تتفاقم في لبنان ظاهرة قطع الأشجار بشكل عشوائي منذ سنوات، حيث عصفت الأزمة الاقتصادية في البلاد، متسببة بارتفاع أسعار المحروقات الأمر الذي دفع كثيرين، للجوء إلى الحطب للتدفئة، عوضًا عن الوسائل التقليدية الأخرى.
وعادة ما يتم السماح بقطع الأشجار، لا سيما المريضة منها، بإذن من البلديات اللبنانية، خلال موسم الشتاء، لكن القطع العشوائي تفاقم حتى وصل منطقة تعرف بـ"أحراش برقا" المرتفعة مستهدفين بشكل أساسي أشجار "اللزاب" المعمرة.
ووفق وزارة الزراعة اللبنانية، فإن الأحراش باتت تُغطي 13% فقط من مساحة لبنان، وذلك بسبب التوسع الحضري وازدياد الحرائق التي تشهد ارتفاعًا في وتيرتها خلال السنوات الماضية.
تمهيد للسكن في الأراضي الحرجية
المهندس البيئي، زياد أبي شاكر، قال في حديث إلى "العربي"، إنه رغم وجود عدد كبير من المحميات الطبيعية، التي لم تطلها تلك الظاهرة بسبب الحراسة المشددة عليها، لكنه مع "انحلال دور الدولة" بحسب أبي شاكر، وسبل تطبيق القوانين، فإن الأمر تجاوز القطع حتى الحرائق المفتعلة.
وأشار أبي شاكر، إلى أن تلك الحرائق تمهد للسكن فوق الأراضي الحرجية، أو تجريد الأحراش من الحطب، الذي بات السبيل الأسرع للتدفئة مع تفاقم أزمة أسعار المحروقات، موضحًا أن هذا ما شهدته منطقة عكار الشمالية الصيف الماضي، بعد حريق كبير.
وشهدت محافظة عكار شمالي لبنان حريقًا ضخمًا، صيف عام 2021، نشط بفعل سرعة الرياح، ودفع السلطات اللبنانية لطلب المساعدة من قبرص، وقضى على الآف الهكتارات من المنطقة المعروفة بثروتها الحرجية. كذلك سبق الحراك الشعبي خريف عام 2019، سلسلة حرائق، تخطت الـ100 حريق، وطالت 3000 هكتار من الغابات والمساحات الخضراء.
بديل للتدفئة في الشتاء
ورأى أبي شاكر، أنه لا يمكن حماية الغابات من ظاهرة القطع، دون تأمين بديل حقيقي للتدفئة، في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يعانيها المواطن.
وبات الاعتماد على المازوت للتدفئة مكلفًا للغاية، مع رفع الدعم الحكومي عن استيراد الوقود، وفقدان الليرة أكثر من 95% من قيمتها أمام الدولار وتراجع القدرات الشرائية للسكان. ويتجاوز سعر صفيحة المازوت، اليوم، أكثر من مليونين و200 ألف ليرة، وهو ما يعادل الـ33 دولارا أميركيا.
وتشتد الأزمة الاقتصادية التي يشهدها لبنان منذ خريف عام 2019، إذ بات أكثر من 80% من السكان تحت خط الفقر. ويعاني نحو مليوني شخص، بينهم 700 ألف لاجئ سوري، من انعدام الأمن الغذائي.
أبي شاكر، يعتقد أن عملية القطع العشوائي، ممكن أن تكون عملية منظمة للكسب المادي، مع ضرورة وجود مسلتزمات قطع متطورة، وهذا ما لا يملكه العديد من اللبنانيين.