أخفق البرلمان اللبناني اليوم الخميس للمرة الثامنة في انتخاب رئيس للجمهورية بعد تعذّر حصول أي مرشح على ثلثَي أصوات النواب، ليرحّل الاستحقاق إلى موعد جديد الأسبوع المقبل.
يأتي ذلك رغم شغور المنصب منذ شهر عقب انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون، جرّاء انقسامات سياسية عميقة في خضم انهيار اقتصادي متسارع تعجز السلطات عن احتوائه.
أوراق بيضاء وأصوات لمعوّض
وحصل النائب ميشال معوّض – مرشح الأحزاب التي كانت منضوية في إطار تحالف ما كان يُعرف بالرابع عشر من آذار - على 37 صوتًا، في حين صوّت 52 نائبًا بورقة بيضاء، وتوزّعت بقية الأصوات على عدد من الشخصيات اللبنانية. كما حملت بعض الأوراق عبارات "لأجل لبنان".
ويحتاج المرشّح في الدورة الأولى من التصويت إلى غالبية الثلثين أي 86 صوتًا للفوز. وتصبح الغالبية المطلوبة، إذا جرت دورة ثانية، 65 صوتًا من 128 هو عدد أعضاء البرلمان.
وعلى غرار كل أسبوع، انعقدت الدورة الأولى بحضور أكثرية الثلثين، قبل أن ينسحب نواب ليطيحوا بالنصاب في الدورة الثانية. وقد حدّد رئيس البرلمان موعدًا لجلسة جديدة الخميس المقبل.
وتتهم كتل برلمانية نواب جماعة "حزب الله" وحلفائها بتعطيل انتخاب الرئيس عبر التصويت بأوراق بيضاء في الدورة الأولى، ثم الانسحاب كي لا يكتمل نصاب الدورة الثانية.
انتقاد تكرار السيناريو ذاته
وانتقد النائب عن حزب القوات اللبنانية أنطوان حبشي في مستهل الجلسة تكرار السيناريو ذاته في كل جلسة انتخاب، ما "يضع مجلس النواب خارج دوره".
وطالب حبشي رئيس البرلمان نبيه بري بـ"دعوة رؤساء الكتل والنواب لممارسة واجباتهم، وأن نبقى داخل البرلمان لنطبق الدستور".
في مشهد مكرر.. مجلس النواب اللبناني يخفق للمرة السادسة في انتخاب رئيس للجمهورية تقرير: محمد شبارو#لبنان pic.twitter.com/S0Mhegrstn
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) November 17, 2022
وكانت قد عُقدت جلسات برلمانية سابقة لانتخاب رئيس للبلاد لكنها فشلت في ذلك، في 29 سبتمبر/ أيلول، و20 و24 أكتوبر/ تشرين الأول، و3 و10 و17 و24 نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الجاري.
نظام تسويات ومحاصصة
وعادة ما يؤخّر نظام التسويات والمحاصصة القائم بين القوى السياسية والطائفية القرارات الهامة، وبينها تشكيل الحكومة أو انتخاب رئيس.
ويؤشر فشل البرلمان في انتخاب رئيس حتى الآن، إلى أن العملية الانتخابية قد تستغرق وقتًا طويلًا، في بلد نادرًا ما تُحترم فيه المهل الدستورية.
ويتزامن الفراغ الرئاسي مع وجود حكومة تصريف أعمال عاجزة عن اتخاذ قرارات ضرورية، وفي وقت يشهد لبنان منذ 2019 انهيارًا اقتصاديًا صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850.
ورجّح البنك الدولي أن "يؤدي الفراغ السياسي غير المسبوق إلى زيادة تأخير التوصل لأي اتفاق بشأن حل الأزمة وإقرار الإصلاحات الضرورية، مما يعمّق محنة الشعب اللبناني".
ونبّه في تقرير نشره الأسبوع الماضي، إلى أنّ "الانكماش في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي الذي شهده لبنان منذ عام 2018 والبالغ 37.3%، وهو يُعد من بين أسوأ معدلات الانكماش التي شهدها العالم، قد قضى على ما تحقّق من نمو اقتصادي على مدار 15 عامًا، بل ويقوّض قدرة الاقتصاد على التعافي".