الجمعة 15 نوفمبر / November 2024

في ظل أزمة إنسانية.. كيف يبدو المشهد السوري بين الواقع والمأمول؟

في ظل أزمة إنسانية.. كيف يبدو المشهد السوري بين الواقع والمأمول؟

شارك القصة

يناقش "للخبر بقية" مخرجات مؤتمر المانحين لدعم سوريا في بروكسل (الصورة: غيتي)
تجاوزت المساعدات التي أعلن عنها المانحون في مؤتمر بروكسل أكثر من 6 مليارات دولار وسط تساؤلات عن وفاء الدول المانحة بتعهداتها وعدالة توزيع المساعدات.

يجتمع المانحون في العاصمة البلجيكية بروكسل بهدف جمع التبرعات الدولية لدعم اللاجئين والنازحين السوريين والمجتمعات المضيفة في دول الجوار السوري، في غياب لرعاية الأمم المتحدة وحضور الولايات المتحدة الأميركية والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ودول أخرى، فيما مُنعت روسيا من الحضور بسبب الحدث الأوكراني. 

وتجاوزت هذه المساعدات التي أعلن عنها أكثر من 6 مليارات دولار، حيث أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم 900 مليون دولار. كما تعهدت هنغاريا بتقديم منح دراسية بقيمة تسعة ملايين دولار، فيما تعهّدت قطر بتقديم 50 مليون دولار.

وجددت المفوضية الأوروبية تأكيدها على رفض التطبيع مع السلطة السورية أو الدخول في عمليات إعادة الإعمار إلى حين قبول النظام بإصلاحات سياسية فعلية وعودة آمنة للاجئين السوريين.

ويأتي هذا المسار من المساعدات في وقت أطلقت فيه الأمم المتحدة تحذيرًا عالميًا يدعو لتقديم مساعدات إنسانية عاجلة لتغطية احتياجات أكثر من تسعة ملايين طفل سوري.

عوائق تقنية

وحول هذا الموضوع، يتساءل مدير منظمة الخوذ البيضاء رائد الصالح عن مدى التزام المانحين في مؤتمر بروكسل بتعهداتهم. ويشير في حديث إلى "العربي" من إسطنبول إلى أن المانحين لم يفوا بتعهداتهم في السنوات السابقة، حيث تصل نسبة الأموال التي يتم دفعها إلى 50% أو 60% من قيمة المساعدات التي تعلن في مؤتمر المانحين.

ويلفت الصالح إلى وجود مشكلة أخرى تتمثل في آلية توزيع هذه المساعدات الإنسانية في سوريا، حيث "تقر خطة الاستجابة الإنسانية عن طريق مكاتب الأمم المتحدة الموجودة في دمشق والتي تتدخل فيها أجهزة النظام السوري، ما يؤدي لتوزيع المساعدات خلافًا للحاجة".

ويدعو الصالح لدعم آلية واضحة وشفافة تؤمن وصول المساعدات للسوريين بغض النظر عن انتماءاتهم والمناطق التي يتواجدون فيها.

كما يشير إلى أن "النظام السوري نفسه لديه آليات لسرقة هذه المساعدات حيث يعتمد سعر صرف منخفض للدولار مقابل الليرة السورية (2500 ليرة) في المصرف المركزي، وهو السعر التي تصرف على أساسه المساعدات في دمشق، في حين أن سعر الصرف في السوق حول 4 آلاف ليرة سوري".

تراجع الملف السوري في الأجندة الدولية

من جهته، يلفت مروان قبلان من المركز "العربي" للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة إلى تعب المانحين من الأزمة السورية التي طال أمدها ما ينعكس على حجم التبرعات، مشيرًا إلى أن هذه التعهدات لا تعني وصول المبالغ المتعهد بها كاملة، انطلاقًا من تجارب سابقة.

ويعتبر قبلان أن سوريا كانت لسنوات عديدة ولاسيما بين عامي 2014 و2016 بسبب أزمة اللجوء، مركزية في التفكير الأوروبي، لكن موقعها تراجع كثيرًا الآن بسبب الأزمة الأوكرانية الإنسانية المستجدة.

ويقول في حديث إلى "العربي" من الدوحة: "بالنسبة لأوروبا أوكرانيا هي أقرب وحجم الأوكرانيين اللاجئين كبير بالنسبة لأوروبا".

كما يلفت إلى تراجع الملف السوري عن الأجندة الدولية، مشيرًا إلى تراجع أهميته أمنيًا، حيث شكل موضوع تنظيم الدولة محل اهتمام في الفترة السابقة.

ويشير قبلان إلى تاريخ مهم ينتظر السورين في 10 يوليو/ تموز المقبل عندما ينتهي مفعول القرار 2585 الذي نص على آلية تقديم المساعدات عبر الحدود في سوريا، حيث "من المتوقع أن تلقي الأزمة الروسية بظلالها على هذا الموضوع، ومن المتوقع أيضًا أن ترفض روسيا تمديد هذا القرار".

أولوية الحل السياسي

بدوره، يعتبر الكاتب الصحافي مصطفى طوسة أن دول الاتحاد الأوروبي تخلّت عن مقاربة وثقافة تغيير النظام في سوريا و"هي الآن تريد أن تفرض حلًا سياسيًا بالتفاهم بين النظام ومختلف مكونات المعارضة الداخلية أو الخارجية، بما يسمح بعودة اللاجئين إلى بلاهم بأمان، لكن هذه الشروط الأوروبية لم تستوفَ من طرف النظام السوري بعد".

ويلفت طوسة في حديثه إلى "العربي" من باريس، إلى أن "النظام السوري استقوى بانتصار الدولة في الحرب على تنظيم الدولة وبالدعم الإيراني والروسي، ولم يقدم تنازلات لكي تفتح الدول الأوروبية حوارًا سياسيًا وإستراتيجيًا بناء معه يسمح بالانتقال من تقديم مساعدات إلى تمويل إعادة إعمار حقيقية".

لكن طوسة يرى أيضَا أنه "يجب قراءة تطورات الأحداث في سوريا وعلاقتها مع الاتحاد الأوروبي في إطار عملية كسر العظام بين الولايات المتحدة وأوروبا والنظام الروسي الداعم لرئيس النظام بشار الأسد".

ويربط طوسة مصير الاهتمام الدولي بالأزمة السورية بعنصرين أساسيين، "الأول هو مخرجات الحوار الإيراني الأميركي والثاني هو وضع روسيا بعد انتهاء الحرب في أوكرانيا ومدى بقائها عنصرًا قويًا يمكن أن يؤثر في المعادلات الإقليمية".

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close