينية في هذا الشهر الفضيل. pic.twitter.com/XAZYT95F78
— وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية (@ForeignMinistry) April 8, 2023
وأضاف أن "إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك هي الجهة الوحيدة المخولة بإدارة شؤون الحرم والقادرة على ضمان أمنه إذا ما أوقفت إسرائيل اعتداءاتها على الأقصى، ورفعت القيود التي تفرضها عليها وعلى طاقمها، واحترمت الوضع التاريخي والقانوني القائم في المقدسات وحق المصلين في العبادة".
وأكد الناطق الرسمي الأردني على أن "الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف وعلى المصلين هي التي تفجر العنف وتزيد التوتر"، معتبرًا أن "وقف إسرائيل انتهاكاتها للحرم وللقانون الدولي ولحق الفلسطينيين في تأدية واجباتهم الدينية سيحول دون المزيد من التوتر".
وفي سياق متصل، دعا الأزهر الشريف جموع المسلمين إلى الدفاع عن المسجد الأقصى، والوقوف صفًا واحدًا في الذود عنه.
ودعا الأزهر في بيان صدر عن الشيخ أحمد الطيب، "جموع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها لاستلهام روح النصر والصبر في شهر رمضان الكريم؛ وألا ييأسوا من دفاعهم عن المسجد الأقصى والوقوف صفًا واحدًا في الذود عنه، وفي دفع أذى الماكرين والمتربصين بعيدا عنه وعن ساحته وعن بلاد المسلمين.
وأضاف البيان: "يُذكر الأزهر بأن غزوة بدر الكبرى كانت حدثًا تاريخـيًا فاصلًا، فرق الله عز وجل به بين الحق والباطل، ومكن به للمسلمين ونصرهم على المشركين، رغم قلة عددهم وعتادهم، فكان نصر الله حليفًا لمن آمن به وصبر في شهر رمضان المبارك؛ شهر الفتوحات والانتصارات والخيرات، والبرهنة على أن الصيام لا يعوّق الإرادة القوية لتحقيق ما نسعى إليه في مختلف المجالات".