شهد وسط العاصمة اللبنانية بيروت أمس الأربعاء، تظاهرات على تدهور الأوضاع الاقتصادية وتدنّي قيمة الأجور وانهيار الليرة، شارك فيها مئات اللبنانيين غالبيتهم من العسكريين المتقاعدين، الذين حاولوا اختراق السياج المؤدي إلى مقر الحكومة، قبل أن تصدّهم القوى الأمنية بإطلاق قنابل الغاز المسيّل للدموع.
وأفضت المواجهات بين قوى الأمن والعسكريين المتقاعدين إلى الجلوس على طاولة المفاوضات مع الحكومة، حيث توجّه وفد من هؤلاء والتقى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، على أن تُبحث ملفاتهم الأسبوع المقبل خلال اجتماع الحكومة.
لبنان.. مواجهات بين القوات الأمنية ومحتجين بسبب تردي الوضع الاقتصادي وتدني قيمة الليرة#العربي_اليوم تقرير: جويس الحاج خوري pic.twitter.com/w7EQl8FMAv
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) March 22, 2023
وأعطى المحتجون مهلة أيام فقط للحكومة قبل استئناف الاحتجاجات الإثنين المقبل، في حال لم يصدر عن اجتماع مجلس الوزراء قرارات تصب في صالح المتظاهرين.
الحكومة "لا تمتلك الكثير"
ويعتبر أستاذ الاقتصاد في الجامعة اللبنانية، جاسم عجاقة، أن ميقاتي "لا يمتلك الكثير" ليقدّمه للعسكريين ومجمل موظفي القطاع العام، وهو يحاول استيعاب الغضب الشعبي فقط، لأن هامش تحرّك الحكومة لا يتعدى زيادة الأجور لكن المشكلة أنّ لا مداخيل إضافية لهذه الزيادة، وبالتالي فإن مصرف لبنان يعمد إلى طبع العملة لتمويل زيادة الأجور.
ويضيف عجاقة في حديث إلى "العربي" من بيروت أنه قد يتم رفع الدولار الجمركي من 45 ألف ليرة إلى 90 ألف (وهو سعر منصة صيرفة)، لتحقيق التمويل من المداخيل الجمركية. لكنه يتوقّع كذلك ارتفاع عمليات التهريب عبر الجمارك وهو ما يعني عدم فعالية هذا القرار، موضحًا أنّه لن تتحقّق أرقام المداخيل التي تضعها الحكومة فعليًا على الأرض.
ويؤكد عجاقة أن عنف الأزمة في لبنان يُقاس بواسطة سعر الدولار في السوق السوداء، متحدثًا عن وجود تطبيقات من الخارج غير معروفة المصدر، تتحكّم بسعر الصرف، في خرق فاضح للسيادة الوطنية، ولافتًا إلى أنّ المطلوب من مصرف لبنان التدخّل بشكل دائم للجم ارتفاع أسعار الصرف.
ويشدّد على ضرورة السيطرة على الكتلة النقدية بالدولار الأميركي الموجودة في لبنان، والتي يتم تهريبها خارج البلاد، من خلال البضائع التي تهرّب عبر الحدود، حيث يستورد التاجر البضائع على أساس أنها للسوق اللبناني لكنها تُرسل إلى دول إقليمية أخرى ويتم قبض ثمنها في مصارف خارج لبنان أو يتم تحويل ثمن البضائع التي يبيعونها في لبنان إلى حساباتهم الخارجية، مشيرًا إلى أن هذه السيطرة هي "ممر إلزامي للتخفيف من وطأة الأزمة".