عاد التوتر الجزائري المغربي إلى الواجهة، بعيد اتهام الجزائر للرباط بـ"اغتيال" 3 مواطنين بقصف شاحنتهم أثناء تنقلهم على المحور الرابط بين نواكشوط وورقلة.
وكانت الجزائر قررت في أغسطس/ آب الماضي قطع علاقتها مع الرباط، بسبب ما وصفته حينها بـ"الممارسات العدائية"، وهو ما رفضته المغرب.
حلقة من سلسلة مواجهات
وأكدت الرواية الرسمية الجزائرية وقوع الحادث في منطقة حدودية بين إقليم الصحراء وموريتانيا، في وقت نفت نواكشوط ذلك.
كما تزداد لهجة "الانتقام"، حيث اعتبرت أحزاب جزائرية الحادثة بأنها "إعلان حرب" من قبل المغرب.
ولم ينفع النفي المغربي ولا تأكيد الرباط على روابط حسن الجوار، في تحسين الأجواء بين الطرفين.
وتعدّ هذه الحادثة حلقة من سلسلة توترات شهدها البلدان. وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد أوقف تجديد عقد خط الغاز الذي يمر بالمغرب ويصل إلى إسبانيا.
هذا التصعيد المريب يثير علامات استفهام بشأن توقيته والغاية منه، إلا أن الأمر الأكيد أن التوتر ليس وليد الساعة، بل هو جزء من مواجهة بدأت مع حرب الرمال التي عكرت صفو البلدين منذ 6 عقود.
جريمة حرب
في هذا السياق، يرى الأكاديمي الجزائري وفيق بوقعدة أن "اتهامات الجزائر بقصف شاحنة من قبل المغرب، موثّق بالصور ومقاطع الفيديو".
ويلفت بوقعدة، في حديث إلى "العربي" من الجزائر، إلى أن "المغرب لم يقدّم أي دليل على أنه لم يتورط في العملية".
ويشير بو قعدة إلى أنه "بدل تقديم اعتذار، تحاول الرباط الهروب إلى الأمام".
ويقول: "توجهت الجزائر إلى محكمة العدل الدولية ضد المغرب باعتبار ما حصل جريمة حرب".
منطقة حرب
من جهته، يرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة محمد الخامس، محمد تاج الدين الحسيني، أن "النظام الجزائري اتخذ نهجًا غريبًا من نوعه في علاقة حسن الجوار".
ويعتبر الحسيني، في حديث إلى "العربي" من الرباط، أن "النظام الجزائري أعلن أن الحادثة حصلت في الأراضي الموريتانية، لكن نواكشوط نفت ذلك".
ويقول: "لم تحدد الجزائر نقطة تنفيذ العملية، بل اكتفت بتحديد منطقة تمتد على أكثر من 3 آلاف كيلومتر".
ويضيف: "لماذا اختارت الشاحنة المرور في طريق مليء بالألغام إن كانت تجارية فقط، خصوصًا وأن البوليساريو أعلنت أكثر من مرة أنها منطقة حرب؟".
يجب الانتظار
بدوره، يعتبر الأستاذ المحاضر في جامعة جورج واشنطن ريتشارد تشازدي أن "التردي في العلاقات بين البلدين يعود لعقود في الماضي".
ويرى تشازدي، في حديث إلى "العربي" من واشنطن، أن "هناك عدة أمثلة للاتهامات التي يكيلها الطرفان لبعضهما".
ويشرح أنه "في أغسطس الماضي وجّهت الجزائر اتهامات للرباط بما يخص الحرائق في غاباتها، ومن ثم اتهمتها بالتجسس في ما عُرف ببرنامج بيغاسوس".
ويضيف: "الاتهامات متبادلة في عدد من القضايا بين الطرفين، لذا يجب الانتظار لمعرفة المزيد من التفاصيل حول ما جرى في تلك العملية".