يتألم الطفل الفلسطيني أمير في المستشفى المعمداني في غزة، ويصرخ نتيجة حروق أُصيب بها جراء قصف الاحتلال على حي الشجاعية، وهو واحد من آلاف المصابين بحروق يتعذر معالجتها في القطاع المحاصر، الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي متواصل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
يرقد أمير (خمسة أعوام) في سريره بعيدًا عن والدته المصابة بدورها، والراقدة في غرفة أخرى في المستشفى، والتي تقول في فيديو لوكالة "فرانس برس" في غزة: "لا أستطيع الجلوس على السرير أو الجلوس بجانب أمير" الذي يجلس قربه خاله.
ويشير أمير وهو يذرف الدموع إلى أن والده استشهد، ثم يصرخ مجددًا بينما يحاول إزالة أنبوب طبي عنه.
ويقول طبيب الطوارئ في المستشفى الدكتور أمجد عليوة لـ"فرانس برس": "تصلنا بشكل يومي حالات حروق من الدرجة الثانية والثالثة نتيجة القصف الصاروخي ونتيجة استعمال أسلحة محرّمة دوليًا من الجيش الإسرائيلي".
تشويه الأجساد والوجوه
ويضيف: "معظم الحالات التي تأتينا هي لأطفال ونساء، وليست لدينا أي إمكانية للتعامل معها، ولا توجد عندنا مادة السلفاديرم اللازمة لتضميد الحروق. وليس لدينا شاش وفازلين غير لاصق خاص بالحروق، فنقوم باستعمال مراهم تُشترى من المستودعات والصيدليات الخاصة وشاش غير معقم...".
وفي الأسابيع الأخيرة، تحدّثت مؤسسات طبية عن ارتفاع في حالات الحروق في غزة، في ظلّ الحرب الإسرائيلية المتواصلة على القطاع.
وكان المتحدث باسم الدفاع المدني في قطاع غزة محمود بصل قد تحدث في وقت سابق، عن وصول إصابات إلى المستشفيات لحالات تعرضت إلى تشويه في أجسادها.
وأوضح في حديث للتلفزيون العربي، أن هذه الحالات ناتجة عن استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي لأسلحة جديدة تسبب الحرق.
وقال إن كثيرًا من الحالات تظهر فيها الوجوه محترقة بشكل واضح وغريب، وهناك حالات تفتت في العظام.
إصابات تحتاج لشهور من الرعاية
وفي القدس المحتلة، تقول جولي فوكو (34 عامًا)، وهي منسّقة طبية في منظمة "أطباء بلا حدود" متخصّصة في مجال الحروق بالحروب: "تعمل بعض فرقنا في مستشفى ناصر في مدينة خانيونس (في جنوب القطاع)، وتدعم بعض فرقنا ما نسمّيه وحدة علاج صدمات حروق الإصابات".
وتضيف: "استقبلنا منذ شهرين أكثر من 69 إصابة بحروق. (...) كنّا في البداية نجهّز 25 سريرًا، والآن يصل عدد الأسرّة إلى 70 تقريبًا، والأقسام ممتلئة".
وتتابع أن بين هؤلاء المصابين "10 حروق أصابت أكثر من 20% من منطقة الجسم"، مؤكدة أن 3 من كلّ 4 مصابين بحروق هم أطفال، و40% منهم من النساء".
وتشير إلى أن "علاج الحروق يتطلّب مستوى عاليًا من الإشراف والوقاية والنظافة، والشفاء من الحروق عملية طويلة من حيث الاستقرار والتدخّل الجراحي وتتطلّب أسابيع وشهورًا من الرعاية".
ويقول مدير إدارة الإمداد والتجهيز في الدفاع المدني في قطاع غزة محمد المغير، إن الاحتلال يستخدم أسلحة جديدة حادة تتسبّب في زيادة الاشتعال وفي حروق.
ويردف بأن "بعض هذه الأسلحة تصل درجات الحرارة التي تخرج منها في نقطة الانفجار إلى 7000 درجة مئوية، وهي قادرة على صهر الأجساد وإخفاء جثث".
ويشير المغير إلى "أن عمليات الاستهداف الآن تطال مناطق فيها خيم من النايلون تحتوي على أشياء بدائية مثل الخشب والبلاستيك، وكل ذلك يؤثر بشكل مباشر على سرعة وزيادة الاشتعال".
ويشدّد المغير على "تأثير هذه الحروق المباشر على حياة الأشخاص... تصيب طبقات الجلد وتحرق طبقات من العصب، وهناك أشخاص يصابون بالإعاقة نتيجة ذلك، غير أولئك الذين يفقدون أطرافًا". ويصف الوضع بالصعب جدًا والمأساوي.