السبت 2 نوفمبر / November 2024

كارثة "تيتان" المشؤومة.. ركّاب يتذكّرون تجاربهم السابقة مع "أوشين غيت"

كارثة "تيتان" المشؤومة.. ركّاب يتذكّرون تجاربهم السابقة مع "أوشين غيت"

شارك القصة

فقرة من برنامج "الأخيرة" تسلط الضوء على وفاة ركاب الغواصة "تيتان" (الصورة: أسوشييتد برس)
وصف بعض الأشخاص قرارهم بالغوص على أنه "ساذج بعض الشيء"، لكن آخرين عبّروا عن ثقتهم، وشعروا أنّهم "في أيدٍ أمينة" على عمق 3962 مترًا تحت سطح المحيط.

منذ بدء عمليات البحث عن الغوّاصة "تيتان" التي فُقدت قرب حطام سفينة "تيتانيك" التي غرقت قبل 111 عامًا في شمال الأطلسي، اتُهِمت شركة "أوشن غيت" المشغّلة للغوّاصة بالإهمال لناحية السلامة.

وفي أعقاب الانفجار الداخلي الذي حدث للغوّاصة، وصف بعض الأشخاص الذين شرعوا في رحلات مع الشركة في أعماق البحار التجارب التي أنذرت بالمأساة، ونظروا إلى قرارهم بالغوص على أنه "ساذج بعض الشيء".

لكن آخرين عبّروا عن ثقتهم، وقالوا إنّهم شعروا بأنّهم "في أيد أمينة" على عمق 3962 مترًا تحت سطح المحيط.

"لعبة روليت روسية"

وقال برايان ويد، مشغّل الكاميرا في برنامج "إكسبيديشن أنون" على قناة ديسكفري، لوكالة أسوشييتد برس: "كنت أعلم 100% أن هذا سيحدث"، مشيرًا إلى أنّه شعر بالغثيان في معدته منذ اختفاء الغوّاصة يوم الأحد.

في مايو/ أيار 2021، ذهب ويد في اختبار غوص على متن "تيتان" في أثناء استعداده لرحلاته الاستكشافية الأولى إلى سفينة "تيتانيك" الغارقة. وكان ويد وزملاؤه يستعدّون للانضمام إلى رحلات "أوشن غيت" (OceanGate) لتصوير حطام السفينة الشهير، في وقت لاحق من ذلك الصيف.

لكنّهم سرعان ما واجهوا مشاكل، حيث توقّف نظام الدفع عن العمل، وفشلت أجهزة الكمبيوتر في الاستجابة، وتمّ إغلاق نظام الاتصالات.

عندها، حاول المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "أوشن غيت إكسبيديشنز" راش ستوكتون، الذي توفي في حادثة الغوّاصة، إعادة تشغيل السفينة، واستكشاف الأخطاء وإصلاحها على شاشات اللمس الخاصة بها.

وقال ويد: "يمكنك أن تقول إنّه (راش) كان مرتبكًا وغير سعيد حقًا بأداء السفينة، لكنّه كان يحاول التخفيف من تداعيات الحادث، محاولًا اختلاق الأعذار".

يومها، كانت الغوّاصة بالكاد على عمق 30 مترًا في المياه الهادئة، ما دفع ويد إلى التساؤل:"كيف ستصل هذه الغوّاصة إلى 12500 قدم، وهل نريد أن نكون على متنها؟".

بعد فشل الرحلة، عيّنت الشركة مستشارًا من البحرية الأميركية لفحص الغوّاصة "تيتان".

وقال ويد: إنّ المستشار قدم تقريرًا إيجابيًا في الغالب، لكنّه حذّر من عدم وجود أبحاث كافية حول هيكل "تيتان" المصنوع من ألياف الكربون، مبديًا قلقه من أنّ الهيكل لن يُحافظ على فعاليته على مدار جولات غوص متعدّدة.

وأضاف ويد أنّ راش كان بائعًا يؤمن حقًا بتكنولوجيا الغواصة، وكان على استعداد لوضع حياته على المحك من أجلها.

وعن الرحلة الاستكشافية المحتملة في "تيتان"، قال ويد: "لقد بدا الأمر أكثر فأكثر، وكأننا لن نكون أول من يُصوّر تيتانيك. كنا سنكون ربما الرحلة العاشرة. شعرت أنّه في كل مرة تنخفض فيها الغوّاصة، ستُصبح أضعف. وهذا يُشبه إلى حد ما لعبة الروليت الروسية".

سبح ويد مع أسماك القرش، ودخل الكهوف البعيدة، وغاص بالجليد عبر سيبيريا، لكنّه انسحب هو وزملاؤه من الغوص إلى تيتانيك.

وقال: "لم يكن لدي شعور جيد حيال ذلك. لقد كان خيارًا صعبًا حقًا".

"شعرت دائمًا أنّني بأيد أمينة"

من جهته، أكد مايك ريس، كاتب البرنامج التلفزيوني "ذا سيمبسونز" (The Simpsons)، أنّ لديه تجارب إيجابية في الغوص التي قام بها مع "أوشن غيت"، بما في ذلك موقع حطام "تايتانيك".

وقال ريس: "عندما أخبرتني زوجتي بالفكرة لأول مرة، بدا لي الأمر طريقة ممتعة للتعرّض للقتل. كنت أعرف مخاطر الخطوة، لكننّي لطالما شعرت أنني في أيد أمينة".

خاض ريس ثلاث رحلات مع "أوشن غيت" في المياه بالقرب من مدينة نيويورك، مشيرًا إلى أنّ الشركة أخذت إجراءات السلامة على محمل الجد.

عن تجربة الغوص إلى تيتانيك عام 2022، قال ريس: "سار الأمر بشكل مذهل. إنّها رحلة تستغرق 10 ساعات، غُصنا إلى عمق ميلين ونصف، ثمّ عدنا إلى مستوى سطح البحر. ولم يتغيّر الضغط في أذني في أي وقت. بالنسبة لي هذا إنجاز رائع".

وأضاف ريس أنّه كان في "حالة ذهنية مختلفة" في أثناء الرحلة الاستكشافية، لأنه كان منسجمًا للغاية لدرجة أنّه لم يكن يشعر بالجوع والعطش.

وقال: "تُصبح نوعًا مختلفًا من الأشخاص. أنت تعلم أنّك يمكن أن تموت، ولكن هذا لا يزعجك".

أكد ريس أنّه لاحظ بعض المشكلات مع "تيتان"، على الرغم من أنّه لم يكن متأكدًا من أنّ ذلك عبارة عن خلل، "على سبيل المثال، لم تعمل الاتصالات دائمًا، إذ فقدنا خدمة الهاتف المحمول. وبدأت بوصلة تيتان تتغيّر، عندما وصلنا إلى قاع المحيط بالقرب من سفينة تايتانيك الغارقة".

وقال: "لا أعرف ما إذا كان هذا هو عطل في المعدات، أم لأنّ المجال المغناطيسي مختلف على بعد ميلين ونصف الميل".

"العطل القاتل هو ما سوف نتذكّره"

لم يركب آرني وايسمان، رئيس تحرير موقع "ترافل ويكلي"، غوّاصة "تيتان" مطلقًا على الرغم من قضائه أسبوعًا على متن سفينة الدعم في أواخر مايو/ أيار الماضي، بانتظار تحسّن الطقس. صعد لفترة وجيزة إلى الغوّاصة، ولكن تمّ  إلغاء رحلة الغوص في النهاية.

كانت الرياح والضباب والأمواج هي الأسباب المعلنة، لكن وايزمان تساءل عما إذا كانت الغوّاصة مستعدة للرحلة أيضًا.

في إحدى الليالي، أخبر راش وايزمان أنّه حصل على ألياف الكربون لهيكل "تيتان" بخصم كبير، لأنه تجاوز مدة صلاحيته للاستخدام في الطائرات، لكنّه في الوقت نفسه طمأنه بأنّه آمن.

وقال وايزمان: "لقد شعرت حقًا بأنّ هناك شخصيتين لراش، القائد الجيد لفريق الغوص، والذي يُنجز العمل، والمغرور الواثق من نفسه بينما الآخرون ملعونون".

ويتذكّر وايزمان أنّ راش عقد اجتماعات تخطيط مطوّلة، وحثّ على قراءة كتاب بعنوان "بيان قائمة التحقّق: كيفية تصحيح الأمور" تركه في صالة السفينة.

وقال وايزمان: "إذا كان الإصلاح مُعقدًا، فإن راش سيتأكد من أنّه تمّ بشكل صحيح بعد الانتهاء منه".

لكن وايزمان يعتقد أنّ راش كان لديه "عيب فادح، وهو الثقة المفرطة في مهاراته الهندسية، ويعتقد أنّه كان رائدًا في مجال نادر لم يخضه الآخرون، لأنهم كانوا متمسكين بالقواعد".

وقال: "لكن في النهاية، العيب القاتل هو ما سيذكّرنا براش، على الرغم من أنّه كان إنسانًا ثلاثي الأبعاد مثل أي شخص آخر".

"كنت ساذجًا بعض الشيء"

كان آرثر لوبل، رجل أعمال متقاعد ومغامر من ألمانيا، من بين أول عملاء "أوشن غيت" الذين غطسوا في الغوّاصة الغارقة.

فُقدت "تايتن" قرب حطام سفينة "تيتانيك" التي غرقت قبل 111 عامًا في شمال الأطلسي
فُقدت "تايتن" قرب حطام سفينة "تيتانيك" التي غرقت قبل 111 عامًا في شمال الأطلسي- غيتي

وقال لوبل لوكالة "أسوشييتد برس": "عليك أن تكون مجنونًا بعض الشيء، للقيام بهذه الأمور".

وكان راش والغوّاص الفرنسي بول هنري نارجوليه، وراكبان بريطانيان آخران زملاءه في الرحلة.

وقال: "تخيّل أنبوبة معدنية يبلغ طولها بضعة أمتار، مع لوح من المعدن كأرضية. لا يمكنك الوقوف أو الركوع. الجميع يجلس بالقرب من أو فوق بعضهم البعض. يجب أن لا تكون تعاني من رهاب الأماكن المغلقة".

وأضاف أنّه خلال فترة النزول والصعود التي استمرّت ساعتين ونصف الساعة، تمّ إطفاء الأنوار للحفاظ على الطاقة، حيث كانت الإضاءة الوحيدة تنبعث من مصباح فلوري مستطيل".

وتمّ تأخير الغوص مرارًا وتكرارًا لإصلاح مشكلة في البطارية، والتوازن في الثقل. في المجموع، استغرقت الرحلة 10 ساعات ونصف الساعة.

ووصف لوبل راش بأنّه عامل إصلاح حاول الاكتفاء بما كان متاحًا للقيام بالغوص، ولكن بعد فوات الأوان. لقد كان الأمر مريبًا بعض الشيء".

وقال لوبل: "لقد كنت ساذجًا بعض الشيء، إذا ما عدت بالذاكرة إلى الوراء"، في إشارة إلى قيامه بالرحلة.

تابع القراءة
المصادر:
العربي - أسوشييتد برس
Close