الأربعاء 20 نوفمبر / November 2024

عواقب وخيمة.. موجات حر تهدد الحياة البحرية في دول المتوسط

عواقب وخيمة.. موجات حر تهدد الحياة البحرية في دول المتوسط

شارك القصة

تقرير (مايو الماضي) عن "البوسيدونيا" التي تعتبر رئة المتوسط والتي تواجه خطر الانقراض (الصورة: أسوشييتد برس)
حذّر علماء مناخ من عواقب وخيمة على الحياة البحرية في البحر الأبيض المتوسط، نتيجة سلسلة من موجات الحر الشديدة التي تضرب أغلب محيطات العالم.

حذّر علماء مناخ من عواقب وخيمة على الحياة البحرية في البحر الأبيض المتوسط، نتيجة سلسلة من موجات الحر الشديدة التي تضرب أغلب محيطات العالم.

وسجّل العلماء ارتفاعات استثنائية في درجات الحرارة تتراوح من 3 إلى 5 درجات مئوية أعلى من المعدل الطبيعي لهذا الوقت من العام.  كما تجاوزت درجات حرارة الماء بانتظام 30 درجة مئوية في بعض الأيام.

وذكرت وكالة "أسوشييتد برس" أن موجات الحرارة البحرية أطول وأكثر تواترًا وشدة "بسبب تغيّر المناخ الذي يسبّبه الإنسان".

نفوق هائل للأنواع البحرية

وقال يواكيم غارابو، الباحث في معهد علوم البحار في برشلونة، إن الوضع "مقلق للغاية"، مضيفًا: "نحن ندفع النظام الطبيعي بعيدًا جدًا، وعلينا اتخاذ إجراءات بشأن قضايا المناخ في أقرب وقت ممكن".

وغارابو هو واحد من فريق من العلماء، نشر مؤخرًا دراسة عن موجات الحر في البحر الأبيض المتوسط بين عامي 2015 و2019.

حوالي 8% من مساحة البحر الأبيض المتوسط محمية حاليًا
حوالي 8% من مساحة البحر الأبيض المتوسط محمية حاليًا- غيتي

ووجدت الدراسة التي نُشرت في مجلة "غلوبال تشانج بايولوجي"، أن هذه الظواهر أدت إلى "نفوق هائل" للأنواع البحرية، وأن حوالي 50 نوعًا من الحياة البحرية، بما في ذلك الشعاب المرجانية والأعشاب البحرية، على طول آلاف الكيلومترات من سواحل البحر الأبيض المتوسط، تأثروا بها.

كما حذّرت من أن الوضع في شرق حوض البحر الأبيض المتوسط مريع بشكل خاص.

"حافة الهاوية"

وأشار الباحثون إلى أن المياه قبالة فلسطين المحتلة وقبرص ولبنان وسوريا هي "النقطة الأكثر سخونة" في البحر الأبيض المتوسط.

وحذروا من أن ارتفاع درجة حرارة البحار يدفع العديد من الكائنات إلى حافة الهاوية، "لأنه يتم تجاوز درجة الحرارة المثلى في كل صيف" حيث يرتفع متوسط درجات حرارة البحر في الصيف باستمرار عن 31 درجة مئوية.

وفيما يتعلّق بفقدان التنوّع البيولوجي، توقّع فريق البحث أن يشهد غرب المتوسط باتجاه اليونان وإيطاليا وإسبانيا في السنوات المقبلة، المصير ذاته على غرار شرق المتوسط.

وقال غارابو: إن البحار تخدم الأرض من خلال امتصاص 90% من الحرارة الزائدة، و30% من ثاني أكسيد الكربون المنبعث في الغلاف الجوي عن طريق إنتاج الفحم والنفط والغاز.

ويحمي تأثير امتصاص الكربون هذا الكوكب من تأثيرات مناخية أكثر قسوة. وأوضح غارابو أن هذا كان ممكنًا لأن المحيطات والبحار كانت في حالة جيدة، "لكننا الآن دفعنا المحيط إلى حالة مختلة وظيفيًا".

فرصة للتعافي

وفي حين أن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على الأرض يجب أن تنخفض بشكل كبير إذا أراد العالم الحد من ارتفاع درجة حرارة البحر، يبحث علماء المحيطات، على وجه التحديد، عن سلطات لضمان حماية 30% من المناطق البحرية من الأنشطة البشرية مثل صيد الأسماك، مما يمنح الأنواع فرصة للتعافي ثم التكاثر.

نبتة "البوسيدونيا" معرّضة للانقراض
نبتة "البوسيدونيا" معرّضة للانقراض- غيتي

وهناك حوالي 8% من مساحة البحر الأبيض المتوسط محمية حاليًا.

وقال الباحثون: إن صانعي السياسة لا يدركون تداعيات ارتفاع درجة حرارة البحر الأبيض المتوسط.

وتحدث موجات الحر عندما يستمرّ الطقس الحار بشكل خاص على مدى عدد محدد من الأيام، من دون هطول أمطار أو رياح قليلة. وتساعد موجات حرارة الأرض في إحداث موجات حرارية بحرية ويميل الاثنان إلى "تغذية" بعضهما البعض في دائرة دافئة.

وحذّر العلماء من أن موجات الحرارة البحرية قد يكون لها أيضًا عواقب وخيمة على البلدان المطلة على البحر الأبيض المتوسط، وأكثر من 500 مليون شخص يعيشون هناك. وإذا لم يتم التعامل معها قريبًا، سوف يتم استنفاد مخزون الأسماك وستتأثر السياحة سلبًا، حيث يمكن أن تصبح العواصف المدمرة أكثر شيوعًا على الأرض.

الخزانات الرئيسية للتنوّع

وعلى الرغم من أنه يمثّل أقل من 1% من مساحة سطح المحيط العالمية، إلا أن البحر الأبيض المتوسط هو أحد الخزانات الرئيسية للتنوع البيولوجي البحري، حيث يحتوي على ما بين 4% و 18% من الأنواع البحرية المعروفة في العالم.

وتعدّ بعض الأنواع الأكثر تضررًا أساسية للحفاظ على عمل وتنوع موائل البحر. وستكون الأنواع مثل نباتات "البوسيدونيا" (Posidonia oceanica)، التي يمكن أن تمتص كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون وتأوي الحياة البحرية، أو الشعاب المرجانية، والتي هي أيضًا موطن للحياة البرية، في خطر.

وأوضح غارابو أن الفريق لاحظ نفوق هذه الأنواع بين السطح وعلى عمق 45 مترًا (حوالي 150 قدمًا)، حيث كانت موجات الحرارة البحرية المسجّلة استثنائية. وأثرت موجات الحر على أكثر من 90% من سطح البحر الأبيض المتوسط.

وأشارت الدراسة إلى أن المناطق المتضرّرة قد نمت أيضًا منذ الثمانينيات، وتغطي الآن معظم منطقة البحر الأبيض المتوسط.

وقال غارابو: إن "السؤال يتمحور حول ما إذا واصلنا السير في هذا الاتجاه، فربما لن يكون لمجتمعنا البشري مكان للعيش فيه".

تابع القراءة
المصادر:
العربي - ترجمات
تغطية خاصة