يكرر رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو منذ بداية الحرب على قطاع غزة أن جيش الاحتلال هو "الجيش الأكثر أخلاقية في العالم"، وفق زعمه.
لكن الأرقام والتقارير الصحافية والدراسات عن انتهاكات الاحتلال الواضحة تُكذب هذه المقولة بشكل واضح جدًا. فأعداد الشهداء الآن تقترب من 40 ألفًا منهم نحو 8 آلاف طفل. بينما تدعي قوات الاحتلال أنها تستهدف المسلحين فقط.
وتشير تقديرات مجلة "لانسيت" الطبية البريطانية إلى أن أعداد الضحايا من سكان غزة قد تصل إلى 186 ألف قتيل قتلوا إما بشكل مباشر، وإما بالجوع أو بالأمراض والأوبئة.
لكن تقريرًا صحفيًا واحدًا الآن بالتحديد يمكن الاعتماد عليه في مناقشة مقولة نتنياهو نُشر في موقع عبري.
ويعتمد التقرير على شهادات جنود شاركوا في الحرب داخل قطاع غزة وارتكبوا انتهاكات يسهل تصنيفها على أنها جرائم حرب.
إطلاق النار على أي شيء
ونشر موقع "ميكومت" الإسرائيلي تقريرا أمس معتمدًا على شهادات ستة جنود، وعنون التقرير بهذا العنوان: "شهادات الجنود: أطلقنا النار بشكل عشوائي، وأحرقنا المنازل، وتركنا الجثث في الشارع".
واتفق الجنود الستة في شهاداتهم على أنه لم تكن هناك منذ بداية الحرب وحتى خروج آخر واحد منهم من القطاع قبل أسبوعين تقريبًا، لم تكن هناك أي سياسة منظمة لإطلاق النار. يعني ذلك باختصار أن كل جندي يطلق النار كما يحلو له.
هذا بالفعل ما أكدته شهادة جنود آخرين، إذ يقول أحدهم: "كان إطلاق النار بالنسبة لنا أقرب خيار، فيجوز إطلاقه على الجميع وفي مركز الجسم بمجرد الشعور بالتهديد، فلا داعي للشرح، سواء أكان المستهدف رجلًا أو امرأة أو طفلًا أو أي شيء".
أما زميله فيقول: "كنت أتعمد إطلاق النار طوال الوقت لكي يعرف الجميع أننا هنا بغض النظر عما إذا كان ذلك يتسبب في ضرر لأحد أو لا".
ترك الجثث في الشوارع
ويؤكد زميلهم الثالث ما قالوه مستشهدًا بما حدث مع الأسرى الإسرائيليين الثلاثة الذين قتلهم جنود الاحتلال رغم رفعهم الراية البيضاء، وقال إنه لم يعرف بالحادثة سوى بعد أسبوعين حين غادر القطاع وتوقع بعد ذلك أن تعمم قيادة جيش الاحتلال على الجنود قواعد واضحة لإطلاق النار، لكن ذلك لم يحدث، حسب روايته.
ويبدو أن القتل العشوائي هو أكبر الانتهاكات، وعلى الرغم من ذلك فإن الانتهاكات لم تنته عنده، فجندي ثالث يروي كيف أنهم كانوا يتعمدون ترك الجثث التي يستهدفونها في شوارع القطاع لنشر الرعب، مع حرصهم على إزالة آثار تلك الجثث من شوارع القطاع قبل وصول القوافل الإنسانية.
يوفال غرين هو الجندي الوحيد الذي أفصح عن هويته من الجنود الذين اعتمد التقرير على شهادتهم، ويروي شكلًا آخر من أشكال الجرائم متعلقًا بحرق المنازل التي يعتبرها هو نفسه هدفًا غير مشروع، لكنه هدف عملياتي متعلق برغبتهم في تشريد سكان القطاع، إذ يقول: "كنت أدرك جيدًا أن كثيرًا من المنازل التي دخلناها ليست مقرات لحماس، لكن حرق المنزل وتدميره يساوي تشريد عائلتين أو ثلاث، وهذا هدف عملياتي".
وقد ظهر شعور الصدمة من هذا التقرير على كثير من تعليقات رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
فتقول إيمان وحيد: "لماذا لا يرى العالم ما يحدث؟. لماذا لا يحاكم أحد؟ تلك الشهادات كافية ليدرك العالم أنه أمام بعض المرضى الأشد خطورة مجرمي حرب من الدرجة الأولى. حتى أشرس الحيوانات لديه رحمة، أما هم فقد نزعت عقولهم وقلوبهم ولم يعد لديهم سوى نزعة سادية بغيضة".
ويقول الصحافي سالم أبو الفضل: "هذا التقرير وثيقة مهمة جدًا ويجب أن ينتبه له سريعًا القانونيون المعنيون بمقاضاة إسرائيل أمام المحاكم الدولية حتى لا تفلت من العقاب قبل أن تفرض الرقابة العسكرية حظرًا عليه وتحاكم ذلك الجندي الذي أفصح عن هويته".
بينما تقول إيمان الطويل: "لا أعرف كيف يمكن إكمال حياتنا في هذا الحرب حتى بعد أن تنتهي الحرب. ما كل هذه البشاعة؟".