أعاد شهر مارس/ آذار للاحتلال الاسرائيلي ذكرى ما أطلقوا عليه إسم "مارس الأسود" عام 1996، حين انطلقت عمليات "الثأر المقدس" الفدائية الفلسطينية ردًا على اغتيال أحد قياديي حركة "حماس" يحيى عياش الملقّب بـ"المهندس".
ففي شهر مارس 2022، انشغل الإسرائيليون بإحصاء عدد قتلاهم في العمليات الفدائية في مدن الداخل المحتلّ، من بئر السبع جنوبًا، مرورًا بالخضيرة شمالًا، وصولًا إلى تل أبيب في الوسط.
ولا يخفي الإسرائيليون مخاوفهم المتصاعدة من تنامي هذه الهجمات، التي أدت إلى مقتل 11 اسرائيليًا خلال سبعة أيام، وفي ثلاث مدن فقط، ما جعلها "الأكثر خطورة منذ موجة عمليات الطعن والدهس التي بدأت في خريف 2015 وتوقفت بعد سنة ونصف تقريبًا، وفقًا لصحيفة "هآرتس" العبرية.
ويأتي ذلك، بينما يحتفي الفلسطينيون بذكرى يوم الأرض الـ46، فيما يتواصل النضال الفلسطيني في مقابل تمادي الاحتلال في جرائمه وانتهاكاته.
تفاصيل جديدة عن العملية
ونشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية تفاصيل جديدة عن العملية التي نفذها الشهيد ضياء حمارشة في مدينة "بني براك" قرب "تل أبيب"، وأدت لمقتل خمسة إسرائيليين وإصابة آخرين.
وذكرت الصحيفة أن حمارشة وصل إلى مكان العملية وحده من دون معرفة مسبقة بالمنطقة بمركبة إسرائيلية ذات لوحات تسجيل صفراء، مضيفة أن هناك ترجيحات بأنه تلقى مساعدة في الدخول إلى تل أبيب والحصول على السلاح.
مصدر السلاح وطريقة التنفيذ.. التحقيقات الأولية تكشف تفاصيل عملية #بني_براك 👇#فلسطين pic.twitter.com/cDpmt5Uj6V
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) March 30, 2022
ورأت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن المنفّذين تميّزوا بالجرأة على تنفيذ الهجمات داخل المدن، وتقليد الهجمات السابقة، واستخدام الأسلحة النارية.
قصور أمني واستخباري شديد
من جهته، كتب أليكس فيشمان لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن الهجمات التي وقعت في ذروة التأهب استعدادًا لشهر رمضان، تُظهر أن سنوات الهدوء الطويلة أدت إلى نوع من عدم الاكتراث في أوساط الأجهزة الأمنية الإسرائيلية".
واعتبرت "يديعوت أحرونوت" أن الهجمات الأخيرة هي مؤشر على القصور الأمني والاستخباري الذي ترتكبه حكومة نفتالي بينيت، مؤكدة أن نتائج هذا القصور "مأسوية وفورية" على الإسرائيليين.
واعتبر الصحافي المختص بالشأن الإسرائيلي أنس أبو عرقوب أنّ عملية بني براك شكّلت مفاجأة كبيرة لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، بدءًا من جهاز المخابرات الشابك وأيضًا جهاز الاستخبارات العسكرية إضافة إلى شرطة الاحتلال، والتي فشلت في توقع هذه العملية وفي إحباطها، وأيضًا في التعاطي معها بسرعة أثناء عملية التنفيذ.
وأشار أبو عرقوب في حديث إلى "العربي"، من رام الله، إلى أن هذا الأمر انعكس على شكل حالة ذهول داخل المجتمع الإسرائيلي غذّتها تصريحات السياسيين التحريضية، بدءًا من رأس الهرم في إسرائيل رئيس الحكومة نفتالي بينيت الذي تحدّث عن موجة عمليات ينفذها العرب تستهدف إسرائيل.
من جهته، توقّع مدير مركز المسارات نهاد أبو غوش، في حديث إلى "العربي"، أن يشهد شهر رمضان المزيد من المواجهات والاحتقانات، في ظل السياسة الإسرائيلية التي تهمل تمامًا كل ما يتعلق بالشأن الفلسطيني سياسيًا، وتتصرف وكأنّ الفلسطينيين غير موجودين، وأقصى ما يمكن أن تقدّمه هو ما تسمّيه "تسهيلات وتنسيق أمني" مع السلطة الفلسطينية.
"فوبيا" إسرائيلية
وأفاد مراسل "العربي" عن استنفار وتأهّب إسرائيلي غير مسبوقَين، وربما "فوبيا" من العمليات الأمنية.
بينما أشارت صحيفة "معاريف" إلى أن "التوتر الكبير يلاحظ بوضوح في الشوارع، إذ بدت شبه فارغة على غير عادتها، وبدأت الشرطة بزيادة تواجدها لمنح الأمن للإسرائيليين".
وأضافت أن شرطة الاحتلال تلقت عشرات الاتصالات الهاتفية منذ الصباح للإبلاغ عن "مشبوهين".
من جهتها، أكدت صحيفة "هآرتس" أن هذه الهجمات هي "الامتحان الأكبر" لبينيت الذي يواجه ردود فعل غاضبة تقترب أحيانًا من التحريض ضده، بينما يواجه تحالفًا يكاد يكون من المستحيل فيه اتخاذ قرارات دراماتيكية من دون تفكيكه.
ودفعت عملية إطلاق النار في تل أبيب، جيش الاحتلال الإسرائيلي لرفع حالة التأهب، ونشر تعزيزات إضافية في الضفة الغربية المحتلة وعلى حدود قطاع غزة،
كما أوعز رئيس أركان جيش الاحتلال أفيف كوخافي بالانتقال إلى حالة تأهب مرتفعة والاستعداد لسيناريوهات تصعيد مختلفة.