Skip to main content

قدرات نووية عابرة للقارات.. هل تستطيع كوريا الشمالية تدمير الأرض؟

الإثنين 2 سبتمبر 2024
على مدى العقود الثلاثة الماضية، أجرت كوريا الشمالية تجارب واختبارات مختلفة أرعبت العالم

في مطلع التسعينيات، وفي خضمّ توتر ضخم بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة، جمع زعيم البلاد آنذاك كيم آل سونغ ضباطه العسكريين، وسألهم: "الأوغاد الأميركيون على وشك بدء حرب ضدنا. هل سنتمكن من هزيمتهم؟".

من دون تردّد، أجاب الجنرالات: "نعم، يمكننا الفوز. متى خسرنا حربًا من قبل؟ كيف يمكننا الخسارة ولدينا قائد من الفولاذ مثلك؟".

لم يَبْدُ على وجه كيم إل سونغ الرضا، ليباغتهم بسؤال لم يتوقّعوه: "جميل. هذا جيّد جدًا. لكن ماذا لو خسرنا؟ ما الذي سنفعله؟".

عمّ الصمت بين الضباط بالتأكيد، فالكلّ يحاول الحفاظ على رقبته، لكنّ شخصًا واحدًا استطاع الرد، وكان كيم جونغ إيل، نجل إل سونغ، ووالد الزعيم الحالي كيم جونغ أون، حيث قال: "إذا خسرنا، فسأحرص على تدمير الأرض"، مردفًا: "ما قيمة الأرض من دون كوريا الشمالية؟".

لعلّ هذه العبارة بالتحديد، التي خُلّدت فيما بعد على لافتة كبيرة، وعُلّقت في أهم معرض لإنجازات البلاد في مجالات الصناعة والتكنولوجيا والهندسة، أرّخت للحظة فارقة في تاريخ كوريا الشمالية.

تشمل ترسانة بيونغيانع النووية صواريخ بالستية وقدرات نووية عابرة للقارات وقوة مدمرة

لكن، أبعد من هذه العبارة، ترسانة عسكرية راكمتها كوريا الشمالية على مرّ السنين، تشمل صواريخ بالستية وقدرات نووية عابرة للقارات وقوة مدمرة، ليبقى السؤال الأزلي الأكبر: هل حقًا تستطيع كوريا الشمالية تدمير الأرض، وما السرّ الذي تخبّئه؟

الموت قادم.. صاروخ عابر للقارات

في صباح أحد أيام شهر أبريل/ نيسان 2023، وقبل أن تحلّ الساعة السابعة والنصف صباحًا، استيقظ ملايين اليابانيين في جزيرة هوكايدو على صوت أرعبهم ولم يسمعوا مثله منذ وقت طويل.

لقد كان إنذارًا يأمرهم بالإخلاء فورًا، والتوجّه إلى الملاجئ، فقد كان فوق رؤوسهم خطر يحدق بهم، عبارة عن صاروخ بالستي أطلقته كوريا الشمالية.

حينها، ظنّ اليابانيون أنّ الموت قادم بلا محالة، إلا أنّ الصاروخ سقط فيما يُعرَف ببحر اليابان، لتسحب الحكومة إنذار الطوارئ، وتصبّ جام غضبها على حكومة بيونغيانغ.

في ذلك اليوم، أعلنت كوريا الشمالية أنّها قادرة على نشر قدراتها الصاروخية في أي مكان، والأهمّ من ذلك، أنها قادرة على الردع الحربي بامتياز.

وخير دليل على ذلك أنّها استخدمت صاروخًا استطاع عبور مسافة بلغت نحو ألف كيلومتر، وعرف لاحقًا بأنه صاروخ بالستي عابر للقارات يعمل بالوقود الصلب، وهو نوع من الصواريخ التي يمكن إطلاق بسرعة أكبر وتحريكها بسهولة أكثر، مقارنة بالصواريخ طويلة المدى، التي تعمل بالوقود السائل.

تجارب واختبارات "أرعبت" العالم

لم تكن تلك التجربة مفاجئة على الإطلاق، فعلى مدى العقود الثلاثة الماضية، أجرت كوريا الشمالية تجارب واختبارات مختلفة أرعبت العالم، أكثر من 234 منها أجريت فقط في عهد الزعيم الحالي، كيم جونغ أون، لصواريخ بالستية، ومنها نحو 13 تجربة، لصواريخ عابرة للقارات، ومعظمها قادرة على حمل رأس حربي نووي كبير.

لكن التجربة التي أفزعت اليابانيين كانت ربما الأخطر على الإطلاق، فكيم جونغ أون أثبت قدرته على تصنيع صواريخ، أكبر، وأخطر وأكثر رعبًا، بل إنها قادرة على الوصول إلى الولايات المتحدة وضرب أبعد نقطة فيها.

أكثر من ذلك، يؤكد تطوير بيونغيانغ صواريخ تعمل بالوقود الصلب رغبتها في القدرة على نشر الصواريخ بسرعة، فالوقود الصلب عبارة عن خليط من الوقود ومؤكسد يصب في شكل صلب، قادر على الاحتراق بسرعة عند إشعاله، وينتج قوة دفع كبيرة، وهو أكثر أمانا في التشغيل، ما يجعله أصعب في الاكتشاف، وأكثر قابلية للبقاء، مقارنة بالصواريخ التي تعمل بالوقود السائل، بمدى يصل إلى 15 ألف كيلومتر، وبسرعة قصوى، تبلغ 9190 مترا في الثانية، أي نحو 27 ضعفًا لسرعة الصوت.

ويستطيع الصاروخ البالستي هواسونغ- 18، الوصول إلى البر الرئيسي للولايات المتحدة خلال نحو 33 دقيقة فقط، إذا لم تعترضه الدفاعات الأميركية وتسقطه قبل أن يصل إليها.

مجموعة "هواسونغ" المرعبة

يأتي الصاروخ البالستي هواسونغ- 18 بعد تطوير كوكبة من الصواريخ العابرة للقارات، بينها هواسونغ-17، المعروف بالصاروخ الوحش، والذي يُعَدّ من أكبر الصواريخ المسلحة نوويًا التي تمتلكها كوريا الشمالية، كما أنه أكبر صاروخ بالستي عابر للقارات، متنقل على الطرق، يعمل بالوقود السائل في العالم.

أما هواسونغ- 15 فكانت بيونغيانغ قد اختبرته ردا على تدريبات عسكرية أجرتها الولايات المتحدة مع الجارة كوريا الجنوبية، وفي أثناء الاختبار، حلق الصاروخ على مسافة أعلى بعشر مرات من مدار محطة الفضاء الدولية (البالغ 4475 كيلومترا)، قبل أن يهبط في البحر قبالة سواحل اليابان.

ويمكن أن يصل هواسونغ- 15، إذا أطلق على مسار مسطح، إلى أي مكان في البر الرئيسي للولايات المتحدة، وقدّر خبراء الأسلحة النووية أن استخدامه في ضربة لمدينة نيويورك قد يتسبب في مقتل نحو 900 ألف شخص و إصابة أكثر من مليون ونصف مليون آخرين.

أما الصاروخ الأخير في هذه المجموعة المرعبة فهو هواسونغ- 14 الذي استطاعت بيونغيانغ الإعلان من خلاله عام 2017، عن وصولها إلى مرحلة الصواريخ العابرة للقارات بالفعل.

حينها، لم تعترف واشنطن وموسكو بخطورة الحدث، واكتفتا بوصفه بأنه مجرد صاروخ متوسط المدى، ولا يشكل تهديدًا لهما، لكنهما لم تتوقعا أن تعمل كوريا الشمالية على زيادة التصنيع والاختبار، حتى وصلنا إلى هنا.

ترسانة بيونغيانغ النووية

ليس هذا كلّ شيء، فثمّة ما هو أخطر، فالدولة المعزولة والخاضعة منذ عقود لعقوبات دولية مشددة، وتترنح اقتصاديًا بسبب عزلة تقيد الاستفادة من صادراتها، قد تكون قادرة الآن على تركيب رؤوس نووية على صواريخها العابرة للقارات.

وعلى الرغم من تشكيك كثيرين بهذه القدرة مع استمرار تكتم بيونغيانع على تلك المعلومات، إلا أنّه لا يمكن إخفاء ترسانة بيونغيانغ النووية التي قدر مسؤولو المخابرات الأميركية أن فيها من المواد الانشطارية ما تصل قوته إلى قوة ستين سلاحا.

وبحسب التقديرات، فإنّ بيونغيانع تنتج كل عام ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع 12 سلاحًا إضافيًا، وهو معدل قد يكسب البلاد ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع أكثر من 100 سلاح نووي، بينما أشارت أحدث التقارير إلى أن مخزون بيونغ يانغ من الأسلحة النووية، قد يصل إلى 200 سلاح نووي بحلول عام 2027.

فماذا لو استخدمت بيونغيانغ فعلاً ترسانتها النووية؟ وماذا لو أطلقت عدّة صواريخ في وقت واحد؟ الزميل حسن هاشم يتخيّل السيناريو، ويقدّم محاكاة افتراضية له، في الحلقة المرفقة من "ترسانة"، ضمن إنتاجات "العربي تيوب".
المصادر:
العربي تيوب
شارك القصة